يستعد لبنان بدءاً من بعد غد الأربعاء للدخول في الاستحقاق السياسي الأبرز بعد سيطرة المعارضة على غالبية المقاعد في البرلمان ويتعلق بتسمية رئيس الحكومة الجديدة الذي يفترض اختياره من بين اعضاء الكتل النيابية المعارضة او التيارات السياسية الحليفة لها، في ضوء الرغبة التي يبديها النائب سعد الدين الحريري الذي يتزعم اكبر كتلة نيابية 37 نائباً في عدم الترشح لهذا المنصب، مفسحاً المجال امام تسمية شخصية تنتمي الى تيار المستقبل الذي يتزعمه. ويرجح ان يقع الاختيار على الوزير السابق فؤاد السنيورة. راجع ص 2 و3 ويأتي انصراف القوى السياسية والكتل النيابية الى البحث في ملف تشكيل الحكومة العتيدة بعد ان حسمت رئاسة المجلس النيابي لمصلحة الرئيس نبيه بري الذي سيعاد انتخابه غداً لولاية رابعة في اول جلسة نيابية يعقدها المجلس النيابي الجديد بعد عزوف الرئيس حسين الحسيني عن الترشح واقتراعه بورقة بيضاء متضامناً بذلك مع عدد من النواب في"لقاء قرنة شهوان"المعارض الذين يطالبون بتغيير بري انسجاماً مع دعوتهم الى تحقيق الإصلاح السياسي والإداري ومكافحة الفساد والهدر انطلاقاً من المعركة على الرئاسة الثانية. وحاولت مساء امس قوى المعارضة المؤيدة لانتخاب بري وفي طليعتها كتلة المستقبل واللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، استيعاب ردود فعل حلفائها من المناوئين لرئيس حركة"امل"وذلك حرصاً منها على عدم تعريض وحدتها الى انتكاسة سياسية عند اول استحقاق سياسي مهم. وعقد ليل امس لهذه الغاية لقاء مشترك بين جنبلاط ورئيسة كتلة القوات اللبنانية النائبة ستريدا جعجع في حضور نواب اللقاء الديموقراطي وتيار القوات كان سبقه اول اجتماع لكتلة المستقبل برئاسة الحريري. واعتبر الحريري - بحسب ما ورد في البيان الصادر عن الاجتماع - ان الكتلة تعتبر نفسها معنية بالشأن الوطني بكل ابعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأن المسؤوليات الملقاة على عاتقها اكبر من ان تحصى خصوصاً في ظل غياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وشدد الحريري على ان تيار"المستقبل"في ضوء نتائج الانتخابات النيابية بات حركة سياسية جامعة تمتد على مساحة الوطن"الأمر الذي يفرض علينا ان نكون متأهبين للدفاع عن قضايا شعبنا، وصولاً الى تحقيق الإنماء المتوازن الذي يمثل ركناً اساساً في اتفاق الطائف". ولفت الى واجبات الكتلة في التصدي لمسألة اعادة بناء الدولة على اسس حديثة ومواجهة أي شكل من اشكال التغطية السياسية لعوامل الفساد في الإدارة مشترطاً قيام قضاء مستقل بعد ان اصبح في الفترة الماضية موضع مساءلة وطنية وشعبية نتيجة تدخلات الأجهزة الأمنية والسياسية التي اغرقته في ممارسات بعيدة عن الكفاية والنزاهة. وأكدت كتلة المستقبل استكمال مسيرة المصالحة الوطنية وتطبيق الطائف وأشارت الى ان هناك مسؤولية تاريخية امام المجلس الجديد تتطلب منه البت فوراً في اقرار قانون العفو العام لإطلاق سراح قائد القوات اللبنانية سمير جعجع وموقوفي احداث الضنية ومجدل عنجر من اجل تحصين مسيرة السلم الأهلي. وقررت الكتلة انتخاب بري رئيساً للمجلس بعد التزامه السير قدماً بالبرنامج الإصلاحي وإقرار القوانين اللازمة لتطبيقه كما لاستكمال المصالحة الوطنية وتمكين الحكومة العتيدة من مواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية اضافة الى تبلغه من الكتلة ان الإصلاح ومكافحة الفساد غير قابلين للمساومة. وعلى هذا الصعيد، اعتبرت مصادر في المعارضة ان تأييد بري يتجاوز مسألة انتخابات رئاسة المجلس الى التعاون مع الثنائية الشيعية "امل"و"حزب اللهA في تأليف الحكومة الجديدة بما يسمح للجميع بممارسة الضغط المطلوب لإقناع رئيس الجمهورية اميل لحود بأهمية التعايش الإيجابي مع حكومة تتشكل من القوى الفاعلة في البرلمان من دون ان تقفل الباب امام ضرورة اشراك التيار الوطني الحر العماد ميشال عون في الحكومة، وهذا ما يفسر توافق الحريري مع جعجع عندما زاره السبت الماضي في سجنه في وزارة الدفاع الوطني على وجوب مواصلة الحوار بينهما.