بطولة كأس العالم في كرة القدم التي انطلقت في ألمانيا، صارت معركة إعلامية بامتياز على الشاشات العربية: محطة تحتكر البث، وبقية المحطات تبحث عن أفضل تغطية ممكنة للحدث الإعلامي الأبرز على الساحة الآن. والسلاح الذي أشهرته"شبكة راديو وتلفزيون العرب"، في خضم هذه الحرب، إطلالة سريعة على شاشة قناة"عين"التلفزيونية، المحطة غير المشفرة للشبكة، للداعية الإسلامي عمرو خالد متحدثاً بأسلوب رزين - يليق بالمقام الذي أطل على الشاشة من أجله - عن الذين يشاهدون كأس العالم بطرق غير شرعية، في شكل غير مباشر، قائلاً لهم إن هذا خطأ. لكن الأهم من هذا، هو تحوّل الداعية عمرو خالد إلى ناقد إعلامي: يتساءل كيف يمكن المحطات التلفزيونية، وشبكة راديو وتلفزيون العرب مقصودة في شكل أو آخر الإنفاق على نفسها من دون أن يدفع المشاهدون ثمناً، بطريق الاشتراك، ليتطور الإعلام؟ يبدو عمرو خالد غريباً إذ يطل بهيئة الناقد الإعلامي، وهو النجم التلفزيوني الظاهر دوماً على شاشات تلفزيونية كثيرة، يبدو أنه هنا يعتمد على شعبيته كداعية لا كناقد إعلامي، لينظّر لمبدأ"ادفع تشاهد". ويبدو تبسيط الفكرة إلى هذا الحد مثيراً للاستغراب: هل يعقل أن الداعية عمرو خالد لا يعرف أنه في دعايته ينسى الإعلان، وينسى كل ما يتعلق به من مداخيل مادية لا تقل - وتزيد في أحيان كثيرة - عن مداخيل المحطات التلفزيونية من عوائد الاشتراك التي يدفعها المشاهدون؟ تبدو الهيئة التي يطل بها عمرو خالد على"جمهوره"تبسيطية، فهل الأمر بهذه البساطة: اشتركوا كي تستمر المحطات في العيش؟ صحيح أن لا نبرة تهديد في الإعلان، على شاكلة"غذّونا وإلا فقدتمونا"، لكن ذلك التسطيح لمفهوم إعلام"ادفع - تشاهد"خطير، فمنذ متى كان هدف الدفع أن يستمر من يغذيك بالصورة، لا رؤية الصورة ذاتها؟ وهل المشاهد مسؤول عن تدبير الأموال للمحطات التلفزيونية كي تعيش؟ هل يدفع أحد فاتورة الكهرباء بهدف دعم الشركة وتأمين مدخول مادي لها لتستمر؟