بدا أمس أن المعارك الدائرة في مقديشو، منذ خمسة أيام، بين ميليشيات"المحاكم الإسلامية"وتحالف"ضد الإرهاب"تدعمه الولاياتالمتحدة، تسير في مصلحة الطرف الأول الذي حقق تقدماً على الأرض. وتقول مصادر الأممالمتحدة انه يسيطر على ما لا يقل عن 80 في المئة من العاصمة الصومالية. ويُشكّل هذا التقدم للإسلاميين، في حال استطاعوا تكريسه، نكسة لجهود الأميركيين في حربهم ضد"الإرهاب"في القرن الأفريقي، علماً انهم يشتبهون في أن عدداً من قادة تنظيم"القاعدة"يختبئون لدى ميليشيات"المحاكم الإسلامية"التي تنفي ذلك. وتشكل معارك مقديشو أيضاً نكسة قوية لجهود إقامة حكومة مركزية في البلاد الغارقة في الفوضى منذ إطاحة نظام الرئيس سياد بري العام 1991 على يد تحالف من"أمراء الحرب"وزعماء القبائل، الذين سرعان ما انقلبوا على أنفسهم في صراع دام على السلطة. ونقلت وكالة"فرانس برس"من مقديشو أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أفادت ان عدد ضحايا المعارك وصل الى ثمانين قتيلاً. وقال شهود ان ما لا يقل عن 17 شخصاً بينهم أطفال قتلوا ليل الأربعاء - الخميس في معارك بالأسلحة الثقيلة في شوارع العاصمة، بينما أوردت وكالة"رويترز"ان عدد القتلى بلغ 27، ليرتفع العدد الى اكثر من 120 قتيلاً خلال 5 ايام. وأفاد تقرير وضعته مجموعة من خبراء الأممالمتحدة، ونشر مساء الاربعاء في نيويورك، ان مقاتلي المحاكم الشرعية حققوا تقدماً ميدانياً في المواجهات وباتوا يسيطرون على"نحو ثمانين في المئة"من مقديشو. وتمكنت الميليشيات الإسلامية من ترسيخ وجودها في أحياء كان يسيطر عليها في السابق خصومها من"التحالف من أجل إرساء السلام والتصدي للإرهاب"الذي يضم رجال أعمال وزعماء حرب صاروا وزراء في الحكومة الحالية. وخلص تقرير الخبراء الى ان التحالف"اُضعف الى حد بعيد". وتقول تقارير من مقديشو إن الميليشيات الإسلامية استطاعت إعادة الأمن الى عدد كبير من أحياء مقديشو بعدما كانت تعمها الفوضى في ظل سيطرة زعماء الحرب. وتريد ميليشيات المحاكم فرض تطبيق الشريعة الإسلامية في الصومال، وهي تنفي باستمرار أن تكون تؤوي ناشطين في"القاعدة"، مثلما يشتبه الأميركيون. ويُعتقد على نطاق واسع بأن الأميركيين القلقين من انتشار خلايا"القاعدة"والتنظيمات التي تحمل فكراً شبيهاً لها في دول القرن الأفريقي، لجأوا الى الاتصال بعدد من زعماء الحرب النافذين في العاصمة الصومالية وقدّموا لهم دعماً في إطار توحيد صفوفهم للتصدي للنفوذ المتنامي ل"المحاكم الشرعية". وتشكل"تحالف زعماء الحرب"في شباط فبراير الماضي وكبر نفوذه بسرعة ملحوظة، مما عزز التكهنات بأنه يلقى دعماً أميركياً. وخاض التحالف معارك متواصلة مع الإسلاميين على مدى الشهور الماضية، لكنه لم يُحقق فيها أي نتيجة، بل استطاع الإسلاميون في آذار مارس السيطرة على مرفأ ومطار قرب مقديشو. ومنذ ذلك الوقت تدور معارك متفرقة بين الطرفين اللذين أخذا أخيراً في حشد العناصر ودفع تعزيزات ونقل الأسلحة الى مواقعهما المتقابلة، خصوصاً في الضواحي الشمالية الفقيرة لمقديشو، استعداداً لمواجهة حاسمة.