كثفت مجموعات أميركية وبريطانية إقبالها على الاستثمار في تونس، على نحو غير مألوف، ما اعتُبر تهديداً بزعزعة عرش المستثمرين الفرنسيين، الذين حافظوا على المرتبة الأولى بين المستثمرين الأجانب في البلد منذ عقود. وارتفع حجم الاستثمارات الفرنسية إلى 985 مليون دينار 850 مليون دولار في سنة الجاري، فيما ارتفع عدد المصانع التي أقيمت باستثمارات فرنسية أو مشتركة إلى 1051 وحدة، ما كرس محافظتها على المركز الأول في وجه المنافسة الأميركية القوية المرتبة السادسة والبريطانية الخامسة. وفي إطار الاهتمام الذي أظهرته مجموعات نفطية وصناعية أنكلوساكسونية بالاستثمار في البلد، أنهى وفد من المسؤولين في مجموعة"جنرال موتورز"الأميركية الاثنين الماضي زيارة لتونس اجتمع خلالها إلى ممثلي 35 شركة محلية متخصصة بتصنيع قطع غيار السيارات، خصوصاً الألياف والكوابل والمصافي والواقيات البلورية والتجهيزات الكهربائية، لدرس آفاق إقامة شراكة صناعية معها. وصرح أعضاء في الوفد ل"الحياة"، إن المجموعة تبحث عن مصادر تموين بقطع الغيار من الأسواق القريبة من مركزها الإقليمي في إسبانيا، والذي يصنَع 2500 سيارة في اليوم. وكان الوفد زار تونس مرة أولى في أيلول سبتمبر، في إطار خطة لتوسيع شبكة التزويد بالبدائل من شمال أفريقيا. ويأمل التونسيون في أن تكون الشراكة مع"جنرال موتورز"التي تصنع ثلاثة ملايين سيارة سنوياً، وتعتمد على شبكة مكونة من ألف موزع في 200 بلد، رافعة لصناعة قطع غيار السيارات المحلية، التي تواصل توسعها. وتزامنت هذه الخطوة مع إصدار مصرف"جي بي مورغن"الأميركي، إعلاناً حض فيه المؤسسات المصرفية الدولية على زيادة الاستثمار في القروض التي تطلبها تونس في الأسواق المالية العالمية. وزار رئيس المصرف أندرو كروكيت تونس قبل أسابيع، واعتبر المناخ السائد فيها مشجعاً على الاستثمار. الى ذلك، اجتمع وفد من المستثمرين البريطانيين أول من أمس مع رجال أعمال تونسيين، في إطار اللجنة المشتركة للتعاون في قطاع الطاقة، ضم مسؤولين في مجموعة"بريتيش غاز"، التي تعتبر أكبر مستثمر أجنبي في تونس. وأفاد مسؤولون في المجموعة لپ"الحياة"، بأنها باشرت مضاعفة استثماراتها في البلد للسنتين المقبلتين، من 1.2 بليون دولار إلى 2.4 بليون، موضحين أن"الشركة التونسية للصناعات البترولية"ETAP العامة ستكون شريكة بالتساوي مع"بريتيش غاز". كما بحث ممثلو مجموعة"بتروفاك"البريطانية، مع مسؤولين تونسيين فرص التنقيب عن النفط والغاز في حقل"الشرقي"جنوب، وحقل آخر في الشمال الشرقي،پينتج حالياً نحو 15 ألف برميل من النفط الخام يومياً. كذلك أعلن رئيس مجموعة"جنرال ميديترانيان هولدينغ"البريطانية نظمي أوجي، عن استثمارات جديدة في تونس بقيمة 100 مليون دولار. وجاء الإعلان في إطار احتفال أقيم لمناسبة مرور عشر سنوات على إنشاء المجموعة مشروعاً سياحياً وعقارياً كبيراً في محطة"ياسمين الحمامات السياحية"، في حضور عشرات المستثمرين العرب والبريطانيين. وتضم مشاريع المجموعة فندقاً من فئة خمس نجوم مملوكاً لمجموعة"رويال"ومجمَع فيلات فخمة وكازينو. ويُرجح أن تحقق الشركات البريطانية تقدماً جديداً بعدما أفيد بأن الحكومة التونسية اختارت مؤسسة بريطانية، وأخرى قطرية، للمشاركة في الجولة النهائية للفوز بمناقصة دولية أطلقتها في وقت سابق من السنة الجارية، وتتعلق بإنشاء مصفاة لتكرير النفط قرب ميناء"الصخيرة"جنوب مدينة قابس، ستكون الأكبر في تونس بعد مصفاة بنزرت شمال، التي أنشئت عام 1964. إلى ذلك، أفادت إحصاءات وزارة السياحة التونسية بأن عدد السياح البريطانيين الذين زاروا تونس هذا العام، ارتفع للمرة الأولى إلى حوالى 350 ألف سائح، متجاوزاً الرقم القياسي المسجل قبل تفجيرات 11 أيلول 2001، والذي لم يتعد 300 ألف سائح.