اختتمت محادثات تجارية مفصلية بين الصينوالولاياتالمتحدة في بكين هذا الشهر، لتعكس التفاعل الاقتصادي المتزايد بين البلدين عام 2006، على رغم تحقق ذلك على خلفية من الخلافات التجارية. وقال الباحث في الدراسات الأميركية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية تاو ون تشاو في تصريح إلى وكالة"شنخوا":"لم تكن الصينوالولاياتالمتحدة قريبتين مثل الآن في تفهمهما للشكل الذي ينبغي ان تكون عليه علاقاتهما الدبلوماسية". وأوضح الرئيس الصيني هو جين تاو نياته خلال زيارة الدولة التي قام بها للولايات المتحدة في نيسان أبريل بالقول:"لا ينبغي ان تكون دولتانا، اللتان تتمتعان بمصالح إستراتيجية مشتركة شاملة وهامة، صاحبتي مصالح فحسب ولكن أيضاً متعاونتين تعاوناً بناء". ورداً على كلامه، اعترف الرئيس الأميركي جورج بوش بأن العلاقات التجارية الصينية - الأميركية"أصبحت أقوى". وعملت أحداث لافتة على تدعيم العلاقات بين الصينوالولاياتالمتحدة عام 2006. فقد زار الرئيس الإداري للإدارة الوطنية للطيران والفضاء في الولاياتالمتحدة مايكل غريفين الصين لتعزيز التعاون الصيني - الأميركي في مجال الفضاء في أيلول سبتمبر، وهو أعلى مسؤول أميركي في قطاع الفضاء يزور الصين في السنوات الپ12 الماضية. وبعدها بشهرين، أجرت البحريتان الصينية والأميركية أول تدريبات مشتركة على البحث والإنقاذ في بحر الصين الجنوبي. وسُجلت أرقام قياسية جديدة في القطاع الاقتصادي. فالصين تُعد الآن ثالث اكبر شريك تجاري للولايات المتحدة وأسرع أسواق التصدير نمواً بالنسبة إليها. وفى الأشهر الپ10 الأولى من عام 2006، وصل حجم التجارة بين البلدين إلى نحو 214.52 بليون دولار، وزادت الصادرات الأميركية إلى الصين 23.8 في المئة، وهي الخطوة الأولى نحو الحد من الخلل التجاري الضخم بين البلدين. وقال الخبير في الدراسات الأميركية في جامعة بكين يوان بنغ:"إن الصينوالولاياتالمتحدة تبنيان علاقات ثنائية تقوم على المصالح المشتركة". وأوضح يوان"ان الكثير من التبادلات تحدث في مجالات العلوم والثقافة والجيش، ما اظهر ان العلاقات الصينية - الأميركية تنمو بصورة مطردة، وهو أمر لم يتحقق إلا من خلال التبادلات الرفيعة المستوى". لكن الخلافات التجارية تعوِّق تدعيم العلاقات بين البلدين. فقد أثارت الصادرات الصينية المتزايدة خلافات تجارية في شأن عدد من المنتجات الصينية كالمنسوجات والأحذية وأجهزة التلفزيون وقطع غيار السيارات. وأفادت وزارة التجارة الصينية ان 23 دولة ومنطقة، بما فيها الولاياتالمتحدة، بدأت 70 تحقيقاً لمناهضة الإغراق والإعانات ضد الصين في الشهور التسعة الأولى من العام. توقعات النمو وكان البنك المركزي الصيني والأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية توقعا ان ينمو إجمالي الناتج المحلي للصين 10.5 في المئة عام 2006. وأشار تقرير الأكاديمية الى احتمال تباطؤ في معدل النمو الاقتصادي إلى 10.1 في المئة عام 2007 بفضل سياسات الضبط الحكومية. وتوقعت الأكاديمية ان يصل الفائض التجاري للصين إلى مستوى مرتفع قياسي يبلغ 158 بليون دولار عام 2006، على أن ينخفض إلى 123 بليوناً عام 2007، وأدى النمو المستدام في الفائض التجاري للصين إلى زيادة سريعة في الاحتياط الأجنبي للبلاد الذي كسر حاجز التريليون دولار في تشرين الأول أكتوبر 2006. وأدى ذلك بدوره إلى ضغوط لإعادة تقويم عملة الصين اليوان. وهددت الولاياتالمتحدة بفرض رسوم عقابية على الواردات الصينية إذا لم تُرفع قيمة اليوان. وأكد تقرير الأكاديمية ان زيادة المعروض من بعض القطاعات اجبر المنتجين على السعي إلى الحصول على حصص اكبر في الأسواق الخارجية. واقترح ان تتشدد الصين في إصلاح آلية تحديد سعر النقد الأجنبي، وإصلاح نظام إعادة رسوم الصادرات للحد من نمو صادراتها. ويسبب الاستثمار المنطلق بسرعة صداعاً كبيراً لصناع السياسة في الصين، واجبر الحكومة على الاستمرار في السياسات المحكمة للاقتصاد الكلي. وبدأت سياسات الاقتصاد الكلي التي تضمنت رفع أسعار الفائدة والحد من الائتمان وعرض الأراضي، تحقق نتائج. تزايد استهلاك الطاقة وأظهرت أرقام رسمية من لجنة التنمية والإصلاح الوطنية ان الصين ستفشل في تحقيق هدفها في خفض استهلاك الطاقة لكل وحدة من وحدات إجمالي الناتج المحلي، أربعة في المئة عام 2006، ووضعت بكين هدفاً لخفض الاستهلاك 20 في المئة في خمس سنوات من 2006 إلى 2010. ويتمثل الهدف من الخفض في توجيه التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الصين، ولكن البلاد متأخرة عن الموعد المحدد. وشهدت الصين زيادة 0.8 في المئة في استهلاك الطاقة لكل وحدة في النصف الأول من عام 2006، وواصلت مؤشرات الملوثات الرئيسة ارتفاعها. وألقت الحكومة المركزية باللوم على الحكومات المحلية في البداية البطيئة لمشاريع" إجمالي الناتج المحلي الأخضر"الرائدة في 10 مقاطعات وبلديات. وقاومت سلطات محلية كثيرة بضراوة ضغوط الحكومة المركزية، بل ان بعضها طلب التخلي عن الخطة. وفي إطار مشروع إجمالي الناتج المحلي الأخضر، تم التركيز على تكلفة التدهور البيئي إلى جانب أرقام النمو الاقتصادي لمناطق خاصة. ووفقاً لخطة كفاءة الطاقة وزعها مجلس الدولة على الحكومات على جميع المستويات في آب أغسطس، سيُؤسس هيكل قطاعي يعزز كفاءة الطاقة ما يؤكد على التحديث التكنولوجي والرقابة على الإدارات المحلية وسياسات الضرائب الملائمة. واتخذت بعض الخطوات في هذا الاتجاه عام 2006، إذ شاركت 1008 مشاريع في تسعة قطاعات رئيسة تستهلك الطاقة في برنامج كفاءة الطاقة الذي بدأته الحكومة المركزية. وأهداف المشروع هي توفير طاقة تعادل 100 مليون طن من الفحم. وفى أيلول سبتمبر، ألغت الصين خفض ضرائب الصادرات على الفحم والغاز والأخشاب، بينما خفضت الضرائب على الصلب والاسمنت والمنسوجات والمعادن. ووضعت الحكومة المركزية قائمة لمنتجات توفير الطاقة التي سيؤدى استخدامها إلى مزايا ضريبية. وستُفرض ضرائب تصدير أعلى لدفع الشركات الى عدم تصدير سلع تشمل استهلاكاً مرتفعاً للطاقة وتتسبب في تلوث خطير.