الزيارة التي يقوم بها مساء اليوم ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لفرنسا حيث يقيم له الرئيس الفرنسي جاك شيراك مأدبة عشاء عمل في قصر الاليزيه بالغة الاهمية. اذ ان الاستراتيجية الفرنسية - السعودية حجر اساس في تحركات باريس في المنطقة العربية. اضافة الى ان شيراك صديق قديم ووثيق للقيادة السعودية، تطلع المملكة الى دور اوروبي في المنطقة العربية. وعبّر الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عن ذلك في مقابلة نشرتها صحيفة"لوموند"اجرتها الزميلتان اللبنانية منى نعيم والفرنسية سيلفي كوفمان في الرياض، داعياً الى"ان تلعب اوروبا دوراً في المنطقة العربية"، ووصف الرئيس الفرنسي بأنه"يتميز بأخلاق ووفاء وصدق وانسانية وصراحة وحرارة". وبالفعل كان شيراك، منذ توليه الرئاسة عام 1995 حريصاً باستمرار على اشراك المملكة في قراراته التي تتعلق بالشرق الاوسط والخليج. صحيح ان للمملكة وزناً اقتصادياً بالغ الاهمية على الصعيد الدولي كونها اكبر مصدر نفط في العالم، وهي مزود فرنسا الاول بالنفط، لكن الاهم من ذلك ان شيراك يولي السعودية اهمية كبرى لوزنها الاقليمي والعربي في ما يتعلق بتوجهاته نحو القضية الفلسطينية. ولا شك في ان لبنان وسورية والقضية الفلسطينية والعراق والارهاب ومستقبل المنطقة ستكون كلها مواضيع على طاولة المحادثات اضافة الى العلاقات الثنائية وتعزيزها الى مستوى الشراكة الاستراتيجية السياسية بين البلدين. وعندما يصف ولي العهد السعودي شيراك بأنه يتميز بالوفاء والصدق، فإنه يدرك تماماً ان الرئيس الفرنسي من بين اكثر السياسيين الغريين قرباً من منطق العرب وعقليتهم. وهو عندما يزور بلداً عربياً يبدو وكأنه من ابناء هذا البلد. ففي زيارته لمدينة جدة السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في مطلع ولايته الرئاسية الأولى في تموز يوليو عام 1995 وكان الجو شديد الحرارة والرطوبة، لكن ذلك لم يمنعه من دعوة فريق عمله المرافق الى عشاء على شاطئ البحر في جدة رافضاً أي مطعم فيه تكييف لأنه يحب الجو الطبيعي وكان مرتاحاً وكأنه ولد في السعودية. وكلما اخذ شيراك مبادرة تتعلق بقضايا الشرق الاوسط ولبنان وسورية والعراق يستشير القيادة السعودية ويضعها في صورة استراتيجيته. وشيراك الذي فقد احد اعز اصدقائه باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري يعرف ايضاً كم كانت علاقة الحريري قوية بالقيادة السعودية. لقد عمل البلدان على دعم لبنان في مبادرة الحريري لايجاد حل لتخفيف عبء ديونه في مؤتمر"باريس - 2". كما عبرت السعودية عن غضبها الشديد لعملية الاغتيال ووصفها الأمير عبدالله بأنها"كارثة". وقال:"كنت اعرف الحريري جيداً، وكنت اعرف ايضاً انه كان يحترم سورية والسوريين وفي الوقت نفسه، كان حريصاً على مصالح بلده". وتابع:"ان لجنة التحقيق الدولية ستسمح بكشف الحقيقة لأن اتهامات عدة كيلت الى سورية او اسرائيل او اطراف لبنانية، واللجنة الدولية تكشف الحقيقة". ولا شك في ان موضوع اغتيال الحريري وتبعاته والانسحاب السوري من لبنان والقرار الرقم 1559 كما القضية الفلسطينية والعراق ومكافحة الارهاب كلها مواضيع تتلاقى فيها سياسات فرنسا والسعودية. وستكون زيارة الأمير عبدالله اساسية لتعزيز شراكة قديمة ومهمة للبلدين.