عانقت ايطاليا المجد العالمي بإحرازها كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى منذ عام 1982، فيما كرست اسبانيا تألقها في القارة العجوز بتتويج برشلونة بلقب بطل مسابقة دوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في تاريخه منذ الأولى عام 1992، واشبيلية بلقب مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي للمرة الاولى في تاريخه. وقلب المنتخب الايطالي كل التوقعات التي كانت ترشح البرازيل للاحتفاظ باللقب العالمي ورفع رصيدها الى 6 ألقاب، فتوج بطلاً للمرة الرابعة في تاريخه بعد أعوام 1934 و1938 و1982. واستهلت ايطاليا مشوارها بفوز مريح على غانا 2 - صفر، بيد أنها عانت الأمرين في الثانية، وسقطت في فخ التعادل أمام الولاياتالمتحدة 1-1، قبل أن تستعيد توازنها في الجولة الثالثة الأخيرة أمام تشيخيا 2-صفر وحجزت بطاقتها إلى الدور الثاني. وواجهت ايطاليا مقاومة كبيرة من استراليا في ثمن النهائي، وتغلبت عليها بصعوبة بهدف وحيد سجله صانع ألعابها فرانشيسكو توتي من ركلة جزاء في الوقت بدل الضائع، بعد إسقاط المدافع فابيو غروسو داخل المنطقة. وضربت ايطاليا بقوة في ربع النهائي بفوزها الكبير على اوكرانيا 3 -صفر موجهة إنذاراً شديد اللهجة إلى خصومها، بداية بألمانيا صاحبة الضيافة في نصف النهائي بهدفين قاتلين في الشوط الإضافي الثاني، عبر غروسو 119 واليساندرو دل بييرو 120. وكان الموعد الحاسم في التاسع من تموز يوليو على استاد برلين الاولمبي بين ايطاليا وفرنسا، التي افتتحت التسجيل عبر صانع ألعابها المتألق زين الدين زيدان من ركلة جزاء مثيرة للجدل في الدقيقة السادسة، بيد ان رد الايطاليين كان سريعاً في الدقيقة 19، عبر رأسية ماركو ماتيراتزي، الذي احتسبت ضده ركلة الجزاء. واستمرت النتيجة على حالها في الشوط الثاني، وكذلك في الوقت الإضافي الذي تميز بحادثة ستبقى خالدة في أذهان زيدان، بعد توجيهه ضربة بالرأس لماتيراتزي، طرد على إثرها من المباراة التي كانت الأخيرة في مسيرته الكروية. واحتكم المنتخبان لركلات الترجيح، التي ابتسمت للايطاليين 5 -3 فأعادوا صياغة التاريخ بعد 12 عاماً وتوجوا أبطالاً للعالم. وهي المرة الأولى التي تفوز فيها إيطاليا بركلات الترجيح بعد ثلاث محاولات، الأولى عندما استضافت النهائيات عام 1990، حين خسرت في نصف النهائي أمام الأرجنتين، والثانية في نهائي مونديال 1994 أمام البرازيل، والثالثة في مونديال 1998 أمام فرنسا بالذات في ربع النهائي. وهي المرة الثانية التي يحسم فيها نهائي كأس العالم بركلات الترجيح بعد مونديال الولاياتالمتحدة عام 1994، عندما خسرته ايطاليا أمام البرازيل تعادلتا في الوقتين الأصلي والإضافي صفر- صفر. ولم ينس الايطاليون الدرس البرازيلي أبداً، فأعدوا العدة هذه المرة ونجحوا في تسجيل الركلات الخمس، بينما كان إهدار المهاجم الفرنسي دافيد تريزيغيه ركلته كافياً لهم لإحراز اللقب. وانفردت إيطاليا بالمركز الثاني في عدد الألقاب في كأس العالم التي كانت تتقاسمه مع ألمانيا. ولم تختلف حال الفرنسيين عن ايطاليا، لأنهم عانوا الأمرين في الدور الأول بسقوطهم في فخ التعادل في المباراتين الأوليين أمام سويسرا صفر- صفر وكوريا الجنوبية 1-1، قبل ان يتنفسوا الصعداء في الجولة الثالثة الأخيرة بفوزهم على توغو 2 - صفر. وتحسن أداء الفرنسيين في الدور الثاني بفوز ثمين على اسبانيا 3 -1، ثم هزموا أبطال العالم في ربع النهائي بهدف وحيد سجله النجم تييري هنري، وتخلصوا بعد ذلك من البرتغال بصعوبة في نصف النهائي 1 -صفر سجله زيدان من ركلة جزاء قبل أن تحرمهم ايطاليا في النهائي من اللقب الثاني في تاريخهم بعد الأول عام 1998. وكان عزاء الفرنسيين اختيار زيدان أفضل لاعب في النهائيات. وأكد"المونديال"سيطرة أوروبا، إذ بلغت أربعة من منتخباتها الدور نصف النهائي هي ألمانيا المضيفة وإيطالياوفرنسا والبرتغال على رغم التفاوت في مشوار كل منها. وتبخر الحلم البرازيلي في ربع النهائي بالخسارة أمام فرنسا صفر-1، بعد أداء متواضع ومنتخب مفكك الخطوط، عجز سحرته عن تشكيل ضغط ملائم لهز شباك الحارس فابيان بارتيز، الذي كان احتفل مع زملائه عام 1998 بالفوز عليهم بثلاثة أهداف نظيفة في المباراة النهائية. ولا يقتصر إخفاق البرازيليين عند العقدة الفرنسية، التي باتت ماثلة أمامهم في نهائيات كأس العالم 3 هزائم أعوام 1986 و1998 و2006، بل انهم زحفوا إلى ربع النهائي من دون إقناع على الإطلاق، ولم يقدموا ما يذكر بمستواهم أو إمكاناتهم إلا القليل ضد اليابان في الدور الأول 4-1، بينما كان فوزهم على كرواتيا 1 - صفر واستراليا 2- صفر غير مقنع. وحتى في الدور الثاني، وعلى رغم النتيجة المريحة على غانا 3-صفر، فان منتخب البرازيل حامل الرقم القياسي 5 ألقاب لم يقدم مستوى يرفع من حظوظه في إحراز اللقب. وبدا لافتاً غياب خطورة صانع العاب برشلونة رونالدينيو الحاصل على جائزة أفضل لاعب في العالم عامي 2004 و2005، فكان أشبه بظل اللاعب الذي قاد فريقه إلى لقب بطل الدوري الاسباني وبطل دوري أبطال أوروبا هذا الموسم. ولا يتحمل رونالدينيو وحده تبعات الخروج، فكاكا وادريانو ورونالدو أيضاً لم يظهروا بمستوياتهم، الأول ظهر جيداً في المباراة الأولى فقط، والثاني فقد قدرته على المشاكسة والتسجيل، والثالث كان غير جاهز تماماً للمشاركة، بعد أن غاب نحو شهرين عن الملاعب بسبب الإصابة، ولم تسمح له لياقته البدنية بخوض أكثر من سبعين دقيقة في المباريات الأولى. وما يشفع لرونالدو انه سجل ثلاثة أهداف وانتزع الرقم القياسي لعدد الأهداف المسجلة في النهائيات من الألماني غيرد مولر 15 للبرازيلي في مقابل 14 للألماني. وصدمت الكرة الأرجنتينية بخروج منتخبها من ربع النهائي، علماً بأنه قدم عروضاً جيدة أمتع من خلالها الجميع في الدور الأول، خصوصاً في مباراته مع صربيا حين دك شباكها بستة أهداف نظيفة، كما انه كان فعالا أمام ساحل العاج في مباراتها الأولى. وكانت صفوف منتخب الأرجنتين زاخرة بالمواهب، أبرزهم خوان رومان ريكيلمي وخافيير سافيولا وهرنان كريسبو وغابرييل هاينتسه وليونيل ميسي وكارلوس تيفيز وروبرتو ايالا وبابلو ايمار وغيرهم، لكنهم فشلوا في تكرار انجاز الأسطورة دييغو مارادونا، الذي قاد المنتخب الى اللقب عام 1986 والنهائي عام 1990، عندما خسر أمام ألمانيا بركلات الترجيح 2 -4، بعد أن انتهى الوقتان الأصلي والإضافي 1-1 وكعادتها، أمتعت اسبانيا في مباراتيها الأوليين عندما دكت مرمى أوكرانيا بأربعة أهداف نظيفة، وحولت تأخرها أمام تونس الى فوز 3 -1 قبل أن يمنح مدربها لويس اراغونيس الفرصة للاحتياطيين لخوض المباراة الثالثة ضد السعودية، التي انتهت بفوز ثالث أيضاً بهدف يتيم. وارتفعت أسهم اسبانيا بشكل كبير لإحراز اللقب، بعد أن قدم لاعبوها جملاً تكتيكية جميلة أبرزت إمكاناتهم، خصوصاً المهاجم فرناندو توريس، الذي بدأ بقوة بتسجيله ثلاثة أهداف، قبل أن يصوم عن التهديف بعدها. وكان قدر إسبانيا مواجهة فرنسا في الدور الثاني، وعلى الورق كانت الأفضلية لها، لأن الأخيرة لم تقنع أبداً في الدور الأول، وانتظرت حتى الثانية الأخيرة لتحجز بطاقتها إلى ثمن النهائي، إلا أن الواقع الكروي فرض نفسه وتوقف مشوار اسبانيا باكراً فتبخرت الأحلام بإحراز اللقب الأول في تاريخها. ولم تختلف الحال بالنسبة للمنتخب الهولندي، الذي يدخل جميع البطولات مرشحاً للعب دور فيها، لكنه هذه المرة كان عادياً وافتقد سره المتمثل بالكرة الشاملة التي يغلب عليها الطابع الهجومي، فحاول المدرب والنجم السابق ماركو فان باستن الاستمرار حتى الأدوار المتقدمة، لكن النهاية كانت سريعة وتحديداً في الدور الثاني بخسارة أمام البرتغال صفر-1، شهدت أحداثاً مثيرة وطرد لاعبين من كل منتخب. تألق برشلونة وإشبيلية أوروبياً استعاد برشلونة مجده في مسابقة دوري أبطال أوروبا عندما أحرز اللقب للمرة الثانية في تاريخه بعد الأولى عام 1992، بفوزه على ارسنال الانكليزي 2 -1. وقلب برشلونة تخلفه صفر-1 الى فوز متأخر 2 -1. وسجل الكاميروني صامويل ايتو 76 والبرازيلي جوليانو بيليتي 80 هدفي برشلونة، وسول كامبل 37 هدف ارسنال. وانفردت الكرة الاسبانية بالرقم القياسي في عدد الألقاب، اذ رفعت رصيدها الى 11 لقباً، 9 منها لريال مدريد وحده، في حين تأتي الكرتان الانكليزية والإيطالية في المرتبة الثانية 10 ألقاب. وتمكن لاعب الوسط البرتغالي ديكو من إحراز ثالث لقب أوروبي في السنوات الأربع الأخيرة، بعد أن توج بطلاً مع بورتو في كأس الاتحاد الأوروبي عام 2003، ثم بدوري أبطال أوروبا مع الفريق ذاته في العالم التالي. في المقابل، فشل ارسنال في أن يصبح خامس فريق انكليزي يحرز لقب المسابقة الأوروبية الأم، بعد مانشستر يونايتد وليفربول ونوتنغهام فوريست واستون فيلا. كما نجحت الكرة الاسبانية في جمع لقبي المسابقتين الاوروبيتين، بعد أن فاز اشبيلية على ميدلزبره 4- صفر في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي. وهي المرة الأولى التي تنجح فيها دولة في إحراز اللقبين في عام واحد منذ 9 سنوات، بعد فوز بوروسيا دورتموند وشالكة الالمانيين بدوري الأبطال وكأس الاتحاد على التوالي عام 1997. واحتفظ تشلسي بلقب بطل الدوري الانكليزي الممتاز، وحذا حذوه برشلونة في اسبانيا، وبايرن ميونيخ في ألمانيا، وتابع ليون سيطرته على لقب الدوري الفرنسي للعام الخامس على التوالي، فيما شهد الدوري الايطالي فضيحة كبرى في التلاعب بالنتائج، فجرد يوفنتوس من اللقب في الموسمين الأخيرين، وانزل الى الدرجة الثانية. وتورط ميلان ولاتسيو وفيورنتينا وريجينا في الفضيحة ذاتها، فعوقبوا بحسم 8 و3 و15 و11 نقطة من رصيدهما، وكان انتر ميلان المستفيد الأكبر فتوج بطلاً للدوري.