التهابات الكبد الفيروسية امراض شائعة ومنتشرة في كل انحاء العالم وحتى الآن تمكن العلماء من رصد ستة فيروسات مختلفة تقف وراء هذه الالتهابات هي: G, E, D, C, B, A. إلا ان التهاب الكبد بالفيروس C يعتبر الأخطر من بينها لأنه داء صامت غالباً ما يتم كشفه بعدما يكون قد عاث في الكبد فساداً, وتشير التقديرات الى وجود ما لا يقل عن 200 مليون شخص مصاب في العالم بهذا الالتهاب القاتل، ففي الولاياتالمتحدة يلقى حوالى عشرة آلاف شخص حتفهم سنوياً بسببه، وهناك من الخبراء من يقول ان التهاب الكبد سيكون الوباء العالمي المقبل، وفي كل سنة هناك 3 الى 4 ملايين يصابون بعدواه. والمشكلة الكبرى في التهاب الكبد، انه مرض يهاجم ضحيته ويظل صامتاً عنده صمت القبور، اذ ان الفيروس المسبب له ينمو ويتطور ويخرب على مدى فترة قد تمتد لسنوات طويلة من دون أي اشارات منذرة تدل على وجوده فيظهر المريض وكأنه شخص سليم ولكن الحقيقة هي غير ذلك، فالشخص عليل، والأدهى من ذلك انه قادر على تصدير الفيروس لغيره. لقد تعرّف العلماء على هوية الفيروس C في العام 1989 وبعدها بثلاث سنوات وُضع الاختبار النوعي لكشفه والذي يرتكز على الأجسام المضادة للفيروس المسماة بAnti - HCV وينتقل هذا الفيروس من طريق الدم ومشتقاته او من طريق زراعة الأعضاء لمتبرع مصاب به. وتكثر العدوى بالفيروس C بين المصابين بالفشل الكلوي لخضوعهم لعملية الغسل الدموي المتكرر وكذلك بين مدمني المخدرات الذين يستعملون الحقن الملوثة. وعندما ينال الفيروس الغاشم C من الكبد، فإن العوارض الآتية قد تظهر على المصاب وهي: التعب، وهو العارض الأكثر شيوعاً في التهاب الكبد، ويكون غامضاً ومحيراً، والمصاب به يعاني الإنهاك ولا يستطيع القيام بأي مجهود مهما كان بسيطاً. الصفار في العينين وعلى الجلد، بسبب عدم استطاعة خلايا الكبد معالجة مادة البليوروبين الآتية من الخراب الطبيعي الذي يطاول كريات الدم التي تعيش لمدة تقارب 80 يوماً، إن تراكم هذه المادة في الدم هو الذي يؤدي الى ظهور اللون الأصفر على الجلد وفي العينين وفي البول. زيادة مستوى خمائر الكبد التي تدل على وجود دمار في الخلايا الكبدية، وهذا الدمار ليس ناتجاً من الفيروس عينه بل من هجوم الجهاز المناعي الذي يحاول قتل الفيروس. ان تخريب الخلايا الكبدية يؤدي الى اصابتها بالتليف الذي قد ينتهي لاحقاً بالإصابة بسرطان الكبد. كيف يعالج التهاب الكبد؟ ان علاج التهاب الكبد C يتم حالياً باستعمال عقار الأنترفيرون - ألفا الذي يعطى مرة واحدة في الأسبوع بالمشاركة مع مضاد فيروسي آخر هو ريبافين لمدة تراوح بين 6 أشهر و12 شهراً، وهذه الخلطة الدوائية تعطي نتائج شفائية في 50 في المئة من الإصابات، وهذا ما دعا العلماء الى الكشف عن سبل اخرى يستطيعون من خلالها السيطرة على الفيروس، وبالفعل تمكن باحثون اميركيون اخيراً من انتاج الفيروس المسبب لالتهاب الكبد C مخبرياً، وهذا ما سيفتح المجال لهم لكشف جوانب ما زالت غامضة في دورة حياة الفيروس، وبحسب الطبيب تشارلز رايس الباحث في وحدة الأمراض المعدية في جامعة روكفلر الأميركية، فإن إنتاج الفيروس C في المختبر سيتيح المجال لإلقاء الضوء على كيفية تأثيره في الخلايا الحية للإنسان، وهذا بحد ذاته قد يمهد الطريق لابتكار علاج فاعل ضد المرض. هل يوجد لقاح ضد التهاب الكبد C؟ حتى الآن لا يتوافر أي لقاح ضد التهاب الكبد وأفضل ما يمكن عمله لتفادي شر التقاط هذا الالتهاب هو التقيد بالشروط الآتية: 1- تفادي استعمال الأدوات المشتركة مثل مقص الأظافر وشفرات الحلقات وفراشي الأسنان. 2- تحاشي المخدرات. 3- استعمال الإبر والمحاقن ذات الاستعمال الواحد. 4- تطهير الآلات الطبية وتعقيمها. 5- منع المصابين بالتهاب الكبد C او الحاملين له من التبرع بالدم. 6- الانتباه والحذر من ادوات الثقب والوشم والختان والتأكد من انها معقمة ومطهرة جيداً. ان عشرين في المئة من المصابين بالتهاب الكبد C يتماثلون الى الشفاء العفوي من دون أي سبب واضح ومعروف، اما الباقون أي ال80 في المئة، فإنهم يتعرضون لالتهاب الكبد المزمن الذي يؤدي لدى عشرين في المئة منهم الى الإصابة بالتليف الكبدي، وفي 5 في المئة من هؤلاء الأخيرين ينتهي التليف بالسرطان. ان 90 في المئة من حملة الفيروس C في الدول الغربية هم من المدمنين على المخدرات ومن متلقي التبرعات بالدم الملوث. وفي النهاية يجب ان نأخذ في الحسبان المعلومات الآتية: - ان التهاب الكبد C لا ينتقل من طريق الطعام او الشراب او الماء او البراز وذلك على عكس التهاب الكبد بالفيروس A، من هنا فإن العدوى نادرة جداً بين افراد العائلة الواحدة ولا حاجة بتاتاً لعزل المصاب. - ان التهاب الكبد C لا ينتقل بالقبل ولا بالمصافحة. - ان التهاب الكبد C لا ينتقل بالمعاشرة الجنسية بين المتزوجين. - ان الفيروس C يمكن ان ينتقل من الأم الى الطفل. - كلما اكتشف التهاب الكبد بالفيروس C باكراً كانت النتائج العلاجية اعلى، وبحسب البروفيسور الألماني ميكاييل مان الذي نشر دراسة سابقة في مجلة"نيو انغلاند جورنال"الطبية، فإن العلاج المبكر يحول دون وقوع التهاب الكبد C المزمن. - ان العلاج الحالي المتوافر ضد التهاب الكبد، هو علاج باهظ الثمن جداً وليس في متناول الدول الفقيرة، فتكاليف علاج المريض الواحد تصل الى 25 ألف دولار إن لم يكن اكثر. ويجدر التنويه هنا الى ان المعالجة قاسية وصعبة خصوصاً في البداية اذ يشكو المصاب من تعب قوي جداً سواء على الصعيد الجسماني او الصعيد النفسي. - الأم المصابة بالتهاب الكبد C تستطيع ان تحمل ولكن هناك احتمال ان ينتقل المرض الى طفلها لحظة الولادة بنسبة 5 في المئة، وكلما كانت مستويات الفيروس C عالية في دم الأم زاد خطر اصابة الطفل، كذلك فإن خطر انتقال المرض الى الطفل يزيد اذا كانت اصابة الأم متزامنة مع عدوى اخرى هي الإيدز. - ان التعب الشديد غير المبرر يجب ان يدفع للاستشارة الطبية لتحري وجود او عدم وجود العدوى بالفيروس C. - إن تناول المشروبات الكحولية يسهل من تطور التهاب الكبد، نحو التليف والتشمع وربما التسرطن. - إن مسيرة التهاب الكبد C تكون بطيئة لدى المرضى الصغار في السن ولكنها تكون سريعة لدى المرضى كبار السن. - هناك ستة اوجه للفيروس C مختلفة في ما بينها، وهذا ما يؤدي الى نتائج علاجية مختلفة وذلك تبعاً للفيروس الذي اصاب المريض.