تحتفل"الفيسبا"، المركبة السيارة ذات العجليتين، ببلوغها الستين. وهي، منذ 1945، تنسج على منوال نموذجها الأول الذي صنعه الايطالي انريكو بياجيو، صاحب معامل بونتيديرا بتوسكانا، قريباً من مدينة بيزا ذات البرج المائل المشهور. ومنذ حبوها الأول، ميّز المركبة من الدراجة النارية التقليدية عجلة أمامية مكتنزة ومغلقة يظللها ويحميها واقٍ من الوحل. وهذا يعلوه"مئزر"أو"مريول"يشبه القماش المفصل الذي يُلبس عند جلي الأواني. وميز المركبة الجديدة، يومها، مؤخرة على شاكلة نقطة ماء، ورفرافان رسما عمداً ليوحيا بدينامية المركبة ذات العجلتين وتوثبها. وعلى مثال الأساطير يُزعم أن اسمها "فيسبا" يعود الى الصناعي الايطالي الذي طلب تصميمها من كبير مهندسيه، كورادينو داسكانيا. فلما رأى الصناعي نموذجها الأول، وسمع طنينها، قال أو هتف:"كأنها زرقطة!"و"فيسبا"هي الزرقطة، في الايطالية. وأما المصمم المهندس فأراد مركبة تحجب المحرك وملحقاته عن العين، ولا يصعب على أحد قيادتها وسوقها، ويستطيع سائقها سواقها أو سائقتها امتطاءها من غير أن يدلّي الساقين والفخذين على جهتي المقعد. ويسّر هذا على النساء امتطاءها من دون حرج. وجعلتها أناقتها، ونظافتها الظاهرة، وانخفاضها، بمتناول النساء أولاً، وبمتناول من ليسوا في سن أو حال استعراض الدراجة النارية المعروفة وركوبها. وأدخل المصمم على نموذج الدراجة النارية بعض التجديد الذي يناسب جعلها بمتناول الناس على اختلاف أحوالهم. فجمع مفاتيح القيادة كلها - مفتاح الاشتعال، ومفتاح تنقيل السرعة أو"الفيتاس"، ومفتاح التلقيم"و"الدمبرياج"- على رغم تسميته"ديبرياج"في بعض بلادنا - على طرفي المقود، ووضعها بين يدي السائق. ووصل بين المقعد والمقود منبسط عريض وواطئ يضع عليه السائق قدميه. ويصلح باطن المئزر أو المريول لتعليق شبكة أو حقيبة تتسع لما يشاء صاحب المركبة حمله فيها. ويصنع هيكل"الفيسبا"من الفولاذ. ويمد المعدن المتين في متوسط"عمر"المركبة ليبلغ 25 عاماً. ويزيد المتوسط هذا عن نظيره في المركبات الأخرى. والى المتانة والدوام تتمتع"الفيسبا"بقيادة متوازنة تفوق توازن غيرها من المركبات النارية على عجلتين، على رغم ضآلة عجلتيها. ويشفع بتوازن قيادتها نظام يضبط الاسترسال الى أمام، وكابح أسطواني مركب في العجلة الأمامية. والميزات التقنية التي لا شك فيها ليست وحدها السبب في صورة "الفيسبا"الرائجة، والايحاءات الكثيرة التي تحوطها وتلابسها. فالمركبة ذات العجلتين تحولت الى وجه من وجوه حياة المدن الايطالية بواسطة الأشرطة السينمائية المحلية والأميركية. فمنذ 1953 كانت الدراجة الأنيقة صنو أودري هيبورن، النجمة الأميركية الشابة والناعمة، في شريط"نزهة في روما". وفي أعقاب أربعين عاماً في 1994 لم تفارق نانّي موريتي في"يومياته الحميمة". وطوال الستينات كانت"الفيسبا"علماً على"حزب""المودز"، مناوئي موسيقى الروك البريطانيين، وراكبي الدراجات النارية الضخمة و"الذكرية". ويلتقي سواقو وسواقات المركبة الفرنسية في 35 نادياً متفرقاً. ويطوون مئات الكيلومترات ليلتقي بعضهم بعضاً على دراجاتهم. وبلغ عددهم، في بعض"الاحتفالات"، عشرين ألفاً. ولا يبدو أن المدى الأوروبي المتسع يجافي"الفيسبا". فسوقها لا ينفك يواكب توسع أوروبا. ويحرص صانعوها، الى حرصهم على تراث كورادينو داسكانيا، مصممها، على مواكبة معايير رعاية البيئة الأوروبية. فالنموذج الأخير LX، صنع محركه من مزيج معدني يقلل من التفاعلات الكيماوية الملوثة تلبية لشرط اتحادي. ولا يزال بياجيو يصنع قطع غيار لمركبات قديمة يأبى أصحابها أن تخلد الى سكينة التقاعد المفترضة. عن كريستوف دو شينيه، لوموند الفرنسية، 20/5/2005