يعكف وجهاء الفلوجة 50 كلم غرب بغداد على بناء مخيمات لإيواء النازحين إلى المدينة هرباً من القتل، مشابهة لتلك التي شيدت في مدينة النجف 180 كلم جنوبيبغداد فيما تتسع مساحة العنف الطائفي وتتسارع وتيرة هجرة كبرى لاهالي بغداد إلى مناطق داخل العراق او خارجه لتخلو احياء باكملها من ساكنيها وتنخفض اسعار العقارات في العاصمة في مقابل تصاعدها في المحافظات الاكثر امناً. ويؤكد الشيخ عبد الحميد جدوع امام وخطيب جامع الفرقان في الفلوجة ان مئات العائلات نزحت إلى الفلوجة من مناطق في بغداد بعد تعرضها لتهديدات او اغتيال احد ابنائها، وقال ان مطلع هذا الاسبوع سيشهد انشاء مخيمات لعائلات نازحة جديدة في عدد من احياء المدينة التي كانت شهدت قبل عام موجة نزوح لاهلها بسبب العمليات العسكرية الاميركية هناك. ويقول محمد رافع الكبيسي الذي ترك سكنه في حي الاعلام جنوب غربي بغداد متوجهاً وعائلته إلى مدينة"حديثة"في الانبار ان مقتل اخيه علي الكبيسي صاحب مكتب عقار في حي الاعلام دفع به إلى مغادرة المنزل على وجه السرعة مصطحباً عائلته إلى"حديثة"التي له اقارب فيها، لكنه رغم ذلك يخشى تدهور الاوضاع في مكان اقامته الجديد ولذلك يفكر جدياً بمغادرة العراق حال تمكنه من بيع منزله ومكتب العقار الذي يملكه. وكانت دائرة الوقف السني في جنوبالعراق اعلنت اغلاق المساجد السنية في البصرة 500 كلم جنوببغداد لمدة 48 ساعة احتجاجاً على التصفيات الطائفية لاهال من"السنة"في تلك المحافظة، في حين اصدرت هيئة علماء المسلمين بياناً مشابهاً نددت خلاله بالتصفيات والتهديدات التي يتعرض لها الاهالي السنة في مناطق جنوبيالعراق. واعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية ان اربعة الاف عائلة تم تهجيرها من مساكنها في مناطق متفرقة خصوصاً احياء بغداد وضواحيها، لكن البيانات التي توردها منظمات غير حكومية تفوق هذا الرقم. واعلنت منظمة مستقلة لحقوق الانسان ان اكثر من عشرة الاف عائلة هجرت مناطق سكنها الى احياء اكثر أمناً خارج بغداد وان عائلات اخرى هاجرت الى خارج العراق. وتقول ام حسن التي قتل ولدها على يد مجهولين في حي العامرية ببغداد قبل شهر ان حسن كان المعيل الوحيد لعائلتها التي تضم بالاضافة اليها اربع بنات، وتضيف:"لا اعرف لماذا اغتالوا ولدي لكني تلقيت رسالة تهديد بعد اسبوعين تطالبني بالرحيل من المنطقة باعتبار عائلتي شيعية". وتكمل"لم اجد بداً من حمل ما خف من اغراضي والتوجه إلى النجف حيث اقارب زوجي المتوفى". وبالاضافة إلى من يتلقى رسائل تهديد مباشرة تطالبه بالرحيل من منطقته، فأن حال عدم ارتياح عامة لما آلت اليه الامور في البلاد دفعت الكثير من العائلات في بغداد إلى هجر منازلها إلى خارج المدينة، وبعضها بات يعتبر مدناً مثل تكريت والفلوجة والموصل والنجف اكثر اماناً من بغداد لجهة عدم التعرض لتصفية عشوائية على اساس طائفي. وتظاهر في الناصرية 450 كلم جنوببغداد عشرات من العاملين في محطة بيجي الحرارية في صلاح الدين شمال بغداد هاجروا من مناطق سكنهم بالقرب من المحطة إلى جنوبالعراق بعد تعرضهم لاعتداءات وتهديدات بالقتل. وقال رئيس"جمعية الهلال الاحمر"في الناصرية علاء عبد عودة ان عدد العائلات النازحة التي وصلت المدينة في مناطق ابو غريب والنهروان والحصوة وبيجي وصل إلى الف عائلة تعيش ظروفاً صحية وانسانية سيئة. وفيما ارتفعت اسعار العقارات في المحافظات الاكثر هدوءاً انخفضت بمعدلات كبيرة في بغداد. ويؤكد الوسيط العقاري عدنان المنشد ان اسعار العقارات وايجاراتها تراجعت بمعدل 25 في المئة خلال الاشهر الثلاثة الماضية في مختلف انحاء بغداد، وان احياء مثل الجادرية والمنصور واليرموك وسط بغداد اصبحت شبه خالية من سكانها الاصليين الذين رحلوا إلى خارج العراق بانتظار بيع منازلهم بأسعار مناسبة وسط كساد تشهده حركة البيع والشراء. وتشهد مكاتب السفر حركة واسعة لعائلات تغادر البلاد إلى دول عربية مجاورة. ولا تتوافر لدى وزارة المهجرين العراقية ارقام دقيقة عن حركة النزوح إلى الخارج، فيما ترجح مصادر في الوزارة ان نصف مليون عراقي معظمهم من اهالي بغداد غادروا بلادهم اخيرا إلى دول الشتات هرباً من العنف، وان ضعف هذا العدد انتقل إلى محافظات اكثر امناً ينسجم معها طائفياً او عرقيا، ونسبة كبيرة منهم لم تدرج في سجلات النازحين التي استحدثت اخيراً. وحددت المصادر خريطة اولية للنزوح بدأت بانتقال مئات العائلات المسيحية من محافظاتالبصرةوبغداد وديالى إلى مناطق سهل نينوى شمالاً ونزوح عائلات شيعية من صلاح الدين والموصل وديالى وكركوك وبغداد إلى النجف وكربلاء والناصرية، وعائلات سنية من البصرة والكوت وبغداد وديالى إلى الانبار وصلاح الدين والموصل.