رجحت مصادر لبنانية رسمية مرافقة لرئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة في زيارته الى نيويورك، أن تنعكس المواجهة التي جرت بين لبنان وسورية في اجتماع مجلس الأمن أول من أمس تشدداً من قبل المجلس في التعاطي مع سورية خلال مناقشة أعضائه تقرير الأمين العام كوفي أنان حول تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559، في جلسته المخصصة لذلك الأربعاء المقبل. وأوضحت المصادر أن رفض مندوب سورية التجاوب مع مطلبين طرحهما السنيورة في خطابه أمام المجلس، يتعلقان بتحديد الحدود بين لبنان وسورية في مزارع شبعا لاستردادها بعد ادخالها ضمن منطوق القرار 425، وإقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، كان له انعكاس سلبي على موقف دمشق في مجلس الأمن. راجع ص7 وذكرت المصادر أن معلومات الجانب اللبناني أن الدول العاملة في مجلس الأمن كانت تجري مشاورات قبل اجتماع المجلس أول من أمس في حضور السنيورة، تتراوح بين اقتراح صدور بيان رئاسي عن المجلس، وبين صدور قرار جديد يدعو سورية الى التجاوب مع مطالب لبنان التي تندرج في إطار البند المتعلق بالحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله في القرار الدولي. وأكدت المصادر نفسها عن السنيورة لم يكن يتوقع حصول تلك المواجهة مع سورية في مجلس الأمن، لأن طلبه الاجتماع الى أعضائه كان هدفه شرح الوضع اللبناني وما توصل اليه مؤتمر الحوار لطلب دعم الدول الأعضاء، لكن المندوب السوري طلب المشاركة في الجلسة من أجل التعقيب على كلمته وحصل ما حصل، فجاء رد فعل معظم مندوبي الدول الأعضاء متضامناً مع المطالب اللبنانية من سورية، باستثناء المندوب الروسي الذي اعتبر العلاقات وتحديد الحدود مسألة تخص البلدين، داعياً الى تجنيب لبنان التدخل الخارجي. وهو ما طرحه القائم بأعمال البعثة السورية ميلاد عطية. وعلمت"الحياة"ان العرض الذي قدمه السنيورة واللغة التي استخدمها انعكست أيضاً تفهماً عربياً لما طرحه، ظهر خلال اجتماعه بالسفراء العرب المعتمدين في واشنطنونيويورك، وكان لافتاً، حسب مصادر الوفد اللبناني، حضور الديبلوماسي عطية اجتماعاً في نيويورك للسفراء الذين التقاهم السنيورة بعد جلسة مجلس الأمن في مقر اقامته، إذ أبلغ رئيس الحكومة اللبنانية خلال الاجتماع"اننا لا نتمنى أن يجلس لبنان وسورية على طرفي الطاولة في مجلس الأمن فنحن يفترض أن نكون معا. العلاقات بيننا هي علاقات اخوة". وقال إن"لا مشكلة في اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين في النهاية، لكن هناك قوى خارجية تريد لنا أن نختلف مع بعضنا". وقال المندوب السوري للسنيورة"اننا نعتبر أن مزارع شبعا لبنانية"، فرد عليه السنيورة بالمزاح قائلاً له"إن رجلاً غاب عن بلده فتزوجت زوجته في غيابه وحين عاد أراد استرجاعها، وطلب من زوجها الجديد أن يطلّقها، فرد قائلاً له خذها، لكنه لم يطلّقها". ورد المندوب السوري قائلاً:"نحن طلّقناها فخذوها"، وأجابه السنيورة مازحاً:"لكنكم ما زلتم تعاشرونها"، فقال عطية:"غيرنا الذي يعاشرها". وأكد السنيورة للسفراء العرب:"أننا لن نتخلى عن عروبتنا مهما حصل ونحن مواقفنا معروفة وتاريخنا معروف ونعتبر أن علاقتنا مع سورية هي علاقة اخوة وعروبة وجغرافية. وكل ما نريده هو نقلها من مستوى المخابرات الى علاقات طبيعية وأن يتم دعم الدولة لتبسط سلطتها على كل أراضيها وليس هناك من دولة عربية إلا ولها علاقة ديبلوماسية مع كل الدول العربية الأخرى، بما فيها الأردن وسورية كبلدين جارين". وفي وقت أنهى السنيورة زيارته الى نيويورك وغادرها مساء أمس، قال رئيس الحكومة اللبنانية ل"الحياة"إن زيارته الى نيويوركوواشنطن"أدت الى رمي حجر كبير في بركة راكدة انتجت كمية من الدوائر لكن تحويل هذه الدوائر الى نتائج عملية تزداد آثارها لمصلحة لبنان يحتاج الى متابعة دؤوبة من قبلنا". وفي ما يخص زيارته الى نيويورك، أدت الزيارة الى وعد من أنان برد قانوني عما هو مطلوب من لبنان لاستعادة مزارع شبعا الى السيادة اللبنانية من منطوق القرار 425، قريباً، كما أن الجانب اللبناني تلقى وعداً بالسعي لدى رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري القاضي البلجيكي سيرج براميرتس عند انتهاء مهمته منتصف حزيران يونيو المقبل، من أجل تفادي اضاعة الوقت في البحث عن بديل له لاحقاً. وابلغ وزير العدل شارل رزق"الحياة"أن لبنان طلب أيضاً أن يجري تعيين براميرتس مدعياً عاماً للمحكمة ذات الطابع الدولي التي قرر مجلس الأمن انشاءها في خصوص هذه الجريمة، لكن الجانب اللبناني طلب تسريع اجراءات الأممالمتحدة من أجل انشاء المحكمة، إذ أن دوائرها القانونية لم تضع حتى الآن مشروعاً متكاملاً لها منذ صدور قرار مجلس الأمن قبل شهر. وفي دمشق، عقدت أمس جلسة أمام قاضي التحقيق العسكري عبدالرزاق الحمصي الذي قدم اليه المحامي حسام الدين الحبش طلباً قانونياً بإصدار مذكرة توقيف بحق النائب اللبناني وليد جنبلاط واتهامه ب"إثارة حرب أهلية والاقتتال الطائفي"، و"تعريض السوريين لأعمال ثأرية"وتصل العقوبة القصوى فيهما الى الاشغال الشاقة المؤبدة. وقال الحبش ل"الحياة"أمس ان النائب العام العسكري وافق على الإخبار الذي كان قدمه قبل أسابيع وحرك دعوى حق عام بحق جنبلاط، وان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة وافقت على إصدار أمر تحقيق استنطاقي بحق النائب اللبناني.