لم يدخل التمثال الأشهر في العالم - كأس العالم لكرة القدم - منطقة شرق آسيا طوال التاريخ، ودول المنطقة التي حققت طفرة اقتصادية وصناعية وسياحية في السنوات الأربعين الماضية لا تزال فقيرة جداً في فنون كرة القدم، وهي غير موجودة في نهائيات المونديال على مدار 60 عاماً متتالية، وليس لديها الفرصة سواء في تنظيم البطولة أم في إحراز اللقب، وهو ما يحول تماماً بين حصولها على فرصة مشاهدة الكأس أو دخولها إلى حدودها. اللجنة المنظمة لمونديال 2006 خالفت التوقعات، وأهدت فرصة العمر إلى سكان سنغافورة، واندونيسيا، وماليزيا، وتايلاند، خلال الأيام العشرة الأولى من آذار مارس الجاري لإلقاء نظرة حقيقية وعلى الطبيعة، على كأس العالم. متحف الحضارة الآسيوية في سنغافورة كان مسرحاً عبر خمس ساعات متصلة للآلاف من الزوار الذين تخلوا عن تقاليدهم بالنظر إلى التماثيل واللوحات والقوارير التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، واتجهوا بأعينهم إلى الكأس التي ظهرت للنور قبل 32 عاماً فقط، ووضعت الكأس الذهبية خلف زجاج سميك. ولم يسمح لأحد بلمسها إلا اللاعبان الشهيران ادغمار غونسالفيز البرازيلي الأصلي، والنجم التايواني سوارتشكي المحترف في فريق هوم يونايتد المحلي. واحتضنت العاصمة الاندونيسية جاكارتا الكأس يومي 5 و6 أذار مارس إذ وضعت أمام الحاضرين في مؤتمر صحافي وأمام المشاهدين في برنامج تلفزيوني على الهواء وأخيراً أمام ضيوف عشاء فاخر، وفي اليوم التالي ظلت معروضة في متحف المدينة 12 ساعة من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساء. وبنهاية الجولة الفريدة للكأس في جنوب شرق آسيا ستكون في العاصمة الماليزية كوالالمبور يومي 8 و9 ثم العاصمة التايلاندية بانكوك يومي 11 و12 آذار مارس الكأس الذهبية تتجول حول العالم للمرة الأولى في التاريخ، وهي اقتصرت منذ تصميمها عام 1974 على البقاء بين أيدي رجال"الفيفا"أو اللاعبين الفائزين باللقب، وظلت دائماً في مقار الاتحادات الوطنية الفائزة بالبطولات.. ألمانيا عامي 1974 و1990 والأرجنتين عامي 1978 و1986 وايطاليا عام 1982 والبرازيل عامي 1994 و2002 وفرنسا عام 1998. ولكن العزلة الطويلة لكأس العالم وصلت إلى نهايتها، ومنحتها اللجنة المنظمة لمونديال 2006 فرصة أول وأكبر جولة في التاريخ، وهي بدأت في السابع من كانون الثاني يناير الماضي في العاصمة الغانية اكرا، وبقيت في أفريقيا بين لاغوس في نيجيريا ودار السلام في تنزانيا، وجوهانسبورغ في جنوب أفريقيا أيام 11 و41 و71 كانون الثاني يناير، واتجهت الكأس الذهبية غرباً عبر المحيط الأطلنطي إلى ريودي جانيرو في البرازيل في 20 من الشهر نفسه، وبقيت في الحدود البرازيلية في ساوباولو، ومنها إلى مار دي بلاتا في الارجنتين وكيتو في اكوادور وبوغوتا في كولومبيا واسونسيون في باراغواي أيام 22 و 25 و 28 و13 كانون الثاني يناير والرابع من شباط فبراير، وصعدت الكأس شمالاً لتصل إلى سان خوسيه في كوستاريكا ومدينتي مكسيكو سيتي ومونتيري في المكسيك وبورت أوف سبين في ترنيداد وتوباغو وأخيراً في غرب الولاياتالمتحدة ومدينة لوس أنجليس أيام 8 و11 و 13 و 17 و 20 شباط فبراير وعبرت كأس العالم المحيط الهادي غرباً إلى طوكيو في اليابان في 25 شباط فبراير ومنها إلى سيول في 28 من الشهر نفسه، وهما المدينتان اللتان استضافتا عددًا من مباريات كأس العالم الماضية 2002، ومنهما إلى سنغافورة وجاكرتا وكوالالمبور وبانكوك. وفي أكبر بلاد العالم تعدادا تستقر الكأس الذهبية في العاصمة الصينية بكين يومي 14 و15 مارس، ثم تتجه إلى سيدني في استراليا في ختام الجولة الرابعة بين القارات في 17 من الشهر نفسه، ومنها تعود إلى أوروبا حيث تتجول الكأس بين ثمان مدن، عاصمة فرنساباريس، وعاصمة انكلترا لندن، وزيورخ في سويسرا، وروستوف في روسيا، وعاصمة أوكرانيا كييف وعاصمة البرتغال لشبونة، وعاصمة اليونان أثينا، وأخيراً عاصمة ايطاليا روما، والأخيرة استضافت نهائي كأس العالم مرتين عامي 1982 و1990، عبر رحلة طويلة أيام 20 و23 و26 و29 مارس و1 و4 و7 و10 نيسان ابريل المقبل، ومن ايطاليا تعود الكأس الذهبية إلى مقرها في المانيا. والكأس الحالية من تصميم الفنان الإيطالي سيلفيو غاتسانيغا واختارها الاتحاد الدولي بين 53 تصميمًا قدمها فنانون من سبع دول، ونالت المركز الأول بجدارة، وهي من قاعدة يرتكز عليها شخصان مشدودان إلى أعلى وأيديهم مرفوعة دلالة على النصر ويحملان نموذجًا للكرة الأرضية، وهي مصنوعة من الذهب الخالص وارتفاعها 63 سنتيمتراً، ووزنها 4.97 كيلو غرامات، وتم صناعتها في ميلانو وبالقاعدة 71 لوحة لكتابة أسماء الدول الفائزة باللقب في كل دورة، وهو ما يشير إلى أن عمرها الافتراضي ينتهي في عام 2083.