هل يتنازل الزوج عن أخطائه، ويعتذر إذا شعر بأن زوجته على حق؟ وهل تعتبر الزوجة التنازل ضعفاً واستسلاماً، أم حباً ومودة... وتفادياً للسوء؟ متى يكون التنازل ضرورة ومطلباً ومتى يمسّ الكرامة؟ متزوّجون، يجيبون عن هذه الأسئلة ويفصحون عن المشكلات التي تفضي إلى طرحها. منهم من ينظر إلى الشراكة الزوجية بمثالية متوهّمة ومنهم من يبدو أكثر واقعية وتيقّظاً. يقول محمد المبيّض أستاذ كومبيوتر إن التضحية مطلوبة من كلا الزوجين، علماً أنه يطالب بأن تتحلّى"الزوجة قبل الزوج"، بصفات محدّدة، كالتضحية والوفاء والفضيلة. ويعتقد أن ما تقدمه المرأة من تضحيات لن يضيع أبداً، فالرجل"مهما يكن قاسياً سيقدّر تنازلاتها حتماً، فيقم بدوره على التنازل عن بعض مطالبه". والمبيّض ينصح زوجته هو بأن تكون أكثر صبرا واحتواء للمشكلات بينهما، وألاّ تعتبر كثرة تنازلاتها له عيباً... فالزوجة الذكية هي التي"تستعبد"الرجل بخضوعها له. نورة الصقر ربة منزل تخالفه الرأي وتلقي باللائمة على الرجل الشرقي الذي ينتظر دائماً تنازل الزوجة وخضوعها"ليتمكّن من السيطرة، فهو يعتبر تنازله لها انهياراً لسيادته"... وهكذا، يظل على الدوام منتظراً المزيد من التنازلات بلا مقابل. لكن فاته أن المرأة لم تعد ضعيفة لا حول لها،"لقد أصبحت الزوجة اليوم شريكاً فاعلاً ضمن المؤسسة الزوجية. وباتت تملك حق التنازل عن قناعة ورغبة، لا عن يأس وضعف". وتتوجّه الصقر إلى الزوجين لافتة كلاهما إلى أن التنازلات الزوجية لا بد لها من أن تتم بين الطرفين بالتساوي وعن"طيب خاطر من دون أن يشعر احدهما بأنه أعطى وقدم أكثر مما أخذ". وتتّخذ أمل العلي سيدة أعمال منحى مختلفاً، فتكون هي من يبادر إلى التنازل والتضحية في حياتها الزوجية، لتحافظ على أسرتها، إذا كان الخطأ الصادر من زوجها معقولاً، ويمكن غفرانه. لكنّها تشدد على وضع"خطوط حمر"في مسألة التنازل، لا تتخطاها المرأة كي تحافظ على كرامتها التي هي جزء من كرامة الزوج والحياة الأسرية. وينزع خالد المشري مراقب مالي إلى تحديد الأمور والأشياء المطلوب التنازل عنها وظروف هذا التنازل وشروطه، في شكل مسبق. وهو هنا يثني على الخطوط الحمر التي طرحتها العلي،"كحدود لا يتجاوزها الطرفان". ويشترط على من يضع الخط الأحمر ألاّ يغالي ولا يتطرف، تيسيراً لتقديم التضحيات، عند المقدرة،"للحفاظ على أمان الأسرة ومستقبلها". ويؤمن عبدالله الدريبي أستاذ بأن الحياة الزوجية مؤسسة مشتركة بين الطرفين، والتنازل هو السبيل لاستمرارها، ولكن بحدود. وهو لا يرى عيباً في تنازل أحدهما للآخر في أمور الدنيا،"لتسير سفينة الحياة في بحر من السعادة تحمل أبناءهم بأمان". وهو يعتقد أن التنازل من أي من الطرفين يساوي"ابتسامة على شفاههما وسرور أطفالهما. لذا، فعلى الوالدين أن يقدما مصلحة الأولاد على مصالحهما الشخصية وان يكسب كل منهما ود الآخر، فهما في النهاية شريكين في مؤسسة أسرية واحدة". وتتدخّل آرام المفلح متخصصة في علم النفس لتوضّح طبيعة التنازلات ودورها في صوغ أطر العلاقة بين طرفي الحياة الزوجية وتلفت إلى أن دوام أي علاقة بين اثنين من البشر، رهن بأن يقدّم أحدهما أو كلاهما"تنازلات". ونظراً إلى أنه لا يوجد منزل يخلو من مشكلات ناجمة عن تقلبات الأمزجة واختلاف في الطباع وتباين في الآراء بين الأزواج، تجد المفلح أن ما يراه احدهما ضرورياً ولازماً قد يستغني عنه الآخر بلمحة. وما يعتبره أحدهما حسن سلوك أو حسن تعامل مع الآخرين قد يستخفّ به الآخر. وحول الأكثر ميلاً إلى تقديم تنازلات، بين الرجل أو المرأة، تقول المفلح:"ليس هناك جنس أكثر ميلاً إلى تقديم التنازلات من الآخر. فالاستعداد لذلك موجود لدى الأزواج كما الزوجات. لكن المهم هو الأسلوب الذي يقدم فيه الأول تنازله، ليندفع الثاني فيقبله بلباقة ومن دون استعلاء".