قال رئيس بعثة الجامعة العربية في بغداد مختار لماني ان مؤتمر المصالحة العراقية المتوقع ان يعقد مطلع آب اغسطس المقبل في بغداد برعاية الجامعة يجب ان يحدد اهدافاً واقعية قابلة للتحقيق معتبراً ان"انعدام الثقة الشديد"بين الاطراف العراقية يجعل من المستحيل حل قضايا مهمة، وحذر من ان"بذور الحرب الاهلية موجودة في العراق"عن طريق وجود"جماعة متطرفة في كل طائفة". وقال لماني، الذي وصل قبل ستة اسابيع الى بغداد حيث افتتح بعثة الجامعة، انه"من الافضل ان يكون المؤتمر بداية لاطلاق عملية وفاق، وان يحدد لنفسه اهدافا يمكن تحقيقها". واضاف:"هناك مشاكل يستحيل حلها الآن في ظل انعدام الثقة الشديد بين الاطراف"العراقية، موضحا ان من بين هذه المشاكل"مسألة مراجعة الدستور ووضع كركوك ومشكلة الميليشيات داخل المؤسسة الامنية العراقية". يذكر ان الدستور العراقي تضمن نصاً يقضي بمراجعته بعد تشكيل البرلمان الدائم الذي انبثق عن انتخابات الخامس والعشرين من كانون الاول ديسمبر الماضي. وتمت اضافة هذا النص بناء على طلب الاحزاب السنية التي ترغب خصوصاً في تعديل الفقرة المتعلقة بالنظام الفيديرالي في البلاد. واكد لماني انه"من الافضل التركيز في المرحلة الراهنة خلال مؤتمر الوفاق على المشاكل الاقل صعوبة التي ربما يمكن البحث عن حلول لها مثل قضية احتواء العنف الطائفي وكيف يمكن توفير الضمانات لعودة المهجرين الى بيوتهم وحمايتهم". وقال ان ضمن القضايا التي يمكن بحثها الآن كذلك"قضية اجتثاث البعث والحوار مع الجماعات المسلحة والموقف من الجيش العراقي السابق الذي تم تسريح اعضائه". وتابع ان"عددا كبيرا ممن كانوا في الجيش العراقي وتم تسريحهم لجأوا الى حمل السلاح، وهؤلاء يجب فتح حوار معهم والاتفاق على دور لهم". واوضح لماني ان اجتماعا تحضيريا لموتمر الوفاق الوطني سيعقد في القاهرة الشهر المقبل كي تحدد الاطراف المشاركة"جدول اعمال المؤتمر". وحذر لماني من ان"بذور الحرب الاهلية موجودة في العراق". وقال:"هناك في كل طائفة جماعة متطرفة. والخوف من ان تجر كل جماعة متطرفة طائفة بكاملها خلفها، فهذه بداية حرب اهلية مفتوحة". واضاف"ما آلمني خلال الاتصالات التي اجريتها منذ وصولي الى بغداد مع الاطراف السياسية ورجال الدين والعشائر هو ان كل ما سمعت هو خطابات طائفية مع انعدام ثقة شديد من جانب كل طرف تجاه الاطراف الاخرى". ولفت الى ان"الاطراف تتخذ مواقف متمترسة لانه ليس هناك ادنى ثقة بينها"، مشيراً الى ان"الشيء الوحيد الذي يتفق عليه العراقيون هو ان كل طرف هو ضحية اطراف اخرى"مضيفاً ان"الاحتقان الراهن والتراكمات التاريخية تجعل الوضع في العراق بالغ التعقيد". وانتقد لماني"بناء دولة ما بعد الحرب في العراق على اساس المحاصصة الطائفية وليس على اساس المواطنة"، لكنه اشار الى"وجود بصيص امل بسبب بدء تولد قناعة جديدة لدى كل الاطراف لا يمكن ان يحكمه طرف بمفرده وان لم يتفقوا بعد على الطريقة التي يمكن من خلالها تحقيق مشاركة الجميع وعدم اقصاء اي طرف". من جهة أخرى، قال لماني ان عمليات التهجير القسري في العراق بلغت درجة عالية من الخطورة مؤكداً ان"3500 اسرة مسيحية هاجرت من بغداد أخيراً الى كردستان بسبب تعرضها لتهديدات". وأوضح ان"كل اعضاء طائفة الصابئة في بغداد، الذين يراوح عددهم بين 20 و25 الف شخص قدموا طلبا للهجرة الجماعية الى كردستان". وحذر لماني من"ان مشكلة التهجير القسري اتسعت بشكل كبير ولم تعد تقتصر على السنة والشيعة فقط بل تشمل كل الاقليات الاخرى"، ودعا الى اعادة المهجرين الى منازلهم"وتوفير الحماية لهم". وكان الرئيس العراقي جلال طالباني اكد الاربعاء التوصل الى اتفاق على مبادرة المصالحة الوطنية التي اقترحها رئيس الوزراء نوري المالكي، مشيراً الى انها ستشمل المسلحين. وقال طالباني، بعد لقاء مع رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني"بعد مفاوضات واسعة اتفقنا على ان تشمل هذه المبادرة كل العراقيين بمن فيهم الذين حملوا السلاح لكنهم لم يرتكبوا جرائم خطرة ضد المواطنين". واوضح ان المالكي سيكشف تفاصيل هذه المبادرة في خطاب يلقيه الاحد في مجلس النواب. وأكد طالباني اتفاق كل الأطراف، بما فيها"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعية و"جبهة التوافق"السنية، على الخطوط العريضة للمبادرة وليس على تفصيلاتها وآلية العمل لتفعيلها. وأكد ان مشروع المالكي للمصالحة يلقى قبولاً من كل الأطراف، مشدداً على"عدم وجود خلاف حقيقي عليه، لكنها مسألة اجتهادات اتفقنا بشأنها في شكل ديموقراطي". وأضاف ان"باب المصالحة سيكون مفتوحاً للجميع، وانها ستنعش الجو السياسي ايجابياً وتعطي الامل للعراقيين"وزاد ان"التشكيلة الحكومية هي احد جوانب المصالحة لانها تضم اطرافاً سياسية كانت متنازعة تعمل اليوم بطريقة مشتركة". وافاد ان اجتماع الاربعاء جدد تأييده مؤتمر الوفاق الوطني الذي سترعاه الجامعة العربية كما بحث في موضوع المجلس السياسي لهيئة الامن الوطني. من جهته اكد القيادي في"الائتلاف"بهاء الاعرجي ل"الحياة"ان كتلته مع المبادرة لكن اقرارها لا يعني تنفيذها الآن، لافتاً الى ان"المبادرة بحاجة الى اصدار اوامر وقوانين بالتنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من جهة والقضائية والأجهزة الامنية من جهة ثانية. وأضاف ان"رؤساء الكتل البرلمانية سيعقدون اجتماعاً السبت لبيان ملاحظاتهم على بنود المصالحة، وان موافقتهم عليها كخطوة اولى ستعني اعلانها في جلسة الاحد". واكد عضو"جبهة التوافق"ظافر العاني"وجود توافق بشأن مبادرة المالكي لكن هناك خلافات في كيفية تنفيذها". ولفت الى ان"جبهة التوافق ترى في جدولة الانسحاب الأجنبي وامساك القوى العراقية بالملف الأمني خطوتين باتجاه التهدئة، بحيث لن تكون للمسلحين عندئذ حجة في رفع السلاح، وستتم غربلة المقاومة المسلحة عن التنظيمات الإرهابية"مشيراً الى"ضرورة تزامن ذلك مع حل الميليشيات وبناء جيش قوي وتفعيل القضاء والا فإن المصالحة ستبقى حبراً على ورق".