سيكون اعلان حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية خلال أسبوعين في عاصمة عربية في حضور الاعلام العربي والدولي، والأخ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لپ"حماس"، بعد ان يعلن الفلسطينيون اتفاقهم"ونقول للعالم تفضلوا هذا موقفنا ونريد رفع الحصار". الأخ أبو الوليد ربط تشكيل حكومة وحدة وطنية تخلف حكومة"حماس"بطلب أساسي هو رفع الحصار، وهو هدد صراحة بأنه اذا لم يرفع الحصار فالشعب الفلسطيني سيثور، وستكون هناك انتفاضة ثالثة. كان أبو مازن قال لي في نيويورك على هامش جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ان تراجع"حماس"عن اتفاق عقده مع رئيس الوزراء اسماعيل هنية سببه"صاحبك خالد مشعل". وسجلت ذلك في حينه، واتصل بي أبو الوليد ليشرح موقفه، واتفقنا على ان نتصل من جديد عندما ينفرج الوضع وتتوافر له معلومات جديدة محددة. وهكذا كان وعرض الأخ خالد تفاصيل الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية في اتصال هاتفي طويل، وراجعنا الوضع منذ فوز"حماس"بانتخابات المجلس التشريعي في مطلع السنة، وحتى اليوم. أترك الكلام له فهو قال: إن"حماس"كانت الضحية في كل المحطات، ونحن لم نقم بانقلاب على السلطة، ولم نركب دبابات في الليل لتغيير النظام، لم نرتكب جريمة. في كل بلد يأتي حزب الى السلطة عبر صناديق الاقتراع. غير ان"حماس"لها مواقف لا تروق لأميركا واسرائيل وبعض العرب. وهذا لا يبرر ان نعامل كما جرى على امتداد السنة من اطراف دولية وإقليمية، فالشعب الفلسطيني يعاقب ويجوع، واسرائيل تمنع عنه أمواله. كان هناك تواطؤ دولي لتنظيم انقلاب على"حماس"يناقض مفاهيم الديموقراطية التي يبشرون بها. طالما ان"حماس"في السلطة فلتفعل اسرائيل ما تشاء. وهم مرة يزعمون اننا لا ننفذ شروط الرباعية، ومرة اننا مختلفون في ما بيننا ولا حاجة للتعامل معنا، او لا فائدة. في غضون ذلك اسرائيل استغلت الخلاف الداخلي والحصار الخارجي للتصعيد العسكري وزيادة العدوان على الضفة الغربية وقطاع غزة، وايهود أولمرت حاول ان يعوض عن هزيمته في لبنان بجعل غزة مسرح استعادة بعض التوازن السياسي والمعنوي على الساحة الاسرائيلية. قال أبو الوليد ان الوضع الفلسطيني كان متأزماً جداً في رمضان، وحاولت"حماس"لعب دور ايجابي للخروج من ذلك الجو غير الصحي. وهو تحدث عن مسارين انتهيا بالاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية، ومرة ثانية أترك الكلام له: المسار الأول تمثل بمناقشات سياسية بين الفصائل الفلسطينية كافة للخروج من الحالة المرضية. وقد ناقشنا وثيقة الأسرى وطلعنا بوثيقة الوفاق الوطني التي عملنا عليها بين ثلاثة أسابيع وأربعة، ومثلت منعطفاً تاريخياً فقد كانت أول مرة تتفق فيها الفصائل الفلسطينية على برنامج سياسي مشترك. غير انه برزت بعد حرب لبنان مقولات في الساحة الفلسطينية تزعم ان الوثيقة غير كافية، لأن الإدارة الأميركية لا تقبل حكومة وحدة وطنية على أساسها، وصار الحديث عن"محددات"سياسية، وتراجع بعض الأطراف، وتدخلت أطراف اقليمية ودولية مصرّة على ان تقبل"حماس"شروط الرباعية، اعتقاداً منها بأن"حماس"ستنهار أو تخضع سياسياً. بكلام آخر السقف المطلوب هو الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وقبول اتفاقات منظمة التحرير والتزاماتها. هذا موقف غير مجد وأقرب الى العبثية، فكل يوم مطالب جديدة وشروط جديدة غير ان"حماس"لن تغير قناعاتها التي هي قناعات الشعب الفلسطيني، ولن تقبل تشكيل حكومة بارشادات أميركية، فالحديث عن حكومة مقبولة من المجتمع الدولي، يعني انها مقبولة أميركياً. لن نخضع للمعايير الأميركية، ولا دولة عربية تقبل مثل هذا، ونحن نشكل حكومتنا بمعاييرنا الوطنية لا الأميركية لذلك أغلقنا هذا المسار. المسار الثاني هو ان نتفاهم فلسطينياً على تشكيل حكومة تأتي بالتوافق، وهذا ما فعلنا على امتداد أسابيع، وكانت هناك وساطات قادتنا الى الأمام، والأخ مصطفى البرغوثي زارنا ورحّبنا به وسمع وجهة نظرنا بعد ان رأى أبو مازن، ونقل وجهة نظره. وهو أصبح جسراً بيننا وبين أبو مازن، ومع الاخوان في غزة والأخ اسماعيل هنية والاخوان في الضفة. هذه المفاوضات انتهت بحكومة الوحدة الوطنية على أساس وثيقة الوفاق الوطني. أتوقف هنا من الحديث مع الأخ أبو الوليد لأقول إن"حماس"لن تغير شيئاً من قناعاتها المعروفة في الحكومة الجديدة، وترى انه ليس مطلوباً منها كفصيل ان تعترف بإسرائيل، وهذا رأي أبو مازن أيضاً. الا ان"حماس"ترى في حكومة الوحدة الوطنية مخرجاً حتى لا يتكرر الوضع الخطر في رمضان، عندما كاد الفلسطينيون يدخلون مواجهة داخلية. والحكومة بالتالي آخر سهم في جعبة"حماس"، فإذا لم يرفع الحصار، فإنها ستطلق انتفاضة ثالثة تشعر بأن الفلسطينيين كلهم سيشاركون فيها.