رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس بشدة عرضاً قيل إن حركة "حماس" قدمته في الآونة الأخيرة الى اسرائيل ويقضي بإقامة دولة ذات حدود موقتة مقابل هدنة مدتها خمس سنوات. وقال عباس للصحافيين في مكتبه في رام الله: "هذا أمر مرفوض تماماً، فنحن ضد دولة ذات حدود موقتة، نحن مع ان نبدأ بحوار معهم أي اسرائيل حول قضايا الوضع النهائي مثل الحدود واللاجئين والمستوطنات لنجد حلاً دائماً ولنعقد معاهدة سلام دائمة". ومضى الرئيس يقول:"أمّا حدود موقتة وهدنة فهذا قد يكون خدعة لشعبنا ولن نقبله". وكانت وسائل الإعلام الاسرائيلية نشرت أول من أمس تفاصيل ما قالت انه عرض قدمه لإسرائيل الدكتور أحمد يوسف، المستشار السياسي لرئيس الحكومة اسماعيل هنية، يقوم على انشاء دولة فلسطينية بحدود موقتة مقابل هدنة مدتها خمس سنوات. وذكرت صحيفة"يديعوت أحرونوت"أن وفداً من حركة"حماس"برئاسة أحمد يوسف قدم إلى ما وصفته ب"محافل أوروبية"مسودة لاتفاق هدنة لمدة خمس سنوات بين حكومة"حماس"وإسرائيل. وقالت الصحيفة إن الخطة تتحدث عن اتفاق هدنة لخمس سنوات يتم بموجبها انسحاب إسرائيل إلى حدود متفق عليها داخل الضفة الغربية. ووفق الخطة المقترحة يتعهد الفلسطينيون بعدم القيام بأي هجمات على اهداف إسرائيلية ليس في اسرائيل فحسب، بل في الضفة والقطاع ايضاً. وفي المقابل، تتعهد إسرائيل بالحفاظ على الوضع الراهن في الضفة، وعدم البناء في المستوطنات وعدم شق طرق. كما تتعهد بالسماح بحرية حركة داخل الضفة وبين الضفة وشرقي القدس، وبين القدس والضفة وغزة، واقامة ممر حر إلى مصر والأردن بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع الأسرى بصرف النظر عن التهم الموجهة لهم. وأشارت الصحيفة الى أن الهدف الفوري للخطة هو وقف الأعمال العدائية ووقف المقاطعة المفروضة على حكومة"حماس". واضافت ان الهدف من وراء خمس سنوات من الهدنة هو السماح ببناء الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين وإنهاء المواجهة بالوسائل السلمية. وتذكر الوثيقة ان الهدف النهائي من الخطة هو اقامة دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حزيران يونيو 1967، وعاصمتها القدس. وذكرت الصحيفة ان الوثيقة تنص على حق العودة للاجئين من دون أن تذكر هل مكان عودتهم هو الدولة الفلسطينية الوليدة أم اسرائيل. وقالت إن الوثيقة التي شارك في إعدادها مراكز أبحاث ذات صلة بحكومات سويسرا وبريطانيا والنروج جاءت بهدف كسر المقاطعة الأوروبية على حكومة الحركة. وأوضحت أن الوثيقة، التي وصلت إليها، حملت عنوان"اقتراح لخلق ظروف مناسبة لإنهاء المواجهة". وشملت الوثيقة ايضاً تعهدات بتعاون فلسطيني - إسرائيلي في إقامة مناطق اقتصادية مشتركة ومواصلة العلاقات التجارية بين الجانبين فيما تتعهد اسرائيل بعدم الاعتراض على وصول أموال المساعدات الدولية الى الحكومة الفلسطينية، مقابل ان تتعهد هذه الحكومة بأن لا تصل تلك الأموال الى"حماس". ونصت ايضاً على تشكيل مجلس اقتصادي مستقل يشرف على دخول الأموال وفق معايير دولية وتوفير شفافية كاملة في معالجة أموال الصناديق العربية والإسلامية التي تصل إلى وزارة المال. كما يقبل الفلسطينيون ترتيبات حراسة في المعابر من النوع القائم في معبر رفح حالياً. ومن جانبها، تتعهد إسرائيل بوقف كل أعمال العنف ضد الفلسطينيين وتجميد جميع اشكال البناء الاستيطاني بما في ذلك وقف البناء في الجدار، واطلاق سراح جميع الأسرى والسماح بفتح الميناء والمطار في غزة وكذالك مطار قلنديا شمالي القدس. وبحسب الخطة، ستقام قوة دولية بقيادة دول اللجنة الرباعية وتركيا للإشراف على تنفيذ الاتفاق وتكون مهمتها رفع التقارير الى مجلس الأمن. وحملت حركة"فتح"وجهات مقربة منها على هذه الوثيقة واصفة اياها ب"اتفاقية جنيف الحماسية". وانتقد تقرير لمركز الاعلام الذي يديره ياسر عبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أمس الوثيقة للأسباب الآتية: - تقدم الوثيقة هدنة مجانية مع إسرائيل، بمعنى وقف المقاومة من دون أي مقابل وقبل تطبيق أي حل على الأرض. - الموافقة على هدنة لمدة خمس سنوات تنسحب إسرائيل خلالها إلى خط متفق عليه داخل الضفة الغربية، أي ذات الخطة التي تدعو إليها إسرائيل وأميركا المسماة دولة ذات حدود موقتة، والتي وردت إشارة عامة إليها في المرحلة الثانية من خطة"خريطة الطريق"كاحتمال وليس كضرورة، وهو ما سبق ورفضته السلطة الفلسطينية. - هذه الدولة ذات الحدود الموقتة لا تشمل القدس، وكل ما تطالب به وثيقة الدكتور أحمد يوسف، هو مجرد حرية الحركة من القدس وإليها، مسقطاً الضمانات التي وردت في وثيقة أوسلو بشأن حماية المؤسسات والمقدسات المسيحية والإسلامية. - تتحدث الوثيقة بشكل غامض عن حق العودة وتسقط مرجعية حق العودة المتمثلة في قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار 194، والأهم من هذا كله أن"الغموض البنّاء" لهذه الجملة، أي حق العودة كما سمته صحيفة"يديعوت أحرنوت"، لا يحدد المكان الذي سيعود اللاجئون إليه، هل هو الدولة الفلسطينية أم داخل إسرائيل.