طغت الاهتمامات الاقتصادية والتنموية على جلسات المنتدى الاستراتيجي العربي الذي انطلق أمس في دبي، بحضور حشد من رجال السياسة والاقتصاد العرب والأجانب، على رغم العواصف السياسية التي يمر بها العالم العربي في فلسطينوالعراق ولبنان والسودان. وكان نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، افتتح أعمال المنتدى الذي تدور مناقشاته تحت عنوان"خلق الفرص من المتغيرات العالمية". ودعا المتحدثون في المنتدى الذي يستمر ثلاثة أيام إلى دفع عمليات التغيير وتعزيز التنويع الاقتصادي في المنطقة وصياغة استراتيجيات كفيلة بتنمية الكوادر البشرية، بما يمكنها من مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه العالم العربي. لكنهم اختلفوا في تحديد الوسيلة الأفضل لإحداث هذا التغيير. وأشار رئيس مجلس الوزراء المصري أحمد نظيف في الكلمة الافتتاحية للمنتدى إلى ان"تيار العولمة أفرز حقائق وتحديات جديدة للمنطقة العربية التي تواجه تحدي الاندماج في هذا النظام العالمي، إذ بات عليها ان تحقق ما يستلزمه هذا الاندماج من متطلبات". ورأت وزيرة الاقتصاد الإماراتية الشيخة لبنى القاسمي"ان تنويع البنية الاقتصادية يمثل محركاً مهماً لعملية التنمية، مشيرة إلى"الحاجة الملحة لخلق مزيد من فرص العمل المرتبطة بتطوير قدرات الكوادر البشرية". وأوضح الأمير فيصل بن سلمان آل سعود ان"الحوكمة والشفافية هما معيار التغيير والفرص التي يفرزها"، لافتاً إلى ان المنطقة العربية بدأت تطبيق معيار الحوكمة، واتجهت خلال السنوات العشر الماضية إلى"إعادة الهيكلة والتوجه نحو الإدارة الفاعلة من خلال تكريس الموضوعية والشفافية والإدارة الحكومية الرشيدة". لكن غالي أشار إلى ان المشكلة لا تكمن في"إدارة التغيير"، وإنما في"تغيير العقلية البيروقراطية". وأخذ قطاع النفط والغاز، وهو المحرك الرئيس لاقتصادات المنطقة، حيزاً مهماً من النقاش، إذ دعا المتحدثون فيه إلى تعاون فاعل بين الدول المنتجة والمستهلكة الرئيسة لمنع الاهتزازات السعرية العنيفة التي شهدتها هذه الصناعة الحيوية خلال السنوات الأخيرة. وحذر المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي من احتمال ان يلعب النفط دوراً رئيسياً في تقسيم العراق إلى دويلات مذهبية، مشيراً إلى قيام بعض القيادات الكردية والشيعية بعقد صفقات لتصدير نفوط من حقول تخضع لسيطرتها. وأكد خلال الجلسة التي حملت عنوان"السباق العالمي نحو امتلاك الطاقة"، ان هذا التوجه"ستدفع ثمنه المنطقة بأسرها وسيؤثر في أمن الطاقة في العالم". وأشار مساعد وزير الخارجية الصيني زاي جن إلى ان ضمان أمن الطاقة في العالم هو الهاجس الذي يقلق بلده مثل بقية العالم، مشيراً إلى ان الأمن النفطي يتطلب جهوداً اكبر من المجتمع الدولي، أهمها تعزيز التعاون في استخدام الطاقة، والعمل على التنمية المستدامة للمجتمعات الإنسانية والتركيز على السلم والاستقرار العالميين للوصول إلى إمدادات نفط آمنة بين دول العالم. ودعا نائب الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة"سابك"محمد الماضي، إلى التعامل مع التوترات والمخاوف التي تواجه الاستثمارات الخليجية والعربية في الخارج، مضيفاً:"بعد 11 أيلول سبتمبر لم يعد سهلاً القيام بأعمالنا في السوق الأميركية بسبب مشكلات التأشيرات، غير أننا بحثنا عن فرص للعمل في أسواق أخرى وكانت الصين وجهتنا حيث حققنا نجاحات جيدة هناك". ودعا الماضي إلى بدء التغيير في العقلية العربية من خلال تطوير التعليم، مشيراً إلى أهمية الاستثمار في الموارد البشرية لأننا نواجه تضخماً بنسبة 1.5 في المئة ونمواً سكانياً بنسبة ثلاثة في المئة،"ما يدفع باتجاه تعزيز البنية الاقتصادية وتنويعها، ولا يمكننا فعل ذلك من دون التعليم والقوى العاملة المدربة".