الدراسات الراهنة عن الإسلام أكثر من أن تحصى. ولكثرتها فهي تخلق لدى الجميع تشتتاً وتضارباً في الآراء. ولا نريد أن نضيف"ضغثاً إلى أبالة"كما يقول التعبير العربي القديم، لكننا نود بشيء من التبسيط والتوضيح نرجو ألا يكون مخلاً أن نطرح عدداً من"مفاتيح"فهم"الظاهرة الإسلامية"المتفاعلة بشدة في هذه المرحلة. كما نرجو ألا يغري ذلك أحداً بدعوتنا إلى"مؤتمر فكري"عنها، فقد بلغ السيل الزبا، ولا أذيع سراً إذا قلت ان معظم الوقت ينقضي في إرسال اعتذارات عن عدم حضور دعوات من هذا النوع، ليس عزوفاً عن مشاركات الفكر ولكن لقناعة صارت تزداد رسوخاً ان الكلام قد زاد والفعل، الفعل المجدي، قد نقص، وأن"مفاصل"التوصيل بين النظرية والواقع الخطر المعاش قد أصابها الانسداد بحيث لا يتحول الفكر إلى فعل، وهي"إشكالية"عربية وإسلامية منفصلة عما نحاوله في هذا المقام، ولا ندعي أننا نملك لها حلاً، وإن كان لنا فيها رأي مؤداه أن الفكر ليس حلاً سحرياً في حد ذاته. ولدينا في الخطاب العربي أفكار كثيرة ورائعة، ولكن مردودها الملموس قليل، لأنه ما لم تستوعب الفكر وتتقبله وتنفعل به قوى مجتمعية وسلطات ومؤسسات فاعلة في الواقع - وتلك مسألة فكرية وتنظيمية في غاية الأهمية - فسيبقى صوت المثقفين والمصلحين صوتاً صارخاً في البرية، ولن يرد عليهم أحد، مهما برعوا في"التنظير"، فالمسألة ببساطة تحتاج إلى"تدبير"! ومن التدبير الذي يحتاج إلى جلاء، أن المسلمين، في العصر الحديث، حاولوا التحديث من دون الإسلام، وحاولوا بإسلام التاريخ المنقضي، فلم تفلح المحاولتان، ولم يبق إلا تجريب الإسلام المتجدد والمتقدم وتحويله إلى مشروع عمل حضاري. وإذا فشلوا في هذا الخيار الثالث لا سمح الله، فالكارثة أكبر مما نتصور، فما زال هذا الخيار يمثل"الرؤية الضائعة"في كثير من الحركات والمشروعات الإسلامية، التي طمحت إليها... ومن الناحية المنهجية فلا بد من التنبه إلى أن الظاهرة الإسلامية في الماضي والحاضر ظاهرة متشابكة وعناصرها شديدة التنوع والتداخل. ويمكن أي شخص بحسب ميوله"انتقاء"عناصر منها بما يخدم وجهته تشدداً أو تسامحاً، أو توسطاً. فالوسطية التي أصبحت شعار المرحلة، خيار انتقائي بين انتقاءات. والعبرة في التطبيق بتوازن التركيبة المجتمعية وتطويرها إذا أريد للوسطية أساساً وطيداً في الواقع. وأياً كانت الفكرة متقدمة سياسياً وحقوقياً - كإقرار حق المرأة السياسي في الكويت الذي يستحق الترحيب - فإن المعول عليه مدى تجاوب القوى المجتمعية مع هذا الحق، عبر القبيلة والتركيبات العصبوية المتوارثة تاريخياً، وذلك ما حاول التنبيه إليه كاتب هذه السطور عبر مؤلفاته في تكوين العرب السياسي قبل سنين، وما ينبغي أن يبقى من هموم الإصلاح حاضراً ومستقبلاً. وفي ما يأتي، بتبسيط واختصار، بعض أهم"مفاتيح"الظاهرة الإسلامية في تقديري، وهي محاولة فهم، من دون انفعال أو تحيّز الى هذا الجانب أو ذاك قدر المستطاع. - أولاً: على القوى العالمية ومؤسساتها المختصة أن تدرك، وأظنها مدركة في الحقيقة، أن العالم الإسلامي الذي تتفاعل على أرضه وفي أعماقه"الظاهرة الإسلامية"حقيقة ضخمة من حقائق الجغرافيا السياسية في العالم تمتد من المغرب إلى اندونيسيا ومن أعالي آسيا الوسطى إلى أعماق أفريقيا وأن ليس من السهل شطبها أو إلغاؤها بجرة قلم أو بزر كومبيوتر، وأن محاولة تغليب قوة إسرائيل عليها إخلال بمنطق التوازن الطبيعي وقد تكون ممكنة لبعض الوقت، ولكن يستحيل أن تستمر طوال الوقت. وقد تنقلب إلى ما لا تحمد عقباه حيال التعنت الإسرائيلي والانحياز الغربي غير المنطقي ضد الحقوق المشروعة للفلسطينيين. ولا بد من التنبّه إلى أن العالم الإسلامي، بمختلف قواه، لن يمر بفترة ضعف وتقبل للسلام مع الإسرائيليين، كما هو في حاله الراهنة، وأن تضييع هذه الفرصة التاريخية، مراهنةً على مزيد من التراجع والضعف والتمزق المهين، سيؤدي إلى رد فعل انتقامي أهوج كما حدث في الحادي عشر من أيلول ديسمبر سنة 2001 وما تلاه من إرهاب مماثل نعتقد من الخطأ عدم الاعتراف بجذوره المتطاولة في الواقع العربي والإسلامي بمواصفاته التي تفوق طاقة الاحتمال البشري وتحتاج إلى وقفة متأنية صريحة وشجاعة لا بد من الاقتراب منها شاء الآخرون أم أبوا. وإذا كان الفكر المنحرف قد ضيّع"الشباب الضال"، فلا يمكن تبرئة"الواقع المنحرف"الذي فرخ في خرائبه وفساده ذلك الفكر منذ عقود. وإلى جانب ضخامة العالم الإسلامي كحقيقة جغراسية، فإنه ينطوي في وجدانه وتاريخه على حضارة مهمة من الحضارات الإنسانية. وإذا كان لهذه الحضارة نقاط ضعفها، فإنه لا يمكن إلغاء جوانب عظمتها في التاريخ. والأسلم الإقرار بين المسلمين ومجادليهم بأنها كغيرها من الحضارات البشرية يعتمل فيها السلب والإيجاب. وذلك للخروج من جدال التفاخر الحضاري العقيم، على أن يتفهم المسلمون، قبل فوات الأوان، أن الحضارة الغربية هي أيضاً خليط من السلب والإيجاب، وأنها استعمار وتقدم في الوقت ذاته! - ثانياً: في تقديري، فإن الظاهرة الإسلامية الراهنة بتأزماتها العنيفة، وهذا هو مربط الفرس وبيت القصيد في القضية كلها، تعكس أعراض الضغط التاريخي لدخول الإسلام والمسلمين في العصر الحديث. إنه مطلب"التحديث"الملح كما أنجزته اليابان في عصر الميجي 1868 وما بعد، وكما مرت به الصين في محنتها وصولاً الى المسيرة الطويلة وما بعدها طوال القرن العشرين، وكما سبق أن مرت به المجتمعات الأوروبية ذاتها بحروبها الدينية وتقلباتها السياسية، وثوراتها العلمية والفلسفية والصناعية منذ مطالع العصر الحديث. إنها ساعة الإصلاح الديني في الإسلام لدخول العصر الحديث. علينا أن نحدد المشكلة باسمها الحقيقي. هو مطلب الإصلاح الديني في الإسلام. ولن يفلح المسلمون في إصلاح سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو فكري ما لم يباشروا الإصلاح الديني قبل كل شيء والذي تأجّل طويلاً. فالإسلام هو مرجعية حياتهم، وعليهم"مراجعة المرجعية"لتكون عوناً لهم في صراع البقاء التاريخي هذا. فمن لا يدخل مرحلة التحديث الذي أصبح عالمياً، ولم يعد أوروبياً مسيحياً!، يحكم على نفسه بالانقراض المتدرج ولن يفيد أية أمة صراخها وانفعالها شيئاً، فحركة العصر لا تتعامل مع الظاهرات الصوتية. - ثالثاً: أمام حركة الإصلاح الديني في الإسلام قضايا ليست يسيرة تتلخص في الموقف من الآخر العقائدي، أعني المخالف للعقيدة الإسلامية في إيمانه سواء من غير المسلمين أو من بعض المسلمين أنفسهم والذين كانوا يعاملون كمرتدين، علماً أن مسألة عقاب المرتد مسألة خلافية في الفقه الإسلامي منذ القدم، ولا بد من أن يحدد الإصلاح الديني الجديد موقفه الواضح منها. يتصل بذلك الموقف من أهل الكتاب وأهل الذمة في المجتمعات الإسلامية في ضوء مفهوم المواطنية الذي يمثل أهم مفاهيم التحديث. كيف يمكن تطوير النظر إلى ذلك إسلامياً. ولنفترض أن المخالف العقائدي في عصرنا ليس من أهل الكتاب بالمفهوم الأصولي، فما الموقف منه؟ وحيال تقسيم العالم تقليدياً إلى"دار إسلام"و"دار حرب"قدم الفقه الإسلامي حلولاً مهمة لتجاوز الثنائية بطرح مفهوم"دار الصلح". فكيف يمكن تعميق هذا المفهوم؟ أو الخروج أصلاً من هذه الثنائية على صعيد الواقع الدولي، والإنساني، وتسليم مسألة التناقضات العقائدية والدينية إلى الله سبحانه يحكم في الآخرة بين أصحابها في ما هم فيه مختلفون، مصداقاً للآية الكريمة:"فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"البقرة/ 113. وفي تقديرنا، فإن الحوار الوطني في السعودية مؤشر إصلاحي مهم، وحدوثه بتنوع أطرافه دليل عافية. ولا بد في مطلب الإصلاح الديني من التنبّه، لمصلحة الفكر الإسلامي ومستقبله، ان العقل الكلاسيكي الإغريقي الذي تصالح معه عقيدياً فلاسفة الإسلام القدماء، ليس هو العقل الديالكتيكي الحديث، القائم على فكرة التناقض المخالف لمفهوم"التوحيد"وإن كان يتجه إلى إيجاد"المندمج الواحد"من خلال الصراع لا التوفيق. على الفكر الإسلامي أن يواجه هذا التحدي الفكري الجديد من خلال قبول التعايش مع غير المؤمنين أصلاً، وليس فقط مع أهل الكتاب، وكذلك مع توجهات"علمانية"نعلم مدى رفض غالبية المفكرين الإسلاميين لها، من خلال الإقرار بتعايش الاختلاف بين الإيمان والعقل من منطلق انهما يتفقان في مراحل، ويختلفان، بل يتناقضان، في مراحل أخرى، وأن من الخطأ والسذاجة محاولة التوفيق التام بينهما بالمطابقة المطلقة. وتندرج ضمن هذا التصنيف محاولات المطابقة بين النص القرآني الكريم والمعطيات العلمية الحديثة، في مجال"الإعجاز العلمي"الذي ليس له سند أصولي دينياً، ويكشف الحاجة الاعتقادية إلى"شهادة"العلم الحديث لمصلحة العقيدة الإسلامية، وهو مطلب غير صحي للمؤمن الذي لا يساوره شك في عقيدته ولا يطلب لها"شهادة"من خارجها، فضلاً عن أن الحقائق والمخترعات العلمية التي يحتفل مروّجو"الإعجاز العلمي"بها متغيرة وهي في واقع الأمر، من اكتشاف علماء غير مسلمين، فلماذا لم يكتشفها هؤلاء الأفاضل بجهدهم وعقلهم، من دينهم مباشرة، بدل الاستناد إلى جهد غيرهم ممن ينتمون إلى معتقدات ومنهجيات أخرى. وإلى جانب هذه المراجعات الفكرية، ثمة مراجعات في الفقه التطبيقي تتطلب حسماً في مجال الإصلاح الديني، أبرزها حال المرأة واقعياً في المجتمعات الإسلامية، خصوصاً في ما يتعلق بالأحوال الشخصية. إن خطباءنا يعلنون دائماً أن الإسلام حرر المرأة وأعطاها حقوقها كاملة، وهذه مسألة لا خلاف عليها وتدعو إلى اعتزاز المسلمين بها، ولكن ماذا عن عذابها المهين هي وأبنائها وبناتها أمام المحاكم الشرعية بسبب استغلال أكثر الرجال لتخريجات الفقه القديم في الممارسة، وكيف لا يحرك هذا الواقع الأليم للمرأة المسلمة ضمير أولئك الخطباء المبشرين بأفضل المبادئ في غمرة أسوأ الأوضاع؟ وهي عقلية تفاخر لفظي لا تقف عند حد أوضاع المرأة المسلمة وإنما تشمل أوضاع الأمة المسلمة كلها... - رابعاً: أما أكثر المسائل إلحاحاً في الإصلاح الإسلامي فتتمثل في إعادة تأسيس الفكر السياسي في الإسلام على أسس جديدة وأكثر ملاءمة لحياة المسلمين السياسية في عصرنا وأكثر استفادة من دروس تاريخهم السياسي المضطرب الذي تولدت منه أكثر الفتن والفرق، وحولت السياسة إلى مطلقات اعتقادية، وبالتالي صراعية، على رغم كونها تفاهماً ضمن فن الممكن. تتراوح المواقف في الفكر الإسلامي المعاصر من المسألة السياسية، بين الاعتقاد المطلق بعقيدة الإمامة المعصومة ورديفتها ولاية الفقيه، وبين فكرة السلطة المدنية في الإسلام كما تبلورت في العقود الأخيرة لدى مفكرين إسلاميين من مصر كأحمد كمال أبو المجد ومحمد عمارة ومحمد العوا وطارق البشري على سبيل المثال وصولاً إلى فكرة أن الإسلام دين وأمة وليس ديناً ودولة، كما طرحها جمال البنا، الأمر الذي يطرح التساؤل الكبير: هل الخلافة نظام إلهي كما يرى الإخوان المسلمون أم أنها نظام بشري انتمى إلى تجربة الإسلام التاريخي...؟ هل يمكن هذه الرؤى أن تتعايش وتتفاعل سلمياً حتى في إطار المذهب الإسلامي الواحد؟ ونحن نكتب هذه السطور، يقوم وزير خارجية إيران بزيارة للعراق هي الأولى بعد الاحتلال الأميركي لهذا البلد المسلم. وإذا كانت هذه الزيارة تعني أن جمهورية إيران الإسلامية، بواقعية وبراغماتية سياسية معهودة لديها، تتعامل اليوم من ناحية مع الوجود الأميركي في العراق، على رغم خطابها المعلن والموحي بعكس ذلك، فإنها من ناحية أخرى تقترب من مواجهة الحقيقة المتمثلة في السؤال الآتي: هل يمكن إيران الخمينية التعامل مع تشيع متحرر، ومختلف عن فكرها الرسمي المقنن في دستورها، في عراق ديموقراطي لا يقوم نظامه السياسي على الإيمان بولاية الفقيه؟ قد لا يكون وزير خارجية إيران مطالباً بالإجابة عن هذا السؤال في زيارته الحالية، لكنه سؤال لا يمكن إغفاله في مجرى العلاقات، المفتقرة حالياً الى الشفافية، بين البلدين الجارين، وتحديداً بين حوزة النجف العربية وحوزة قم الفارسية. وبمعزل عن ذلك، وحتى مع القبول بمبدأ عدم الفصل بين الدين والسياسة، فإن لا مفر من إقرار التمييز بينهما في الإسلام التاريخي وفي الواقع المعاصر ذاته، ومن يدرس أي نظام حكم إسلامي حديث، من الإيراني إلى السعودي على اختلافهما، بمنهج تحليلي وتفكيكي، يرى أنه يقوم على التمييز بين الجانبين الديني والسياسي في إيران: المرشد ومؤسساته من ناحية/ رئيس الجمهورية ومؤسساته من ناحية أخرى، وفي السعودية: كبار العلماء، وغالبيتهم من آل الشيخ، من ناحية، وحكام المملكة السياسيون من آل سعود من ناحية أخرى... وهكذا. هذه بعض المسائل التي تحتاج إلى بحث أو تفهم في مطلب الإصلاح الفكري السياسي للنظم الإسلامية في عصرنا، والمسائل كثيرة، ولكن لا بد من معالجتها ضمن هذا التوجّه الملح لإعادة تأسيس الفكر السياسي. - خامساً: يعج العالم الإسلامي، على رغم وحدته الحضارية والعقيدية العامة، بتناقضات موضوعية ومذهبية. وعلينا ألا نتوهم حل هذه التناقضات بالنيات الطيبة وحدها. والملاحظ أنه بعكس حركات التحرر الوطني السابقة، فإن الحركات الإسلامية المعاصرة ما زالت رهينة الفروق المذهبية بحيث يستطيع أي راصد ملاحظة هذا الفرز المذهبي ولا نرى حركة إسلامية استطاعت أن تجمع المسلمين في تنظيم موحد بين السنّة والشيعة، هذا حتى لا نذكر الزيدية والأباضية والدروز إلخ... وما زالت الأنباء تترى بأن أصوليي الزيدية في اليمن يريدون إقامة حكم زيدي خالص على رغم وجود حاكم زيدي على رأس الدولة وأن نظراءهم في سلطنة عمان يريدون أيضاً حكماً أباضياً خالصاً على رغم توافر الشرط ذاته... وعلى ذلك قس. وهذا يدل على أن المشكلة ليست مذهبية في جوهرها. وهي مشكلة نعتقد أن فكر"الصحوة"الإسلامية لم يصحُ عليها بعد! وما زالت مقولة مرشد الإخوان الأول حسن البنا:"نجتمع على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً في ما اختلفنا عليها"تمثل أفضل مقاربة للخلافات المذهبية، ولكن كيف يمكن أن تنتقل إلى التطبيق في عراق اليوم مثلاً، والصراع المذهبي ينخر مشروعه السياسي الجديد؟ هنا أيضاً لابد للفكر الإسلامي من أن"يصحو"ويتجاوز موروثه المعوق ليواجه مطلب"المواطنة"الحديثة على أساس تعايش الاختلاف في الدولة المسلمة باعتباره الوسيلة العملية الوحيدة الممكنة لتعايش الطوائف والمذاهب والفرق من دون الدخول في متاهات الجدل الفقهي القديم الذي يثير مجدداً من المشكلات أكثر مما يقدم من الحلول. فتوحيد المذاهب عملية مستحيلة. والتقريب بينها جيد، لكنه لا يمثل حلاً جذرياً لمسألة المواطنة في الدولة الحديثة. وقد نبهنا في أكثر من موضع الى أن الكاثوليك والبروتستانت يتعايشون في أنحاء أوروبا وبريطانيا - تحديداً - عدا ايرلندا الشمالية حيث ثمة إشكال سياسي لم يحل بعد! فالخلافات المذهبية تتضاءل مع تطور المجتمع في ظل الدولة الحديثة، لكن الصراعات السياسية تعيد إحياءها لمصلحتها كما أوجدتها أصلاً. وداوني بالتي كانت هي الداء، نعني: السياسة... التي على المسلمين إعادة اكتشافها، من حيث هي سياسة لا من حيث هي ديانة! * كاتب ومفكر من البحرين.