يعزو تقرير قرأته عن الپ"وول مارت"، لبانكاج قيماوات وكين مارك نشر في"نيويورك تايمز"الشهر الماضي، نجاح الپ"وول مارت"إلى الأسعار التنافسية، اذ تقل في المناطق الريفية بنسبة تتفاوت بين ثمانية وخمسة في المئة عن الاسعار في المدن. وتوفر على الأميركيين ما قيمته 16 بليون دولار سنوياً. وكان التقرير يرد على الدراسات عن"وول مارت"والانتقادت التي تتعرض لها، اذ أشارت الى أن سبب نجاحها يعود الى الرواتب المتدنية التي يتقاضاها الموظفون والميزات المكتسبة مثل التأمين الطبي وغيره. كما تحدث التقرير عن أسباب أخرى لنجاحها. ولكن الانتقادات التي تتعرض لها الشركة في هذا المقال لا تعنينا بقدر بعض الإحصاءات المذكورة في التقرير، ومقارنتها بپ"الهايبر ماركت"التي انتشرت اخيراً في المملكة العربية السعودية. ويشير التقرير إلى أن أكثر من 100 مليون أميركي يتسوقون في الپ"وول مارت"ومعظمهم من الطبقات الفقيرة والمتوسطة. كما تزيد مبيعات فروعها في المناطق الفقيرة مرتين ونصف مرة عن تلك القائمة في المناطق الغنية. ويقع معظم فروع الپ"وول مارت"80 في المئة في 25 في المئة من المناطق الفقيرة داخل الولاياتالمتحدة. ومقارنة بأسواق الپ"هايبر ماركت"في المملكة، والتي تشتهر بأسعارها التنافسية، نرى أن معظم الفروع، إن لم يكن كلها يتمركز في المدن الرئيسة في المملكة. اذ نشر تصريح لرئيس مجموعة شركات حمادة التجارية فايز صالح حمادة يعلن فيه أن"شركات"كارفور"وپ"جيان"وپ"ماكس"الفرنسية، إضافة إلى شركة"العزيزية بندة"السعودية، تعتزم إنشاء 65 مشروعاً لمجمعات تسويقية ضخمة حتى نهاية 2010. وقدر تكاليف شراء هذه المواقع او استئجارها، إضافة إلى تكاليف بنائها وتجهيزها بأكثر من عشرة بلايين ريال. وأوضح أن هذه المشاريع ستنفذ في ثماني مدن هي: جدةوالرياضوالدمام ومكة المكرمةوالمدينةالمنورة والخبر والقصيم وجازان. وتتفاوت مساحة كل موقع بين 15 و30 ألف متر مربع. كما تعمل شركة"كارفور"الفرنسية الممثلة بمجموعة"الفطيم"الإماراتية الآن على تأسيس ستة مشاريع في جدةوالرياضوالدمام بكلفة استثمارية تزيد على 1.8 بليون ريال. كما تسعى شركة"العزيزية بندة"السعودية الى ان تكون انطلاقتها الأولى في السعودية من خلال عشرة مشاريع في جدةوالرياض ومكة المكرمةوالدمام حتى نهاية 2006، وتزيد استثماراتها على ثلاثة بلايين ريال تقريباً. وتنوي شركة"كارفور"افتتاح مجمعين تجاريين في جدة أحدهما على طريق الملك والآخر على طريق الأمير سلطان، ومجمعين في الرياض ومثلهما في الدمام. وتستعد شركة"جيان"لتدشين انطلاقتها من الرياض منتصف الشهر المقبل بافتتاح أول مجمع للتسويق"هايبر ماركت"على مساحة 25 ألف متر مربع بشراكة مع مجموعة"الحكير"السعودية، كما ستفتتح شركة"ماكس"مشروعها الأول في نهاية العام الحالي في الرياض. وفي رأيي المتواضع، فإن المناطق النائية والمدن الصغيرة، والتي يقل فيها دخل الفرد عن مثيله في المدن الكبرى، أحوج الى هذه الأسواق التي تقدم أسعاراً تنافسية على كل المنتجات، وهي تمثل الشرائح الواجب استهدافها، خصوصاً أن تلك المناطق تفتقر الى تنوع المنتجات والأسواق. في حين أن مفهوم الپ"هايبر ماركت"يقدم في الموقع نفسه معظم الاحتياجات من مواد غذائية وملابس وأجهزة ومستلزمات مدرسية وغيرها. ولا شك في ان هذا المفهوم من مصلحة المستهلك. وبحسب التصريح المشار إليه لرئيس مجموعة شركات"حمادة"، فإن تلك الشركات تلجأ إلى المصانع العالمية مباشرة لتأمين احتياجاتها من البضائع والسلع بكميات كبيرة، ومن ثم توزعها على فروعها المنتشرة في دول العالم. لذا، فإن لديها القدرة على البيع للمستهلك بأسعار أقل بنسب تتراوح بين 10 و 30 في المئة تقريباً مقارنة بأسعار الأسواق والمراكز التجارية القائمة الآن. ومثل هذه المميزات جديرة بها المدن الصغيرة والمناطق الفقيرة. كما أن وجود تلك الأسواق في المدن الصغيرة يوفر فرص عمل يستفيد منها سكان هذه المدن والمناطق، ويشكل أيضاً مؤشراً إقتصادياً ايجابياً آخر يساهم في الحد من الهجرة الى المدن الكبرى. اذ أُشير في التصريح نفسه الى أن نصيب العمالة الوطنية من الفرص الوظيفية التي ستتيحها مشاريع الپ"هايبر ماركت"التي ستنفذ في السنوات المقبلة سيرتفع في شكل ملحوظ، اذ قدر"العمالة المطلوبة لأعمال الإدارة والتشغيل بنحو 450 عاملاً وموظفاً لكل مشروع، ما يعني أن إجمالي الفرص الوظيفية المتاحة حتى 2010 تقدر بنحو 30 ألفاً، منها ما يزيد على عشرة آلاف للعمالة الوطنية، بواقع نسبة سعودة 35 في المئة". وهذا بالطبع سيتوافر في المدن الرئيسة فقط. عندما نقارن بين انتشار الپ"وول مارت"وانتشار الپ"هايبر ماركت"المذكور، نرى أن ما يحدث في المملكة يتجه عكس التيار ويحرم الأكثر حاجة الى هذه الأسواق. إذ ان انتشارها يتمركز في شكل رئيس في الرياضوجدةوالدمام، بل ان معظم الفروع يقع بالقرب من الأحياء التي يسكنها ذوو الدخل العالي في المدينة الواحدة. لذا نقترح على المسؤولين في هذه الشركات درس مثل هذا التزاحم والتمركز في المدن الرئيسة، بل في أحياء متجاورة، ما قد يتسبب مستقبلاً في زيادة في العرض وحرب أسعار لا تحمد عقباها، فضلاً عن حرمان المدن الصغيرة من تلك الأسواق. پ پ * اقتصادي سعودي.