تتحدث كل دول أميركا الجنوبية - باستثناء البرازيل - ومعظم دول أميركا الوسطى والكاريبي اللغة الإسبانية، وتلك الدول لديها الرصيد الأكبر من أحداث الشغب والعقوبات في نهائيات وتصفيات كأس العالم، ويكفي أن نذكر الحرب الشعواء التي دارت بين دولتي السلفادور وهندوراس بسبب مباراة في تصفيات كأس العالم 1970. والتاريخ القديم يذكر أن أول لاعب تعرض للطرد في"المونديال"عام 1930 كان من بيرو، والتاريخ الحديث يقول إن منتخب الأرجنتين هو الأكثر حصولاً على البطاقات الصفراء للإنذار والحمراء للطرد، بين 32 منتخباً تأهل لمونديال 2006. وكان الحكم الشيلي وارنكين لمباراة رومانيا ضد بيرو في 14 تموز يوليو 1930 رحيماً للغاية مع كابتن بيرو بلاسيدو غاليندو، عندما اكتفى بإنذاره في الدقيقة 33 في لعبة عنيفة أسفرت عن كسر ساق الروماني شتاينر، ولكن صبر الحكم نفد مع عنف جديد من غاليندو في الدقيقة 54 ولم يتردد في طرده، في واقعة هي الأولى في نهائيات كأس العالم، وخسرت بيرو 1 - 3 ومنح حكام مباريات الأرجنتين في تصفيات قارة أميركا الجنوبية المؤهلة لمونديال 2006 لاعبي منتخب التانغو 43 إنذاراً و4 بطاقات حمر. فريقا بيرووالأرجنتين ليسا الوحيدين اللذين يمتلكان سجلاً فريداً في العنف بين دول أميركا الجنوبية والوسطى في نهائيات كأس العالم، ولدى المكسيك إحدى الدول المتأهلة بوفرة إلى المونديال رقم قياسي سلبي آخر، وهي الوحيدة التي نال لاعبوها بطاقات حمر بانتظام في 3 دورات متتالية، والطريف أن العرب كان لهم دور في هذا الرصيد، وأشهر الحكم الدولي السوري الشهير جمال الشريف بطاقته الحمراء في وجه المكسيكي لويس غارسيا بعد 75 دقيقة من مباراته ضد بلغاريا في ربع نهائي مونديال 1994، وفازت بلغاريا 3-1، وفي مباراتين متتاليتين في كأس العالم 1998 طرد الحكم الدولي السعودي عبدالرحمن الزيد المكسيكي رامون راميريز في الدقيقة الأخيرة من مباراته ضد هولندا في الدور الأول وتعادلا 2 - 2، وكان الحكم الاسكتلندي هيودالاس سريعاً في طرد المكسيكي بافيل باردو بعد 62 دقيقة فقط من مباراته ضد بلجيكا في الدور الأول أيضاً، وأكمل المكسيكيون 46 دقيقة بعشرة لاعبين وتعادلوا 2-2 واعتقد الكثيرون أن المكسيك قادرة على تجاوز محنة البطاقات الحمر في نهائيات 2002، بعد أن تصدرت مجموعتها في الدور الأول برصيد نظيف، ولم يكن أمام المكسيكيين سوى دقيقتين فقط في الدورة بعد تأخرهم بهدفين أمام الولاياتالمتحدة في ثمن النهائي، ولكن المدافع رافاييل ماركيز رفض الخروج عن القاعدة، واعتدى بالضرب من دون داع على منافسه الاميركي في الدقيقة 88، واستحق الطرد الفوري من الحكم البرتغالي فيتور ميلو بيريرا. ولاعب الوسط الأورغواني خوسيه باتيستا لديه رقم قياسي عالمي في المونديال بالحصول على أسرع بطاقة حمراء، وهو زمن يصعب تحطيمه مستقبلاً، ولم يبق باتيستا في الملعب أكثر من 56 ثانية في مباراة فريقه في الدور الأول لنهائيات 1986 ضد اسكتلندا في المكسيك، ولم يلمس خلالها باتيستا الكرة مطلقاً، ولكنه تورط عن عمد في مهاجمة منافسه غوردون ستراخان بكل قسوة وعنف، من دون محاولة اللعب على الكرة، ولم يتردد الحكم الدولي الفرنسي الشهير جويل كينيو في إشهار البطاقة لباتيستا معلناً طرده قبل اكتمال الدقيقة الأولى من المباراة، والعجيب أن الاوروغواي نجحت في الحصول على التعادل السلبي وتأهلت إلى الدور الثاني في تلك البطولة على حساب اسكتلندا. والانذار الأشهر والأغرب في تاريخ المونديال من نصيب لاعب آخر من أميركا الجنوبية، وناله الحارس البيروفي رامون كيروغا في مباراة بلاده في الدور ربع النهائي في الارجنتين عام 1978 ضد بولندا، وكان فريقه متأخراً بهدف نظيف قرب نهاية اللقاء عندما اندفع كيروغا للهجوم مع زملائه لإحراز هدف التعادل، ولكن الكرة انقطعت منه واضطر لعرقلة اللاعب البولندي المستحوذ على الكرة في شكل بالغ العنف، وانذره الحكم على الفور، واصبح كيروغا أول حارس مرمى يتعرض للانذار في نصف ملعب الفريق المنافس. وشهدت نهائيات كأس العالم 1994 في الولاياتالمتحدة نموذجاً جديداً على ميول لاعبي منتخبات أميركا الجنوبية والوسطى من المتحدثين باللغة الإسبانية إلى اللعب العنيف والسلوكيات التي تعرضهم للبطاقات الملونة، وخلت قائمة الدول الثماني الأوائل في المونديال في سباق اللعب النظيف من أي دولة من تلك المنطقة، على رغم أن الصدارة كانت لمنتخب البرازيل الحاصل على اللقب أيضاً، وتبعته منتخبات هولنداوالولاياتالمتحدة والسويد وسويسرا ورومانيا. والأغرب أن كل الدول التي شاركت في تلك النهائيات من تلك المجموعة، وهي الأرجنتينوالمكسيك وبوليفيا وكولومبيا، استبعدت تماماً وباكراً من سباق الفوز بجوائز اللعب النظيف بعد نهاية الدور الأول. وأخيراً كانت تصفيات قارة أميركا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 2006 هي الأكثر حشداً للإنذارات والطرد، ولدى منتخب اوروغواي الذي لم يتأهل إلى النهائيات بعد سقوطه في الحاجز الأخير أمام استراليا العدد الأكبر من الإنذارات لأي منتخب، ونال لاعبوه 50 إنذاراً في 81 مباراة قبل أن يواجه الاستراليين، ويبقى جاره الغربي وهو منتخب شيلي الأكثر حصولاً على البطاقات الحمر في التصفيات، وتعرض سبعة من لاعبي شيلي للطرد في التصفيات، ويبقى دائماً منتخب البرازيل الموجود في القارة الملتهبة نفسها نموذجاً للروح الرياضية، وحصل لاعبوه عبر 81 مباراة على 72 إنذاراً وبطاقة حمراء واحدة.