قيصر عفيف الشاعر المهاجر الى المكسيك منذ ربع قرن هيّأ النص العربي لمجموعة"قصائد مختارة"للشاعر المكسيكي من أصل لبناني خايمي سابينس عن دار نلسن، 108 صفحات من القطع الوسط وصورة الشاعر سابينس على الغلاف الأول، بالتعاون مع مجلة"الحركة الشعرية"التي يصدرها قيصر عفيف في المكسيك. وسابينس 1926 - 1999 أكثر شعراء المكسيك شهرة وشعبية في القرن العشرين. يعلمنا عفيف ان الشاعر أمضى طفولة رائعة في كنف والديه على ما روى هو نفسه في ما بعد. ظلّ يتذكّر ما كان يرويه والده من قصص وروايات حملها معه من لبنان منها قصص"عنتر"ومغامراته وألف ليلة وليلة. وعلى طريقة"الحكواتي"كان الوالد يترك الأولاد في كل ليلة عند عقدة يتشوقون في اليوم التالي للاستماع الى البقية، وكثيراً ما كان الأب المهاجر من لبنان يردّد أمام أولاده أغنيات شعبية لبنانية، ولما سأله ابنه الصغير خايمي مرة عما يقوله أجابه انها أغنيات شعبية لبنانية يرددها البناءون في القرى وهم يشيدون بيوتهم. كان خايمي المتحدر من أسرة صغبيني البقاعية مهملاً دروسه منصرفاً الى نظم الشعر، صرف ثلاث سنوات في دراسة الطبّ أدرك بعدها أنه لم يخلق لهذه المهنة، فقال عن تلك الحقبة: أظن أن سنوات الوحدة والألم هي التي صنعت الشاعر فيّ. تعلمت الوحدة والقلق والاضطراب في الحياة البشرية. قرأت بجنون خصوصاً الكتاب المقدس. كان هذا الأدب عزائي، لا بالمعنى الديني ولكن لأني رأيت فيه أناساً آخرين يتألمون ويعانون الوحدة والحب وتحطمهم الحياة كل يوم ص11. قال عنه اكتافيو باث: أفضل شعراء الاسبانية المعاصرين، غنّى الموت في كل مناسبة. الا أنه أفرد للموت قصيدة نشرها عام 1954 في مجلة كانت تصدر في المكسيك العاصمة اسمها"أميركا"لكنه عندما بدأ يختار قصائد لينشرها ضمن مجموعاته أهمل تلك القصيدة نهائياً ولم تظهر لاحقاً في أي مجموعة له. يقول في نهاية تلك القصيدة:"الموت لا يقتل/ الموت ليس الموت/ الموت ملجأ وملاذ، رفيق مثل أم وحزين/ الحياة هي التي تقتلنا/ ترمينا تسلّمنا وتبعدنا". يقر الأستاذ عفيف في مقدمته الى قصائد مختارة لخايمي سابينس ان الاختيار لم يكن سهلاً، لكنه أراد قصائد تعطي فكرة شاملة عن شخصه وشعره، وأخيراً استقرّ به الأمر على اختيار معظم القصائد التي كان يحلو له أن يلقيها في سنواته الأخيرة. ويضيف المترجم الأستاذ عفيف ان كان لديه شريط لأمسية ألقاها الشاعر في الجامعة الوطنية وشريط آخر لقصائد في قصر الفنون الجميلة في مكسيك العاصمة، فكان يستمع كل مساء الى القصيدة التي ينوي ترجمتها فيغفو على صوته يتردد في مسمعه ويعمد في صباح اليوم التالي الى ترجمتها. يشير الأستاذ عفيف الى أنه حاول قصارى جهده أن يجاري أسلوب الشاعر المباشر والبسيط بكلماته العادية بقطفها من تجربة الشارع أكثر من شجرة اللغة الأكاديمية، ولهذا السبب كان لا بد من الاستعانة ببعض الكلمات المستعملة في العامية اللبنانية، الا ان ثمة قصيدة واحدة عجز عن ترجمتها الى العربية الفصحى لأنه رأى انها تخسر كثيراً من شفافيتها وعفويتها فعمد الى نقلها الى العامية اللبنانية وتركها في آخر المجموعة. القمر يُمكنك أن تجرع القمر بالملعقة أو على شكل أقراص، مرة كل ساعتين أنه مُنَوِّم ومُسكِّن ويشفي أيضاً الذي سمَّمتهم الفلسفة قطعة من القمر في جيبكَ تميمة أفضل من قَدَم الأرنب تُساعدك في العثور على مَن تحب، على أن تُثرى دون أن يعرف أحد. قطعة من القمر تُغنيك عن الأطباء والمصحات وعندما يعجزُ الصغار عن النوم يمكن أن تعطيهم القمر قطعة حلوى قطرات من القمر في عيون العجائز تُعينهم على الموت ميتة رضيّة ضَع ورقة من القمر تحت المخدّة ترى ما تُحب أن تراه أحمل معك دائماً زجاجة من هواء القمر تساعدك حين تكاد تختنق إعطِ مفتاح القمر للمساجين واليائسين للمحكومين بالإعدام وللمحكوم عليهم بالحياة فليس من مُنبِّهٍ أفضل من القمر يُعطى تحت المراقبة في جرعاتٍ محدّدة.