لا شك في أن الحوادث المؤلمة التي مرّ بها لبنان أخيراً جراء العدوان الاسرائيلي كان لها تأثير سلبي كبير في حياة الفنانين والساحة الفنية في لبنان. ثمة مهرجانات وحفلات ألغيت بسبب المأساة، ما أثر سلباً في مدخول معظم المغنين. إلا أن البعض منهم كان حاضراً عبر عرض أغانيه الوطنية التي نفذت في اللحظة لمواكبة الأزمة. ومثل هذه الأعمال الغنائية قد تولد ميتة لأنها تأتي في كثير من الاحيان على نحو متسرع. إنما هذا لا يمنع ان عدداً كبيراً من الاغاني الوطنية اللبنانية ما زال راسخاً في اذهان الجمهور منذ عقود، ولا يحق لأي شخص، سواء كان هاوي غناء ام لا ان ينتهك حرمة هذه الاغاني ولو من باب"المونة"كما فعلت المغنية مي حريري التي اعادت تسجيل أغنية"موعدنا ارضك يا بلدنا"التي حفظها الناس بصوت ملحم بركات منذ سنوات طويلة، ما يعني أنّ على من يريد تقديمها بأسلوبٍ جديد أو توزيع موسيقيّ جديد أن يقدّر العمل وأن يتمتع على الأقل بقدرات صوتية تجعله قادراً على أدائها. اما مي حريري، المعتدية اصلاً على الغناء، فقد أدت الاغنية باستخفاف واضح على رغم براعة جهاز الكومبيوتر في تحسين صوتها. ربما أرادت مي ألا تغيب عن الحدث فتصبح خارج اللعبة فسافرت إلى القاهرة لتسجّل اغنية"موعدنا أرضك يا بلدنا"هناك من دون إذن مسبق من صاحب العمل ملحم بركات، الذي اكّد لنا أنّه لا يعلم بما أقدمت عليه أم ولده"ملحم جونيور"لكنه لن يمنع بث الأغنية حتى تسوية الامور. يذكر كذلك أن مي صوّرت الاغنية إلا ان مشاهد الدمار التي تخللت الكليب تبدو بعيدة عن مي المسرورة في مشاهد أخرى. تناقض واضح طبعاً. سؤالنا نوجهه إلى كلّ المغنين: هل تدهور الفن الوطني وصل إلى هذه الدرجة من الاستهتار؟ مي حريري ارتكبت مهزلة ولكنها ليست وحدها في هذا المضمار والحبل على الجرار...