فيما دعت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس من القاهرة حركة"حماس"مساء امس الى الاختيار بين"الارهاب"والسياسة، اغلق رئيس المكتب السياسي ل"حماس"خالد مشعل من العاصمة الايرانية الباب امام اي تفاوض مع اسرائيل قبل ان تنسحب من الاراضي الفلسطينية واستعاد تشبيه الزعيم الايراني الراحل آية الله الخميني اسرائيل ب"ورم خبيث يجب ان يختفي"قائلاً ان"الشعب الفلسطيني"ما زال يذكر تلك الجملة. وسلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء امس رئيس الوزراء المكلف القيادي البارز في"حماس"كتاب تكليفه رسمياً تشكيل الحكومة. جاء ذلك في اعقاب دعوة اسرائيل الاتحاد الاوروبي الى اتخاذ موقف موحد ضد"حماس"وبعد تجميد واشنطن ارصدة جمعية خيرية في ولاية اوهايو بتهمة تقديمها اموالاً الىالحركة. وفي مقابل ذلك، اعربت ايران عن استعدادها للوقوف الى جانب"حماس"في تحدي تسلم السلطة الفلسطينية ومواجهة العقوبات الغربية بوقف المساعدات المالية الدولية، اذ اكد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لدى استقباله مشعل الذي طهران في اطار جولة على عدد من الدول الاسلامية انه"اذا كانت العقوبات الدولية بسبب عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني فان الخزائن السماوية لا تفرغ، واذا فعلتم صواباً فان الله سيجزيكم عليه بلا ريب". راجع ص4 و5 ودعا احمدي نجاد في محاولة للتشديد على الموقف الايراني الداعم ل"حماس"مشعل الى"عدم القلق من قطع المساعدات الغربية المحتمل"مشدداً على ان نتائج الانتخابات الفلسطينية شكلت دليلا على المعارضة الشعبية لاتفاق اوسلو وخريطة الطريق، مضيفاً ان ما قام به الشعب الفلسطيني يدلل على ان العالم"يشهد صحوة للتيارات الاسلامية". وأعرب عن امله بأن تستطيع القيادة الجديدة للشعب الفلسطيني"تحرير جميع الاراضي الفلسطينية وتشكيل حكومة ذات سيادة في المستقبل القريب". وكرر مشعل في تصريح له امس خلال مؤتمر صحافي مشترك في طهران مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي ان"حماس"ستبت في احتمال اجراء مفاوضات مع اسرائيل بعد"اعترافها بحقوق"الفلسطينيين وانسحابها من اراضيهم. وقال ان"القيادة الاسرائيلية تتخذ خطوات احادية الجانب لضمان المصالح الامنية لاسرائيل بدون ان تأخذ في الاعتبار مصالح الفلسطينيين، لذلك التفاوض مع اسرائيل على هذا الاساس مضيعة للوقت". واضاف ان"على اسرائيل اولاً الاعترف بحقوقنا وقبول الانسحاب من الاراضي الفلسطينية وبعد ذلك سنتخذ قرارا حول مفاوضات". وقلل مشعل من اهمية القرار الاسرائيلي تجميد اموال مستحقة للسلطة الفلسطينية واعتبره"غير عادل"، وقال ان هذه المساعدات"يمكن ان تعوض بدعم من العالم العربي والاسلامي". ومن جانبه اعتبر وزير الخارجية الايراني ان التحرك الديبلوماسي الذي تقوم به قيادة الحركة"ساعد في ايجاد بدائل بين الدول الاسلامية لمساعدة الشعب الفلسطيني"، معلناً دعمه للاقتراح الذي تقدم به رئيس الوزراء الماليزي لتخصيص مصادر لدعم الحكومة الفلسطينية. ولم تغب المصاعب الداخلية الفلسطينية عن محادثات مشعل مع المسؤولين الايرانيين، خصوصاً في ما يتعلق بالدعوة التي اطلقتها الحركة لكل الفصائل الفلسطينية للمشاركة في تشكيل حكومة وحدة وطنية والموقف المتشدد ل"حركة الجهاد الاسلامي"من هذه العملية، ومحاولة طلب العون من ايران لضبط الاعمال العسكرية التي تقوم بها"الجهاد الاسلامي"في الآونة الاخيرة ضد التجمعات الاسرائيلية والتصعيد العسكري المرافق لها، وهو ما يربك المسار السياسي الذي تسعى"حماس"الى تجاوز عقباته في هذه المرحلة. ولم تخف مصادر قريبة من وفد"حماس"هذه المخاوف، خصوصاً وانها تتوقع مواجهة ارباكات قد تسببها مجموعات من داخل حركة"فتح"بوضع عراقيل امام"حماس"في سعيها الى بناء"سلطتها"في الوقت الذي تؤكد فيه الاخيرة على حرصها على التعاون مع الرئيس محمود عباس ومنحه المزيد من الصلاحيات التي تعزز وضعه الداخلي والدولي. واشارت هذه المصادر الى أن دخول"حماس"في العملية السياسية لا يعني تخلياً عن خيار المقاومة، بل هي تدعو في المرحلة الحالية شركاءها في المقاومة، خصوصا"الجهاد الاسلامي"، الى وضع افق وتنسيق العمل المقاوم حتى لا يؤثر سلبا في مجمل العملية السياسية التي تسعى"حماس"للامساك بها. الى ذلك، بدأ ظهور مناكفات بين حركتي"فتح"و"حماس"امس تتعلق بالتعيينات التي اقرها المجلس التشريعي السابق وقرر رئيس المجلس الجديد عزيز الدويك تجميدها. وتنذر هذه المناكفات بتوسيع شقة الخلافات بين الحركتين.