أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في كازاخستان فوزاً ساحقاً للرئيس الحالي نور سلطان نزاربايف، ليدخل ولاية جديدة بأصوات 91 في المئة من الكازاخيين، على رغم تشكيك المعارضة بنزاهة الانتخابات وانتقادات لاذعة من جانب المراقبين الدوليين. وكرّست النتائج الأولية المعلنة صورة نزاربايف بوصفه"الزعيم الأوحد"الذي حافظ على مقعد الرئاسة منذ العام 1990 على رغم التقلبات الكبيرة في الدول المحيطة. وكانت الجمهوريات السوفياتية السابقة المجاورة لكازاخستان شهدت أحداثاً ساخنة ومحاولات انقلاب وأعمال عنف متعددة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وتزايدت حدة التوتر في آسيا الوسطى بعد وصول عدوى"الثورات الملونة"إليها. وعلى رغم ذلك، حافظت كازاخستان التي تعد أغنى جمهوريات المنطقة، على استقرار نسبي ومعدلات نمو متزايدة حققها"قائد الأمة"بعدما انتهج سياسة وسطية حافظ فيها على علاقات بلاده متينة مع روسيا، وفتح أبوابها في الوقت نفسه أمام الحلفاء الغربيين، وخصوصاً الولاياتالمتحدة. وعلى رغم الاعتدال الذي أظهره نزاربايف في التعامل مع المتغيرات الدولية، ولاسيما بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 والحرب على أفغانستان، إلا أنه ضرب بقبضة من حديد المعارضة الداخلية وخنق الحريات، وهو ما أظهرته النتائج التي أعلنها أمس رئيس اللجنة الانتخابية المركزية أونالصين جمعة بيكوف، إذ حصل ابرز زعماء المعارضة جارماخان توياكباي على 6,46 في المئة فقط من أصوات الناخبين وحل الزعيم المعارض الثاني علي خان بايمينوف ثالثاً بحصوله على 65،1 في المئة . لا تعديلات وأعلن نزاربايف في أول تصريح له بعد إعلان النتائج انه لن يجري تعديلات جوهرية في هياكل السلطة الكازاخية. وشدد على ان بلاده ستواصل السير على نفس سياستها السابقة نافياً بشدة ما كان تردد حول وجود نيات لتوقيع اتفاقية وحدة مع روسيا. وسارعت موسكو الى تهئنة حليفها الاساسي في آسيا الوسطى، وأرسل الرئيس فلاديمير بوتين رسالة أكد فيها عمق العلاقات بين البلدين، فيما تحدث مراقبون روس أشرفوا على سير العملية الانتخابية عن"الأجواء الديموقراطية التي سيطرت عليها"، ولفتوا إلى دقة تنظيم الانتخابات. وهو التقويم الذي خالفه بشدة المراقبون الأوروبيون، إذ قال بروس جورج منسق عمل لجنة المراقبة التابعة للمفوضية الأوروبية للأمن والتعاون أن انتخابات الرئاسة الكازاخية لا تنسجم مع المعايير الدولية والمبادئ الأوروبية، وتحدث عن وقوع انتهاكات كبرى خلال مجرى الحملات الانتخابية وعمليات الاقتراع. بدورها، شنّت المعارضة الكازاخية حملة ساخنة ضد السلطات، وأعلنت رفضها نتائج الانتخابات التي وصفت بأنها"مزورة". وأعلن زعيم المعارضة توياكباي أن أنصار المعارضة سينظمون تظاهرات للمطالبة بإلغاء نتائج الانتخابات. لكن مصادر كازاخية شككت في قدرة المعارضة على تصعيد الموقف على رغم أنباء كانت ترددت في السابق عن وجود مخطط لتفجير"ثورة احتجاج"فور إعلان النتائج. وأعلن سفير كازاخستان لدى روسيا كريم بيك كوشيربايف في مؤتمر صحافي إن"تصدير الثورة المصطنع لحسن الحظ لم ينجح في كازاخستان". وقال إن المعارضة نشطت قبل الانتخابات وكانت تتوافر لديها إمكانات مالية وتنظيمية، إلا أن بوادر الفشل لوحظت منذ بداية الحملة الانتخابية من خلال استفزاز السلطة ومحاولة التأثير في مزاج الناخبين.