أقر المجلس التشريعي الكويتي حق المرأة في الترشح والانتخاب، وهذه خطوة بالغة الاهمية في تاريخ الكويت الحديث. فالكويت كانت بالفعل الدولة الخليجية الاولى التي انفتحت على الممارسات الديموقراطية واحتضنت حرية التعبير، ومع ذلك كانت الدولة الخليجية الوحيدة التي واجهت الاحتلال من قبل جيش دولة شقيقة يحكمها ديكتاتور هو صدام حسين. كانت الكويت يوم اقرار البرلمان الكويتي الحقوق السياسية للمرأة، تعقد مؤتمراً اقتصادياً خصصت ابحاثه لتقويم الخطوات المطلوبة لتثبيت الكويت كالمركز المالي والتجاري الاكبر والاهم في منطقة الخليج العربي. ولا شك في ان التوجهين السياسي والاقتصادي يتكاملان ويعبران عن قرار الكويت تثبيت الهوية والتوجه نحو الاقتصاد الحر والعولمة في آن. تشارك المرأة الكويتية الرجل منذ زمن هموم العمل والعائلة. والكويتيات يتمتعن عموماً بشخصية صلبة ورغبة في المناقشة ومقارعة الرأي بالرأي. وهنالك سيدات كويتيات برزن في حقول متنوعة مثل الفن التجريدي والرواية والشعر، وفي الوقت ذاته امسكن زمام مؤسسات تجارية واقتصادية كبيرة وأشرفن على استثمارات متنوعة في مختلف انحاء العالم. ومثال الشيخة سعاد الصباح يوفر صورة ما نقصده من القول ان المرأة الكويتية تحتل موقعاً متقدماً في تسيير ثروة المجتمع الكويتي وفي الاشراف على تكوينه الحضاري والمعيشي. تتمتع الكويتيات بحسب تقديرنا، ولو عن بعد، بالسيطرة على القرارات المتعلقة بالقسم الاكبر من الثروة المتكونة لدى القطاع الخاص. هذا الدور القيادي حظيت به الكويتيات بسبب مدار الحرية في النطاق العائلي الكويتي وانتساب العديد من الكويتيات المثقفات الى عائلات تحتضن مسؤوليات كبرى ان في نطاق ادارة الدولة او الاشراف على شركات كبيرة ومؤسسات ناجحة. اضافة الى هذه الاعتبارات الطبيعية العادية في مجتمع لا ينبذ الدور الانثوي تجمعت لدى الكويتيات ثروات ضخمة بسبب وفاة عدد من كبار رجال الاعمال ورجال الحكم ممن ورثت عنهم زوجاتهم الدور الاقتصادي واحياناً والى حد ما الدور السياسي على سبيل التعبير والاتصالات المحلية والاقليمية والدولية. تستند الكويت، التي تسعى الى تكريس دور قيادي في مجال الاعمال، الى زخم العديد من السيدات من كبار قادة مجتمع المال والاعمال. ومعلوم ان الانفتاح العالمي الذي تريده الكويت لا يمكن ان يكتمل اذا كان دور المرأة محاصراً او معدوماً، ولهذا السبب نعتبر ان قرار اعطاء النساء حقوقهن السياسية يتماشى مع رغبات غالبية المجتمع الكويتي كما يتناسب مع بذل الكويت جهوداً واضحة كي تحتل المركز الاول والاهم في مجال المال والاعمال. ان الدور الكويتي الجديد يمكن ان يتحقق لأكثر من سبب. ومن اهم اسباب النجاح المتوقع اعطاء الكويتيات حقوقهن السياسية، فأي مجتمع يسعى الى النجاح على صعيد اقليمي ودولي لا يمكن ان يحقق هذه النتيجة و52 في المئة من اهله نسبة النساء الى الرجال في الكويت مبعدين عن المشاركة في صياغة القوانين وقولبة شروط التعليم والعطاءات الاجتماعية، الخ. تستطيع الكويت الركون ايضاً الى تاريخها في تطوير الاعمال والى مؤسساتها الناجحة محلياً واقليمياً ودولياً والى دورها الريادي في تأسيس صندوق ادخاري للاجيال المستقبلية منذ الستينات، وتأسيسها وإسهامها في نجاح مؤسسات لتمويل القروض الانمائية في العالم العربي وبعض الدول الافريقية، وأشهر المؤسسات في هذا النطاق الصندوق الكويتي والصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي. لقد حققت الكويت تقدماً على جميع الدول العربية النفطية في مجال تملك المصافي وشركات توزيع النفط ومشتقاته في الخارج، كما تملكت نسبة ملحوظة من اسهم شركة مرسيدس وحافظة عقارية متفاوتة القيمة ما بين الولاياتالمتحدة وانكلترا وفرنسا واسبانيا، وفي حين بدا وكأن غالبية هذه الاستثمارات مهددة، اصطلح وضع غالبيتها مع بذل جهود تنظيمية وقانونية وتحسن المناخ الاقتصادي في البلدان المعنية. كما أسس الكويتيون مصارف اصبحت بين الابرز في العالم العربي، كما اسسوا شركات استثمارية اكتسبت اهمية على الصعيد الدولي، وللكويت مصالح ملحوظة في شركات تجارية وصناعية غربية منذ عشرات السنين. ان معطيات نجاح الكويت في مسعاها لاحتلال موقع متقدم في مجال المال والاعمال موجودة تاريخياً، لكن الاطار التشريعي لاستقطاب رؤوس الاموال والكفاءات من الخارج لا يزال بحاجة الى تطوير وترسيخ. ولا يكفي ان تكون شروط ممارسة العمل وانشاء الشركات سهلة كما في بعض الدول الخليجية الاخرى من اجل تأمين النجاح المطلوب، بل يجب ان يكون المناخ في مجمله مشجعاً. فالكويت تنعم بمجتمع متنوع الاهتمامات والطاقات ولا تعتبر بمثابة مجتمع للسياح والباحثين عن الذهب، وقد عانت في السابق من المضاربات غير المنتظمة فوقعت ازمة سوق المناخ التي احتاجت الى عقدين لطي خسائرها. مستقبل الكويت لا بد من ان يرتكز الى تشريعات حديثة وعِبَر الماضي. وفي المكان الاول من الاهمية، سيرتهن مستقبل الدولة باندفاع مواطنيها، رجالاً ونساء، الذي زادته قوة من دون شك القرارات السياسية الاخيرة والتوجهات المالية والاقتصادية نحو الاندماج بالعولمة. خبير اقتصادي.