يوم عصيب مرت به مصر أمس استعاد فيه المصريون ذاكرة التفجيرات والعمليات التي تستهدف السياحة من قلب عقد التسعينات من القرن الماضي الذي حفل بمثل هذه العمليات، إذ فجّر أصولي راديكالي نفسه بعدما قفز من أعلى جسر"اكتوبر"وسط القاهرة عند ميدان الشهيد عبدالمنعم رياض خلف المتحف المصري فقُتل فوراً بعدما انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها، وأصيب سبعة أشخاص منهم ثلاثة مصريين، واسرائيلي وزوجته، وسويدي، وايطالية. وبعد نحو ساعة من الحادث فوجئ ركاب باص سياحي كان يمر قرب سور مجرى العيون في منطقة السيدة زينب بفتاتين منتقبتين تطلقان النار على الركاب، فما كان من سائق الباص الا ان اسرع بالسير متفادياً رصاص الفتاتين اللتين سارعتا باطلاق النار على نفسيهما فقُتلت إحداهما وأصيبت الاخرى بجروح بالغة. وسجلت الفتاتان سابقة بمشاركة سيدات في الهجمات. وربطت أجهزة الأمن بين الحادثتين وبين تفجير خان الخليلي الذي وقع في السابع من الشهر الماضي وأسفر عن مقتل منفذه حسن بشندي وثلاثة سياح. اذ تبين أن منفذ عملية الحادث الأول هو المتهم الفار من قضية خان الخليلي ايهاب يسري ياسين وكانت أجهزة الأمن نشرت صورته في الصحف، واعلنت أنه مطلوب لإتهامه بالتخطيط لعملية الخان. وقال بيان لوزارة الداخلية"إن أجهزة الأمن عثرت في حوزة الجاني القتيل على بطاقته الشخصية التي ورد فيها اسمه وهو ايهاب ياسين كما كان يحمل في الوقت نفسه بطاقة حسن رأفت بشندي مرتكب حادث الأزهر". وأشار البيان الى أن الحادث أسفر عن أصابة ثلاثة مصريين من المارة في ميدان عبد المنعم رياض، اضافة الى اسرائيلي وزوجته وكذلك ايطالية وشخص سويدي الجنسية كانت اصابتهم جميعاً سطحية ونقلوا فوراً الى المستشفى لإسعافهم. وأوضح البيان إنه في إطار متابعة اجهزة الأمن لاجراءاتها المكثفة لتعقب ثلاثة عناصر فارة مرتبطة بالمجموعة المتورطة في حادث الازهر في 7 نيسان ابريل الماضي والتي أعلن عنهم ونشرت صورهم في وسائل الإعلام المختلفة، فإن الاجراءات المكثفة خلال الساعات الأخيرة اسفرت عن ضبط اثنين منهم هما اشرف سعيد يوسف وجمال احمد عبدالعال، وأن الثالث ياسين هو الذي نفذ حادثة الأمس. وذكرت مصادر طبية في مستشفى قصر العيني الجديد أنه تم نقل أربعة من المصابين في حادث ميدان عبد المنعم رياض الى المستشفى وهم كاتالينياترا نشيسكا 26 سنة، ايطالية، وامينا ساموزيك 55 سنة، اسرائيلي وزوجته بالنسيون ساموزيك 56 سنة، اسرائيلية، وتوماس يوهانغ يونغ 56 سنة، سويدي. وأكدت المصادر أن الجميع اصاباتهم خفيفة تتراوح بين اصابات في الوجه والذراعين والساقين وتجري لهم الاشاعات والفحوص والاسعافات اللازمة. وأعلن وزير الصحة الدكتور محمد عوض تاج الدين أن عدد المصابين في الانفجار بلغ سبعة بالاضافة الى الشخص الذي لقي حتفه، وقال إنه تم نقل ثلاثة من المصابين الى مستشفى المنيرة العام وهم جميعاً من المصريين رجلان وسيدة. واضاف أنه تم نقل الاربعة الآخرين الى مستشفى قصر العيني، مشيراً الى ان بعض الاصابات نتج عن مسامير كانت محشوة في العبوات الناسفة. وذكر الوزير انه في مجال المقارنة مع احداث الازهر تعتبر الاصابات في حادث أمس طفيفة في مجملها في حين ان اصابات حادث الا زهر كانت جسيمة لأن الانفجار تم وسط المجموعة التي استهدفها الحادث، في حين أن اصابات أمس كانت ناتجة عن انتشار المسامير واجزاء العبوة. وتفقد وزير الداخلية حبيب العادلي ومحافظ القاهرة الدكتور عبدالعظيم وزير موقع الحادث. وكانت مصادر أمنية مصرية أعلنت قبل يومين أن محققين حددوا هوية شخصين آخرين يشتبه في ضلوعهما في انفجار خان الخليلي وأنهما كانا يخططان لشن مزيد من الهجمات، ونشرت أول من أمس صور الاثنين وهما ايهاب يسري ياسين الذي تبين أنه نفذ حادثة أمس وزميله جمال أحمد عبد العال الذي مازال فاراً، اضافة الى قائد التنظيم واسمه اشرف سعيد يوسف الذي حددت اجهزة الأمن شخصيته ونشرت صورته عقب تفجير خان الخليلي. وبحسب مصدر أمني مصري أورد تفاصيل ما جرى ل"الحياة"فإن أجهزة الأمن"تمكنت من القبض على الارهابيين الفارين اشرف سعيد يوسف وجمال احمد عبدالعال المتهمين في حادث خان الخليلي، وبتضييق الخناق على الارهابي ايهاب يسري ياسين المتهم في الحادث نفسه قام بإعداد عبوة ناسفة وإلقاء نفسه من فوق جسر أكتوبر على أربعة سياح أجانب فقتل فوراً". وتبين أن الحادث وقع أسفل جسر اكتوبر ما بين فندق هيلتون رمسيس قرب ميدان عبدالمنعم رياض. وذكر شهود انهم شاهدوا الارهابي وهو يقفز من فوق جسر اكتوبر ويسقط فوق السياح الأربعة محاولاً قتلهم بالعبوة الناسفة التي كان يحملها إلا أنها فجّرت رأسه ورقبته بينما أصيب السائحون وثلاثة مصريين بإصابات طفيفة. وعثرت أجهزة الأمن في ملابسه على بطاقة الارهابي بالاضافة الى بطاقة الارهابي حسن بشندي الذي نفّذ تفجير الازهر. وتبين أن الارهابي كان يرتدي قميصاً وبنطالاً أسود وحذاءً أسود، وقال شهود ل"الحياة"إنه بمجرد سقوطه من على الجسر سُمع صوت انفجار وبعدها تناثرت العبوة الناسفة وانطلقت منها مسامير اصابت السياح والمصريين في مكان الحادث. وانتقلت الى مكان الحادث قيادات الأمن في وزارة الداخلية والمعمل الجنائي والطب الشرعي وتولت جمع ا شلاء رأس القتيل المتناثرة للتأكد من شخصيته. كما انتقل فريق من نيابة أمن الدولة العليا لمعاينة الجثة وتم نقلها الى مشرحة زينهم. وذكر مصدر أمني أن سيدتين اطلقتا النار على باص سياحي في منطقة مجرى العيون بالسيدة عيشة في محاولة لإصابة عدد من السياح الذين يستقلون باصاً لكن محاولتهما فشلت، فحاولتا الانتحار باطلاق النار على نفسيهما. وفيما قتلت الاولى قُبض على الثانية. ورجح المصدر أن تكون إحدى السيدتين زوجة الارهابي الذي فجر نفسه في ميدان التحرير. ودان شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي الحوادث الارهابية التي شهدتها مصر أمس واستهدفت السياح الاجانب، قائلاً إن الاسلام يرفض أي عمل تخريبي من شأنه ترويع الآمنين وازهاق أرواح الابرياء من ضيوف مصر. وطالب بأشد العقوبات على"مرتكبي هذه العمليات الاجرامية والضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه القيام بمثل هذه الاعمال الوحشية التي من شأنها الاضرار بمصالح الوطن والمواطنين ولا يستفيد منها إلا أعداء مصر والعرب". وحض الشعب المصري على التكاتف مع الشرطة في التصدي لمثل هذه الاعمال المرفوضة من كل الأديان والمِلل. كذلك دانت جماعة"الاخوان المسلمين"الهجمات.