اثار الخطاب الأول لرئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الأميركي بن برنانكي أمام"لجنة الخدمات المالية"التابعة للكونغرس، ارتياحاً لدى الاقتصاديين وأسواق المال أمس. إذ تناول برنانكي في التقرير النصف سنوي الخاص بالسياسة النقدية لمجلس الاحتياط، الوضع الاقتصادي الأميركي العام، متجنباً التطرق إلى مواضيع السياسة المالية الموازنة العامة الشائكة التي يرسم أطرها مجلس النواب الأميركي بالتعاون مع الحكومة. لكنه اكتفى بالحديث عن ضرورة"العمل على خفض العجز في الحساب الجاري الأميركي لمصلحة الاقتصاد العام". وأشار برنانكي، في خطابه إلى ان"الاقتصاد الأميركي يقترب من طاقته الإنتاجية القصوى، ما يحتم رفع أسعار الفائدة الأساس مجدداً بهدف السيطرة على مخاطر التضخم المالي"، مضيفاً ان"معدل الطلب الإجمالي ما زال يظهر زخماً كبيراً، قد يؤدي إلى حصول فائض في الإنتاج العرض يشكل بدوره ضغوطاً على التضخم المالي، في غياب السياسة النقدية الملائمة". ما أكد للأسواق ان مجلس الاحتياط سيعمد إلى رفع سعر الفائدة الأساس نحو ربع نقطة مئوية مجدداً إلى 4.75 في المئة في اجتماع آذار مارس المقبل، فإلى 5 في المئة في الاجتماع اللاحق في أيار مايو. وأضاف برنانكي المعروف بكفاءته المهنية في مكافحة التضخم المالي، ان"ارتفاع أسعار مواد الطاقة يشكل أيضاً خطراً على التضخم المالي"، لافتاً إلى وجود"وضع هش"في السنوات العشر المقبلة بسبب"التوازن الدقيق بين العرض والطلب النفطي العالمي". وأضاف ان الاقتصاد الأميركي بات أقل تأثراً بارتفاع أسعار النفط العالمية، مقارنة بصدمات أسعار الطاقة في السبعينات من القرن الماضي، معرباً عن تفاؤله بأن أسعار النفط المرتفعة"ستفعّل جهود التحديث التقني والتوفير في استهلاك الطاقة". 3.5 في المئة نمو الاقتصاد الأميركي ومن ناحية أخرى، أكد ان آفاق النمو الاقتصادي الأميركي تستمر واعدة في السنة الجارية، بعد أداء قوي في العام الماضي، مضيفاً ان أعضاء مجلس الاحتياط الفيديرالي توقعوا ان يسجل الاقتصاد الأميركي أكبر اقتصادات العالم نمواً يبلغ 3.5 في المئة في السنة الجارية بفضل حملة إعادة إعمار ما دمرته الأعاصير في العام الماضي وبين 3 و3.5 في المئة في2007. أما معدل البطالة، الذي تراجع إلى مستوى قياسي بلغ 4.7 في المئة في كانون الثاني يناير الماضي، فمن المتوقع ان يتراوح بين 4.75 و5 في المئة في 2006 و2007. وتوقع برنانكي ان يبلغ معدل التضخم المالي نحو 2 في المئة في السنة الجارية ويتراوح بين 1.75 و2 في المئة في السنة المقبلة، مشيراً انه سيسعى خلال ولايته الحالية إلى"جعل السياسة النقدية للمصرف المركزي أكثر شفافية أمام مجلس النواب والشعب الأميركي، بهدف ان يستوعبوا الإجراءات المعتمدة في شكل أفضل وتكون توقعاتهم الاقتصادية متينة أكثر". وتطرق إلى احتمال حصول تراجع في سوق العقارات السكنية، مستبعداً ان يؤدي هذا الأمر إلى ضرر على الأداء الاقتصادي العام، بفضل ارتفاع استثمارات قطاع الأعمال التي تعوض عن تراجع الاستثمار في شراء المنازل. وأوضح، معلقاً على ظاهرة انخفاض معدلات الفائدة على السندات الطويلة الأجل، ان"المستثمرين باتوا مستعدين لتقّبل معدلات فائدة على المخاطر أقل من السابق، بفضل استقرار المناخ الاقتصادي العالمي العام واستمرار وجود فائض في حجم التوفير العالمي يتخطى فرص الاستثمار المتاحة في الأسواق العالمية". ويفترض ان يقدم برنانكي في وقت متأخر أمس شهادته مجدداً أمام"لجنة المصارف"التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي. انتعاش أسواق المال واصل الدولار صعوده في التعاملات الصباحية المبكرة في أسواق آسيا وأوروبا أمس، بعد تصريحات رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي التي أشارت إلى احتمال رفع سعر الفائدة الأساس على الدولار، ما يعزز الميزة التي يتمتع بها أمام العملات العالمية الأخرى. إذ تراجع اليورو صباح أمس إلى 1.1848 دولار في أسواق المال الأوروبية، مقترباً من أدنى مستوى له أمام الدولار خلال ستة أسابيع، كما ارتفع الدولار في آسيا إلى 117.96 ين.