نجحت جائزة"كومار"التي تمنح سنوياً منذ سنة 1997 للرواية التي يكتبها مبدعون تونسيون باللغتين العربية والفرنسية في صنع الحدث الثقافي عموماً والأدبي خصوصاً في تونس متحولة حافزاً أساسياً للإبداع الروائي جعل دور النشر والمطابع تعدل مواقيت إصداراتها عليه. وكل هذا مكنها من امتلاك أهمية تتجذر عميقاً من سنة إلى أخرى يبرزها بوضوح تنامي عدد الروايات الصادرة في السنوات الأخيرة. وهو ما جعلها تمتلك سلطة خولتها أن تصير اختباراً حقيقياً للابداع الروائي التونسي. لذا تجاوز إشعاعها الثقافي والإعلامي تونس ليشمل بلداناً عدة عربية أخرى. ويعلن عن جوائز"كومار"التي تمنحها المؤسسة الاقتصادية"شركة البحر الأبيض المتوسط للتأمين وإعادة التأمين كومار"في إطار دعمها للحياة الثقافية سنوياً يوم 23 نيسان أبريل احتفالاً باليوم العالمي للكتاب. وحصلت على"الكومار الذهبي"الجائزة الكبرى وقيمتها 5 آلاف دينار تونسي/ نحو 4 آلاف دولار أميركي التي تمنح لأهم رواية باللغتين العربية والفرنسية لهذه السنة، رواية"الكرنفال"للناقد والروائي محمد الباردي بالعربية ورواية"بيت على الهضبة"للكاتب الهادي زروق بالفرنسية. وتوزعت بقية الجوائز التي ترشحت لها هذه السنة 30 رواية للفوز بها منها 19 باللغة العربية و11 باللغة الفرنسية كالآتي: - الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم: لمحمد العوني العيادي عن رواية"قصر النخلة"بالعربية ورفيق الدراجي عن رواية"صوفونيبه قرطاج"بالفرنسية. - جائزة الرواية البكر: للكاتب المنوبي زيود عن رواية"دفاتر موسى الجلاد"بالعربية ورشيد عبدالجليل عن رواية"خمار ليالي الضباب"بالفرنسية. - جائزة التقدير بالعربية للكاتب الناصر التومي عن رواية"الرسم بالماء". - جائزة الاكتشاف بالفرنسية لفؤاد الزاوش عن رواية"سيد اللعبة". أبرز الاستنتاجات التي أفرزتها الجائزة هذا العام هو الحضور الضعيف جداً للروائيات اللاتي مثلتهن روائية واحدة هي حفيظة القاسمي برواية بالعربية عنوانها"أبعد من الشرق"ولم تتوج بأي جائزة. والطريف أن معظم الذين حصلوا على الجوائز في سن الشيخوخة أو تجاوزت أعمارهم نصف قرن وهذا يطرح نقاط استفهام عدة حيال مستقبل الرواية التي يكتبها التونسيون. إلا أن أهم استنتاج وكان جلياً للجميع يتمثل في نجاح"دار سحر للنشر"في كسب رهان انتصارها لنشر الرواية ودعمها، وقد توج هذا التوجه بحصول الروايات الصادرة عنها على ثلاث جوائز من الأربع المخصصة للغة العربية ومنها"الكومار الذهبي". لجنة تحكيم مدرسية كانت تقارير لجنة التحكيم التي رافقت توزيع الجوائز مختصرة جداً ومدرسية إلى أقصى حد ومحتواها كان عاماً ومؤلفاً من تعابير إنشائية ضعيفة مكتوبة على عجل وفيها استسهال كبير للإبداع النقدي وخالية من أي اجتهاد من شأنه أن يلامس المشهد الروائي التونسي لسنة 2004، وكان ينبغي إعداد تقرير من شأنه أن يصبح مرجعاً أساسياً. ولكن أن يقتصر أهم ما توصل إليه تقرير لجنة تحكيم الرواية المكتوبة بالعربية مثلاً على القول إن"الروايات المشاركة بعضها تمارين مدرسية وأخرى تنافس أنضج الروايات العربية"فإن في هذا استغباء وتلاعباً بالإبداع والمبدعين لأنه كلام دون المستوى. ويضاف إلى كل هذا أن المقال التقويمي المنشور في المطبوعة بقلم الصحافي محمد بن رجب عضو لجنة التحكيم أهمل ذكر أهم الروائيين التونسيين المعاصرين وهو يتحدث عن تطور الرواية المكتوبة بالعربية في تونس على المستوى الكمي والنوعي وهم صلاح الدين بوجاه ومحمد علي اليوسفي... لعل أهمية جائزة"كومار"يجب ألا تحجب بعض النقائص التي قد تحد من قيمتها في السنوات المقبلة ان لم يتم تفاديها ومنها ضرورة تطوير لجان تحكيمها التي تعد نقطة ضعفها الآن واثراؤها بكفايات عالية في مجال الإبداع الروائي نقداً وكتابة، وإعادة النظر في القيمة المادية للجوائز الممنوحة التي لم تتغير منذ تأسيسها. وهي مدعوة إلى إضافة جائزتين جديدتين على الأقل، الأولى تمنح لأهم كتاب نقدي يهتم بالرواية التونسية والثانية لأفضل دار نشر تدعم نشر الرواية. وهي مطالبة أيضاً بأن تخرج عن انغلاقها على الرواية التونسية لتنفتح على الرواية العربية بإحداث جائزة لها لأن جوائزها الآن تهم الروايات المكتوبة بقلم كتاب تونسيين والمنشورة في تونس أو خارجها. والاقتراح الأخير يتعلق بتطوير الجانب الإعلامي للتظاهرة الذي يكاد يكون مهملاً وغائباً لأنه يقتصر على ملف صحافي ضعيف ومطبوعة عادية يمكن الاستغناء عنهما.