سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سلاح "حزب الله" للمرة الأولى على طاولة الحوار والحريري مع تحويله ضمانة لحماية لبنان . استنفاد كل فريق السقف الأعلى من مطالبه يدفع الى تفاؤل باتفاق على المقاومة والرئاسة
تكثر الأسئلة عند اللبنانيين والوسط السياسي عن التوقعات في شأن استئناف الحوار الوطني بين الأفرقاء المختلفين يوم الأربعاء المقبل، حول موضوعين شائكين هما الموقف من التغيير في رئاسة الجمهورية، ومصير سلاح المقاومة في ضوء الاتفاق على سياسة دفاعية تضمن حماية لبنان من التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية. فهذان الموضوعان يلخصان جوهر الخلافات القائمة لأنهما يلقيان بظلالهما على كل العناوين التي تناولها الحوار وخرج المؤتمر بقرارات في شأنها، أي العلاقات اللبنانية ? السورية والسلاح الفلسطيني ولبنانية مزارع شبعا. وباستثناء التوافق على أهمية معرفة الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإن متابعة النقاط المذكورة التي اتفق عليها وتنفيذها يمكن ان يتأثرا بمصير البحث الأسبوع المقبل في مسألتي الرئاسة وسلاح المقاومة، وهذا ما يدفع عامة الناس إلى تفضيل الترقب والحذر على رغم إيجابيات ما تحقق من خلال ما أعلنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الثلثاء الماضي عن صوغ عدد من العناوين. لكن بعض القادة الجالسين الى الطاولة المستديرة يعتبرون ان ما أُنجز الى الآن ليس بقليل، إذ يسمح بتوقع إنجاز ما تبقى، استناداً الى حاجة الجميع الى تسوية جديدة في البلاد. ويقول أحد أقطاب الحوار في تحالف قوى 14 آذار ان إضافة الى ما أُنجز من اتفاقات، فإن التقدم في التوصل الى تسوية بين اللبنانيين يمكن استشعاره من ان"التحالف الشيعي بين"أمل"وپ"حزب الله"سلّم بأن موضوع سلاح المقاومة بات على طاولة الحوار، بعد ان كانت المناقشة في مصير هذا السلاح من المحرمات السياسية، وبعدما كان يرفض الحزب مجرد البحث في هذا الأمر، حتى بعد ان أعلن أمينه العام السيد حسن نصر الله السنة الماضية انه مستعد للحوار في هذا الشأن، وهذا إنجاز في حد ذاته". ويلتقي القطب نفسه مع تقويم عدد من المشاركين في الحوار الذين يعتبرون ان أفرقاءه بلغوا أعلى مراتب تصعيد المواقف قبل الحوار وأثناءه، وفرضت الحاجة الى تسوية مع الآخر تقديمهم التنازلات. فالتحالف الشيعي تجنّب تحويل مطلبه تعليق الحوار الثلثاء 7 آذار نتيجة الخلاف على صيغة تثبيت لبنانية مزارع شبعا الى وضع شبيه باعتكاف وزرائه مدة 7 أسابيع عن المشاركة في جلسات مجلس الوزراء لسبب يتعلق برفضهم المحكمة الدولية، ثم تفاوضهم مع قوى 14 آذار على العودة عن الاعتكاف على أساس الموقف من موضوع آخر هو صدور بيان عن الحكومة يعتبر أن المقاومة ليست ميليشيا. فتعليق الحوار بناء لإصرار بري ونصر الله حصل في حينها نتيجة الخلاف على الطلب من سورية التسليم بلبنانية المزارع كما اقترح تحالف قوى 14 آذار، لكن الثنائي الشيعي عزا التعليق الى تصريحات رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط في واشنطن، في الحملة الإعلامية الهادفة الى تبرير هذا التعليق. لكن التحالف الشيعي عاد الى طاولة الحوار ليتوصل الى حل وسط لصيغة تثبيت لبنانية المزارع، متجاوزاً تصريحات جنبلاط، خصوصاً أن إطالة تعطيل الحوار كانت ستؤدي الى إفقاد المقاومة مبررها ما دام هناك خلاف بين اللبنانيين على قضية المزارع، التي تسعى المقاومة الى تحريرها. وفي المقابل فإن الخلاف على الطلب من سورية تثبيت هويتها دفع بجنبلاط الى رفع سقف مطالبه معتبراً ان المزارع غير لبنانية ليعود فيقبل بلبنانيتها مقابل الطلب الى سورية ان تقدم وثيقة رسمية في هذا المعنى، تنقلها، على صعيد القانون الدولي الى السيادة اللبنانية. وهو ما كان التحالف الشيعي يرفضه حتى اللحظة الأخيرة من صوغ هذه الفقرة، بناء لإلحاح رئيس"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع وسائر فريق 14 آذار. ويرى أحد أقطاب الحوار ان التقدم الذي حصل في الملف الفلسطيني له مغزى، فإنهاء الوجود الفلسطيني المسلح خارج المخيمات وفق قرار مجلس الوزراء كان واجه عرقلة لأن هذا السلاح هو سوري القرار بالتعريف السياسي خلافاً للسلاح داخل المخيمات الذي قراره محصلة القرار الفلسطيني. ويرى بعض المشاركين في الحوار أن كل فريق فيه استنفد مناوراته وتشدده قبل استحقاق ساعة الحسم على الطاولة المستديرة في المواضيع التي اتفق عليها وأنه لو أدير الحوار الذي كان قائماً قبل شهرين بين الحريري من جهة وپ"حزب الله"من جهة ثانية، في شكل جيد لكان حُسم فيه الموقف في عدد من الأمور في حينها. فأثناء المفاوضات التي كانت قائمة من اجل عودة الوزراء الشيعة عن الاعتكاف كتب نص في شأن صيغة تثبيت لبنانية مزارع شبعا هو نفسه النص الذي اتفق عليه الأفرقاء على طاولة الحوار. إلا ان مصدراً آخر في الحوار يقول انه لم يكن مطروحاً حينها موضوع التغيير في رئاسة الجمهورية وأنه مقابل هذا النص حصلت قوى 14 آذار على موافقة الفريق الشيعي على التعاطي مع الموضوع الرئاسي انطلاقاً من التسليم بأن هناك"أزمة حكم"وذلك للمرة الأولى. ويقر أحد المشاركين في الحوار بأن موضوعي التغيير في الرئاسة الأولى والبت بمصير سلاح المقاومة وبقيام استراتيجية دفاعية، هما الأصعب على ما تبقى من جدول الأعمال يوم الأربعاء المقبل، لكنه يعتبر التنازلات المتبادلة التي قدمها الفريقان حتى الآن تتيح الانطلاق منها لإحداث تقارب في شأنهما. ويراهن بعض المعنيين بالتوصل الى صيغة حل وسط لسلاح الحزب هنا على التفاهمات الضمنية بين السيد نصر الله والنائب الحريري اثناء اللقاءات الثنائية التي سبقت مؤتمر الحوار، فالثاني اكد خلال الحوار ان لبنان لا يستطيع التفريط بالمقاومة في الدفاع عن أرضه وتحريرها. وتفيد المعلومات ان الحريري مع النظرية القائلة بأن يحتفظ بعناصر القوة الرادعة التي تشكلها المقاومة لأنه لا يمكن الاطمئنان لإسرائيل، وما حصل في أريحا خلال الأيام الماضية دليل الى ذلك، لكن المهم ان تتحول هذه القوة الرادعة الى عهدة الدولة بدلاً من ان تبقى في يد حزب او فئة. وهذا ما يطرح فكرة دمج سلاح المقاومة بالجيش اللبناني على طريقة"الحرس الوطني"أو لواء الحدود. أما بالنسبة الى الرئاسة، فإضافة الى تأكيد المشاركين في الحوار ان التحالف الشيعي لم يتمسك ببقاء الرئيس اميل لحود فإن المعطيات تشير الى ان اللقاءات الجانبية شهدت تعمقاً في بحث هذا الموضوع وأخذت تتناول الأسماء البديلة للحود، ومن هنا إعلان جعجع ان قوى 14 آذار قد تتوصل الى اتفاق على اسم ما قبل الأربعاء المقبل. لكن البحث لا يقتصر على هذه القوى فالتداول الجدي بالأسماء قطع شوطاً، يجعل من التوافق على رحيل لحود قريباً، لكن الأمر مرتبط بالمداولات العربية - السورية، لا سيما خلال القمة العربية. وترجح أوساط المتحاورين ألا يستبق مؤتمر الحوار يوم الأربعاء، هذه المداولات في الموضوع الرئاسي، وأن تبقى المراوحة في شأنه الى ما بعد القمة إذ يصبح التقدم الحاصل الى الآن قابلاً لتحويله الى صيغة اتفاق تمهيداً لترجمته العملية والقانونية، مما يعني ترحيل الموضوع الى الشهر المقبل.