اصبحت حلقات محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين تشبه في وجوه كثيرة مسرحية من نوع التراجيكوميدي أو المأساة الملهاة التي يكاد المشاهد امامها لا يعرف هل يضحك أم يبكي. يقول الرئيس العراقي السابق أنه تعرض للضرب والتعذيب والاهانة في السجن، ويؤكد أن العلامات مازالت على جسده. وتنفي المصادر الاميركية هذا الكلام وتصفه بادعاء سخيف! ويقول صدام موجهاً كلامه الى رئيس المحكمة: أنت عراقي وأنا عراقي فلماذا تخدم"الاميركان"، والاحرى بك أن تخدم العراق؟ ولا يرد رزكار محمد امين قاضي صدام، بل يقول للصحافة إن صدام بريء حتى تثبت ادانته، وإنه - أي رزكار - يسمح لصدام بالكلام في السياسة لان صدره رحب وهادئ، وأنه شخصياً يتابع السياسة وإن كان لا يحبها! وتتابع الشعوب العربية محاكمة صدام وأعوانه أو بعض اعوانه بتهمة قتل أكثر من 140 شيعياً في قرية الدجيل اثر محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها صدام عام 1982، ويرد صدام على الاتهام بأن من حاولوا اغتياله حوكموا طبقاً للقوانين"محاكمات عادلة"فأدين من"أدين وبرّئ من برّئ ولا شيء في هذا.."! هذه المسرحية التراجيكوميدية التي تعرضها فضائيات كثيرة تثير في النفوس اكثر من سؤال.. هل هي محاكمة كان لابد منها لجبار ظلم نفسه وشعبه وكل من عرفه اكتوى بناره التي لم يسلم منها حتى جيرانه؟ هل كان من سوء حظه ان يقف تلك الوقفة المهينة امام هيئة محكمة ما كانت تجرؤ ايام سطوته وبأسه أن تعبر خياله ولو مجرد عبور؟! أم انها عدالة الله قضت أن يُسلّط على الظالم قاضياً اشد بأساً وأكثر سطوة. في مقابل هذا كله من الواضح ان الحديث في معظم الشارع العربي الآن، لا يختلف على أمر واحد هو ألا يفلت الظالمون من الحساب. ظالم الامس، وظالم اليوم وظالم الغد أيضاً. وقطاعات كثيرة من الرأي العام ترى انه إن لم يتأمل ويتدبر ما يراه على الشاشة امامه تحسباً ليوم كهذا قد يجد نفسه هو ايضاً أمام من يسأله: لمَ فعلت ما فعلت؟!". والمثير للدهشة حقاً أن جلسات المحاكمة أو حلقاتها تجد الآن جمهوراً عريضاً في الوطن العربي، يتابعها ويراها افضل كثيراً من بعض ما يعرض من مسلسلات وأفلام ودراما!!.