عُرض فيلم"نساء بلا ظل"للمخرجة السينمائية السعودية هيفاء المنصور، أول من أمس، في منزل القنصل الفرنسي في جدة جان فيت، برعاية القنصلية الفرنسية ونادي"أصدقاء الثقافة"الفرنسي. الفيلم وثائقي مدته 50 دقيقة، وهو أول فيلم يعرض للمنصور في السعودية، اذ لم يتسن لها عرض أفلامها السابقة التي شاركت في مهرجانات عربية وأوروبية. "نساء بلا ظل"الذي لم يسبق عرضه، تجربة المنصور الأولى في الفيلم الوثائقي، يتناول علاقة المرأة بالرجل في المجتمع السعودي، ويطرح أسئلة معقدة وبسيطة في الوقت نفسه: لماذا لا تعملين؟ هل من حق المرأة أن تعمل؟ ما هامش الحرية المتاح أمام الرجل؟ هل توافقين على خروج المرأة من المنزل وحدها؟ هل تزوجت عن حب؟... كان بين الحضور عرب وسعوديون، إلى جانب الفرنسيين. هؤلاء وُعدوا بفيلم وثائقي سعودي عن المرأة السعودية يبدأ في الساعة الثامنة. لكن العرض تأخر بسبب مشاكل الترجمة التي لم تكتمل على أي حال. تَغْلُبُ على الفيلم سمات البساطة، على مستوى التقنية واللقطات. ربما كانت مقصودة. ومع هذا، كان بمثابة المفاجأة. فهو يكشف عن حساسية في التعامل مع فكرة فائقة الأهمية، يعيشها مجتمع في دولة مترامية الأطراف. طبعاً لن يتسنى للمهتمين بالسينما السعودية ? الغائبة تماماً، مشاهدة الفيلم السعودي الذي كان اللون الأسود بطله. ربما يستطيعون السفر إلى إسطنبول في حزيران يونيو، حيث سيعرض في مهرجان"نساء من الشرق". الفيلم الريادي في موضوعه، يقسم الزمن في السعودية إلى فترتين. ربما كان وراء هذا التقسيم النساء السعوديات المسنَات اللاتي ظهرن في الفيلم. يبدو الكلام عن المرحلة الأولى متشابهاً:"كانت الفتاة تلعب مع أبناء الجيران، مع أبناء الأقارب. لا ينظر أحد إليها نظرة سوء. كنا نتحرك في كل مكان بسهولة. لا نخاف ولا يخافون علينا". امرأة تلبس البرقع تتكلم عن ماضٍ لا تُسأل فيه المرأة عن هويتها أو هوية من هي برفقته."اضطررت الى دفع خمسين ريالاً لسائق التاكسي في مقابل أن يكون"والدي"، كي أتجاوز نقطة تفتيش، إلى الرياض، لحضور مناسبة زواج". هذه ليست معاناتها، فهي تتوقف للحظة بينما الكاميرا تدور. تحدث ابنتها عبر الهاتف المحمول. ابنتها ترغب في التسوق. الأم لا تمانع، وتشير إليها بأن لا أحد سيقلها الآن إلى هناك."دبري حالش"، ينتهي الاتصال. تتحدث المرأة:"المجتمع يرفض أن تنتقل المرأة ب"الليموزين"التاكسي. ويرفض ويرفض...". امرأة أخرى بهية الصويغ، أم هيفاء نفسها، تشرف على ترميم منزل للعائلة. تتكلم عن الماضي أيضاً، وعن الفارق بين يوم كانت المرأة تتحرك فيه كيفما تشاء، ويوم تتحرك الأعين ما أن تخرج امرأة من منزلها. جملة أثارت ضحك الحضور:"أكبر شنب، ما كان يستطيع مناقشة امرأة لا يعرفها، في الشارع ... أما اليوم فالمرأة محاصرة من أولئك، ومن بعض شبان يتقافزون على نوافذ السيارات". هذا المشهد كان يصور في سيارة تقطع شارعاً عاماً. شاب رأى الكاميرا وامرأتين، داخل السيارة، فأطلق العنان لعينيه بالنظر، ليضحك الحضور. يعرض الفيلم أيضاً التحول الذي طرأ على تيارات اجتماعية مختلفة. تسجيل صوتي للشيخ عايض القرني، يعود إلى أكثر من عقد، يرفض فيه اختلاط المرأة بالرجال. يقول:"يجب أن لا تعمل إلا مع النساء". لكن، الصورة تقودك مباشرة إلى منزل الشيخ الذي يجيب على أسئلة مخرجة سعودية تقف خلف كاميرتها. هذه المرة يقول:"لا حرج على امرأة تعمل من دون أن تغطي كفيها ووجهها. المهم أنها محتشمة ومحجبة". القرني لا يرى أن الوجه والكفين ضمن ما يقتضى تغطيته شرعاً. هو يقول أن هناك مدرسة جديدة غير غريبة على الإسلام، لكن فكرها التنويري، يحتاج إلى وقت كي يتقبله الناس، وينسب نفسه الى الفكر التنويري الجديد. تحدث القرني في الفيلم أيضاً عن مقابلة قناة"الجزيرة"التي قال فيها بجواز قيادة المرأة للسيارة ضمن حدود وضوابط. يقول ان كثراً شنوا عليه هجمة شرسة. هو يعتبر هؤلاء إقصائيين، ويشير إلى ضرورة تقبل الرأي الآخر، ويتساءل عن المانع في الرجوع إلى الحق حين نقتنع أن ما كنا عليه ليس صواباً.