يبدو أن علاقة نجيب محفوظ بالسينما لن تنتهي والسبب أن قصصه ورواياته لا تزال تمثل رافداً أساسياً للأفلام السينمائية التي تُحقق منذ العام 1960، تاريخ بداية تحويل روايات محفوظ الى أعمال سينمائية، أفضل النجاحات جماهيرياً بسبب واقعيتها وشخصياتها التي أسرت القلوب. آخر هذه الأعمال الفيلم الروائي القصير"الزيارة"المأخوذ عن قصة لمحفوظ بالعنوان نفسه، اختارها المخرج عز الدين سعيد لتحويلها الى فيلم وكتب لها السيناريو والحوار بنفسه. وحول هذا الفيلم يقول عز الدين:"هي المرة الثانية التي التقي فيها أدب نجيب محفوظ بعد فيلم"الغرفة 12". وبدأت علاقتي بهذا الأديب الكبير منذ كنت طفلاً صغيراً أشاهد الأفلام المأخوذة عن رواياته وقصصه وعرفته من خلال"الثلاثية"و"ميرامار"وپ"اللص والكلاب"وغيرها من الأعمال التي تأثرت بها، وفي فترة لاحقة بدأت أقرأ ليقودني ذلك الى عالم جديد خصوصاً في القصة القصيرة التي وجدتها اكثر عمقاً، واكتشفت أن محفوظ يكتب كشخصين أحدهما داخل العمل والثاني يراه من الخارج! فهو جزء وكل من تفاصيل عمله في الوقت نفسه، وأعتقد اننا ما زلنا بعيدين من اكتشاف هذا المبدع الذي أمامنا بالكامل". ويتابع عز الدين:"حدث لي توحد مع"الزيارة"وغيرها من الأعمال إذ رحت أدخل في تحدٍ مع شخصياتها. وبالمناسبة اكتشفت ان تحويل النصوص الأدبية الى صورة سينمائية شيء مرعب. وشخصياً قبل بدء التصوير سافرت الى المغرب كي أعود شخصاً جديداً لأتعامل مع هذا الفيلم وشخصياته. إذ تدور قصته حول القهر. أما الحبكة في القصة الاصلية فتتحدث عن خادمة وسيدتها فيما حوّلتهما في الفيلم الى جدة وحفيدتها تعيشان معا من دون أن تنتبه الحفيدة الى انها صارت فتاة في سن الزواج، نظراً لسلوك الجدة التي تخشى ان تبقى وحيدة. لكن يحدث ان يظهر احدهم ذات يوم ليقلب حياتهما رأساً على عقب، اذ يبدأ في بث مشاعر الكره بينهما". الفيلم الذي كان يتمنى صاحبه ان يشاهده محفوظ، كما يقول، هو الآن في مرحلة المونتاج، ويقوم ببطولته ايناس مكي وماجدة الخطيب وكمال دسوقي وليلى جمال. يذكر أنه الفيلم السادس في مسيرة عز الدين، وقد حصدت أفلامه السابقة، جوائز عدة، من هنا يرى أن الفيلم الروائي القصير سيظل عشقه الأول على رغم انه سيدخل العام المقبل تجربته الأولى مع الفيلم الروائي الطويل. أما البطلة ايناس مكي صاحبة التجارب الناجحة مع الأفلام الروائية القصيرة وآخرها فيلم"الثلثاء 29 من فبراير"لجيهان الأعصر، فتقول:"أجد نفسي في الأفلام الروائية القصيرة التي اعتبرها فرصة للممثل كي يبدع ويمثل بعيداً من أي ضغوط. وبالفعل يعوضني ذلك عن غيابي عن السينما. اما ادب نجيب محفوظ فمذهل عندما تقرأه تقع في غرام شخصياته منذ اللحظة الأولى. وهو ما حدث لي مع شخصية"شريفة"العانس التي تعيش مع جدتها من دون ان تفكر في نفسها ومتطلباتها ومع ذلك الجدة تقهرها ويدور بينهما صراع نفسي كبير".