أمير حائل يدشن إنتاج أسماك السلمون وسط الرمال    المسند: طيور المينا تسبب خللًا في التوازن البيئي وعلينا اتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من تكاثرها    التعامل مع المرحلة الانتقالية في سورية    إحباط تهريب (1.3) طن "حشيش" و(136) طنًا من نبات القات المخدر    بناء الأسرة ودور مراكز الرعاية الصحية الأولية    معرض الكتاب بجدة كنت هناك    جمعية(عازم) بعسير تحتفل بجائزة التميّز الوطنية بعد غدٍ الإثنين    البديوي: إحراق مستشفى كمال عدوان في غزة جريمة إسرائيلية جديدة في حق الشعب الفلسطيني    مراكز العمليات الأمنية الموحدة (911) نموذج مثالي لتعزيز الأمن والخدمات الإنسانية    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بمعسكر قطر ويستعد لمواجهة الخليج الودية    الهلال يُعلن مدة غياب ياسر الشهراني    جوائز الجلوب سوكر: رونالدو وجيسوس ونيمار والعين الأفضل    ضبط 23194 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.. وترحيل 9904    الأونروا : تضرر 88 % من المباني المدرسية في قطاع غزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب الفلبين    حاويات شحن مزودة بنظام GPS    مهرجان الحمضيات التاسع يستقبل زوّاره لتسويق منتجاته في مطلع يناير بمحافظة الحريق    سديم "رأس الحصان" من سماء أبوظبي    أمانة القصيم توقع عقد تشغيل وصيانة شبكات ومباشرة مواقع تجمعات السيول    بلدية محافظة الاسياح تطرح فرصتين استثمارية في مجال الصناعية والتجارية    «سوليوود» يُطلق استفتاءً لاختيار «الأفضل» في السينما محليًا وعربيًا خلال 2024    بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس.. ماذا حدث للمسبار «باركر» ؟    انخفاض سعر صرف الروبل أمام الدولار واليورو    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الصين تخفض الرسوم الجمركية على الإيثان والمعادن المعاد تدويرها    المكسيك.. 8 قتلى و27 جريحاً إثر تصادم حافلة وشاحنة    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    دبي.. تفكيك شبكة دولية خططت ل«غسل» 641 مليون درهم !    رينارد وكاساس.. من يسعد كل الناس    «الجوير».. موهبة الأخضر تهدد «جلال»    ابتسامة ووعيد «يطل».. من يفرح الليلة    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    رفاهية الاختيار    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    حلاوةُ ولاةِ الأمر    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ال"1559" في المنطقة الرمادية ، الانسحاب لا يعني غياب الدور السوري ، غرقنا في التفاصيل وارتكبنا أخطاء ، "17 أيار" جديد في الأفق فاستعدوا لإسقاطه . الأسد : سنسحب قواتنا بالكامل الى البقاع ... ثم الى الحدود
نشر في الحياة يوم 06 - 03 - 2005

أعلن الرئيس السوري بشار الاسد ان سورية ستسحب قواتها المتمركزة في لبنان بالكامل استكمالاً للخطوات التي نفذت في اطار اتفاق الطائف الذي يتماشى مع القرار 1559 الى منطقة البقاع، ثم الى منطقة الحدود السورية - اللبنانية. وقال الاسد في خطاب طويل امام مجلس الشعب السوري مساء امس انه اتفق مع الرئيس اللبناني اميل لحود على ان يجتمع المجلس الاعلى اللبناني - السوري في بحر الاسبوع الحالي لإقرار خطة الانسحاب. ورأى انه بهذا الاجراء تكون سورية أوفت التزاماتها حيال اتفاق الطائف.
لكن الاسد حذر من ان اتفاق 17 ايار/ مايو الذي عقد بين لبنان واسرائيل العام 1983 وأسقط بعدها"يلوح في الأفق فاستعدوا لمعركة اسقاطه كما فعلتم قبل عقدين ونيف". وهنا نص الخطاب:
"أخاطبكم في هذه المرحة الدقيقة من تاريخ سورية والمنطقة بأحداثها الكبرى التي تعيشونها في فيض مشاعركم وغيرتكم على وطنكم وتثبتون مرة تلو المرة صدق ولائكم لقيمه وحرصكم على كبريائه وكرامته. ولعل لقائي بكم اليوم في هذا الظرف الذي نمر فيه ينبعث من حرصي على ان تكونوا في صورة التطورات الاخيرة وعلى ان تطلعوا بصورة مباشرة على موقع بلدكم منها وعلى رغبتي في ان اقدم لكم اجابة عن تساؤلات عدة
تدور في اذهانكم وفاء لهذه العلاقة الحميمة الشفافة معكم وتأكيداً على حقيقة اساسية هي ان ما نقوم به من اعمال وما نتخذه من مواقف انتم مصدر الهامنا الاساسي فيه.
لقد عاشت سورية خلال العامين الماضيين في قلب مجموعة متشابكة من الاحداث والتطورات الاقليمية والدولية والتي تسارعت بصورة عاصفة وفرضت ضرورة التعامل معها بقدر كبير من الاهتمام والحرص. وكان تسارع الاحداث بحد ذاته يفرض واقعاً معقداً من ردود الافعال والآراء لدى قطاعات واسعة من المعنيين بالشأن السياسي يتوازى مع حملات اعلامية مكثفة ومنسقة وغير بريئة في كثير من الاحيان خلقت تشويشاً واسعاً لدى الرأي العام العربي والمحلي وطرحت تساؤلات كثيرة عن طبيعة التحديات واتجاهاتها وموقفنا منها. وكانت ابرز القضايا التي تشغل بال العالم الراهن او تدخل في مخططات: كيف يمكن ان تحددوا الخيارات السياسية التي تمر عبر سورية بصورة مباشرة أم غير مباشرة سواء قضية السلام في الشرق الاوسط او الارهاب او القضية العراقية ام تداعيات الوضع اللبناني. وكنت قدمت في مناسبات مختلفة شرحاً مفصلاً لموقفنا ورؤيتنا لهذه الامور المتداخلة، لذلك فانني لست بصدد استعراض ما حدث على ما فيه من معان ودلالات ولكنني سأقف عند آخر التطورات فيها وابين مواقفنا منها وتصوراتنا المستقبلية حيالها وذلك من اجل ان يكون الجميع على بينة منها وان يطلعوا على الجهود التي بذلناها للوصول الى نتائج مرضية. وفي هذا الاطار فيمكن التأكيد على ان نهجنا السياسي ومواقفنا من الاحداث وتطوراتها تقوم على قاعدتين اساسيتين:
الاولى حماية مصالحنا الوطنية والقومية من خلال التمسك بهويتنا واستقلالنا ووفائنا لمبادئنا وقناعاتنا وكذلك توفير الظروف الملائمة لصيانة استقرارنا السياسي والاجتماعي باعتباره جزءاً من استقرار المنطقة ككل وتكريس ذلك لاستعادة اراضينا المحتلة.
الثانية حرصنا في اطار العمل على تحقيق المسائل انفة الذكر وعلى التعامل مع الاطراف المعنية بعقل مفتوح بعيداً من الاحكام المسبقة وبقدر كبير من الواقعية والمرونة والمسؤولية مدركين طبيعة الظروف الدولية الراهنة خصوصاً في السنوات الاخيرة ومعادلة الممكن والمأمول في سياق كل ذلك، أي التمسك بالحقوق، وفي الوقت نفسه التعامل بواقعية مع التحديات والتطورات الطارئة.
لقد كانت قضية السلام في قلب هذه الاحداث وارخت بظلالها على القضايا الاخرى و شهدت هذه العملية تراجعاً من حيث مناخها العام خطوات الى الوراء ليس بسبب تعنت اسرائيل ورفضها الاستجابة لاستحقاقات السلام فحسب، بل بسبب افتقاد الارادة المسؤولة عن تطبيق القرارات الدولية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وعدم جدية الاطراف المعنية في المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياتها في هذا الاتجاه. وفيما يتصل بنا أكدنا في مناسبات كثيرة على أن السلام في منطقتنا لن يتحقق ما لم تتم استعادة أرضنا المحتلة وعلى ان كثيراً من المشكلات التي تظهر في الوقت الراهن تجد بعضاً من حلولها في إيجاد فرص سلام عادل يلغي أسباب التوتر والصراع وعوامل الإحباط والخيبة. وطرحت سورية استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة ولكن في المقابل ان عدم وجود شروط على استئناف المفوضات لا يعني إهدار المرجعيات والقواعد والقرارات التي يجب الالتزام بها و تطبيقها. ومرجعيتنا التي نستند إليها هي مرجعية مدريد المتضمنة لقرارات الشرعية الدولية. ولم يكن مفاجئا لنا ان ترفض اسرائيل استئناف المفاوضات وان تضع هي الشروط تحت ذرائع مختلفة وذلك تهرباً من استحقاقات السلام.
بكل بساطة ان عملية السلام في حاجة الى متطلبات اولها نية الاطراف المتصارعة للوصول الى السلام, ثانيها وجود راع نزيه وحيادي, ثالثها متطلبات تقنية كالمفاوضات والمرجعيات والمعايير. ما الذي ينقصنا اليوم؟ نية الطرف الاسرائيلي وهي غير موجودة على الاطلاق. ينقصنا اهتمام الراعي في شكل اساسي الولايات المتحدة. هذا الكلام هم يعلنونه وليس من توقعات البعض. ايضاً المعايير غير موجودة.
في اعتقادنا ان عملية السلام ستبقى متوقفة في المدى المنظور. لكن ليس حتى ذلك الوقت لا يجوز ان نتوقف عن الحديث عن عملية السلام وعن ابداء رغبتنا المستمرة في التوصل الى السلام. لذلك, نحن مع اصدقائنا الاوروبيين وغيرهم من الدول في العالم المهتمة نتابع معهم الحوار بهدف معرفة اخطاء الماضي ووضع تصورات للمستقبل. وعندما تتغير كل هذه الظروف نستطيع ان ننطلق نحو المستقبل. طبعاً اسرائيل دائماً تطرح اننا مستعدون للعودة الى المفاوضات من دون شروط. كثير من
الوفود الاجنبية التي تأتي الى سورية تقول ما هي الشروط السورية، وعندما نقول لا توجد شروط يفاجأون ويقولون ولكن إسرائيل تقول إنكم لديكم شروط. الهدف ان يكون العالم بتصور انها مستعدة لعملية السلام ولكن المشكلة هي في الشروط التي تضعها سورية التي هي العائق. الحقيقة ان هذه الشروط هي العودة الى نقطة الصفر نحن نتحدث عن استئناف المفاوضات استئناف تعني ان نتابع من حيث انتهينا، هم يريدون العودة الى نقطة الصفر. نقول لهذه الدول والقوى الدولية والشخصيات كيف يمكن أن تكونوا انتم تريدون السلام وفي الوقت نفسه تقولون لنا اختلفوا على ما اتفقتم عليه. إذا أردنا أن نصل الى السلام لا بد من الاتفاق على النقاط المختلف عليها. والاسرائيليون يريدون العودة الى الصفر وهذا يعني عدم جدية من الاسرائيليين وعدم مصداقية فكل حكومة تأتي تقول انا لا علاقة لي بالحكومة التي سبقتها فأكدنا نحن اننا مستعدون للمفاوضات من دون شروط وبحسب قرارات مرجعية مدريد. وهذا يعني اننا نبدأ من حيث انتهت المفاوضات الاخيرة في التسعينات. اكدنا في ما يتصل بالساحة الفلسطينية على الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في إطار الحل الشامل.
المسألة العراقية
اما بصدد المسألة العراقية فإن مواقفنا تنطلق ولا تزال من اعتبارنا وتقديرنا لمصالحنا الوطنية ومصالح الشعب العراقي إذ عارضنا الحرب كما عارضها الكثيرون على امتداد الوطن العربي والعالم. وكان لنا في معارضتنا اسبابنا الوطنية والاستراتيجية لأننا كنا نرى ان الحرب ستؤدي الى حالة من الفوضى والاضطراب ليس في العراق وحده وانما في المنطقة كلها، وانها ستطالنا بتأثيراتها المباشرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً انطلاقاً من ذلك كان استقرار العراق والمنطقة يقع في بؤرة اهتمامنا ومشاغلنا لذلك عبرنا عن حرصنا على الحوار الوطني في العراق وكنا من اوائل من دعا الى اجراء الانتخابات على قاعدة وطنية لا يستبعد منها أي طرف. وهنا وضعنا اولويات واضحة: الأولى وحدة العراقيين وهي لا تمس العراق وحده بل وتمس سورية والامن القومي والوطني لسورية بالمقدار نفسه.
الثانية الانتخابات المقصود بها التصويت على الدستور وهذه ستعطي مؤسسات أي دستور في العراق لا يكون عليه إجماع من كل العراقيين يعني تفتيت العراق وحرب أهلية وايضاً سندفع الثمن. البند الثاني مرتبط بالأول والوحدة بحاجة لاستقرار. الثالثة الاستقلال الذي يعني انسحاب القوات الاميركية والغريبة. ان معظم الوفود الاميركية التي استقبلناها تحدثت بالاولويات نفسها فكنا نقول لهم أين الخلاف؟ هم يتحدثون عن وحدة العراق وموضوع الدستور والتصويت عليه في شكل ديموقراطي، وكانوا يقولون لا نريد أن نبقى في شكل مستمر في العراق وبالنسبة الينا موضوع الاحتلال موضوع مبدأ اما الآليات فكنا نقول لهم هذا الموضوع يدرس مع العراقيين وليس مع الآخرين. بعد ذلك أخذت الاتهامات تتوالى نحو سورية تارة تحت ذريعة التدخل في الشؤون العراقية وتارة تحت ذريعة عدم ضبط الحدود ومنع المتسللين الى العراق وتارة تحت ذريعة ايواء انصار النظام العراقي السابق على رغم اننا قمنا بكل ما من شأنه أن يحفظ استقرار العراق ضمن الامكانات المتاحة من ضبط للحدود ورفض لاستخدام الاراضي السورية للتدخل في الشؤون العراقية وتأييد للعملية السياسية الجارية فيه. تذكرون قبل حرب العراق كان هناك اتهامات لسورية انها ترسل اسلحة للنظام في العراق، قلنا لهم اعطونا معلومة واحدة تدل على أي شيء ونحن بالنسبة الينا هذا مخالف للقانون، سنحاسب من يقوم بهذا العمل. الحقيقة لم يعطونا أي معلومات. أتى باول بعد الحرب بثلاثة اسابيع وقلت له أنتم الآن اصبحتم موجودين في بغداد. لديكم الوثائق تفضلوا وأعطونا الوثائق التي تدل على هذا الشيء. طبعاً لم يأتونا بشيء تحدثوا في ذلك الوقت ولم تكن المقاومة قد بدأت في العراق، حول ضرورة ضبط سورية لحدودها. وقلنا لهم ان ذلك مستحيل، في الثمانينات كانت تأتينا سيارات كبيرة معبأة بالمتفجرات وتنفجر في أماكن مختلفة وتقتل العشرات والمئات ولم نكن قادرين على ايقافها، فكيف نستطيع الآن ان نمنع اشخاصاً يدخلون عبر الحدود، وخاصة اننا على الحدود العراقية لا نمتلك الإمكانيات والتقنيات العالية الموجودة في دول أخرى لضبط الحدود. لاحقا اتى وليم بيرنز عام 2003 وسمع الكلام نفسه، بعدها حصلت فترة انقطاع مع أي وفد أميركي ما عدا وفود الكونغرس، لكننا التقينا مع وفود عراقية تمثل مجلس الحكم ولاحقاً الحكومة الانتقالية، وكان هناك دوماً عتب بيننا وبينهم حول المواضيع نفسها، وكنا نقول اننا نسمع من الاخبار انكم ألقيتم القبض على مجموعات جاءت من سورية لماذا لا تعطونا الأسماء أو جوازات السفر، هل هي مزورة هل هي حقيقية، كيف وصل هذا الشخص، أين حصل على الامداد. لا بد من نقاط امداد.
يقولون سنقوم بهذا الشيء وحتى الآن لم تأتنا أية معلومة عن سوري أو أي شخص ذهب الى العراق. لا نقول ان الحدود مضبوطة، لا أحد يستطيع في العالم ان يضبط حدوده. حتى الوفود الاميركية تقول لنا اننا لا نستطيع ان نضبط حدودنا مع المكسيك، لكن المطلوب منكم ان تضبطوا حدودكم مع العراق. في الزيارة الاخيرة لوفد برئاسة وليم بيرنز في شهر أيلول سبتمبر الماضي، كان معهم وفد من الدفاع والخارجية ومن المخابرات والجيش، وتحدثوا معنا بشكل واضح وقالوا لنا نريد معرفة رغبة سورية. هل سورية تريد التعاون؟ قلنا له: تذكرون زيارة نيكسون الى سورية عام 1974؟ الرئيس حافظ الاسد قال له اننا نريد أحسن العلاقات مع اميركا، وكنا خارجين من حرب تشرين وكان هناك الاتحاد السوفياتي وكانت الظروف كلها مختلفة ومن غير المعقول اليوم اننا لا نريد علاقات جيدة. أما عن التعاون فعلينا التفريق بين الرغبة في التعاون والإمكانات. اذا كان لديك رغبة لا يعني انك تمتلك الامكانات. مع ذلك نريد أن نقول لكم سنترك الامر عندكم، اطروا سيناريوهاتكم، وقبل أيام كان وزير الداخلية العراقي قد أتى الى سورية واستقبلته انا وقال لي ان الاميركيين سيطرحون اتفاقية ثلاثية لضبط الحدود بين سورية العراق والقوات الاميركية، قلنا نحن مستعدون طبعاً. ربما البعض منهم لا يريد أن يسمع هذه الكلمة فقلنا لهم نحن جاهزون ضعوا السيناريوهات وكل هذه التفاصيل وأرسلوا المعنيين الى سورية ليلتقوا بالمستويات المختلفة في الجيش أو غيره، لنضع خطة تنفيذ. طبعاً حتى هذه اللحظة لم يأت أحد منهم، الشيء الوحيد الذي يطلب من فترة هي لوائح أسماء لا نعرف لمن تعود. سبق ان كانت بعض الاسماء
فعلاً موجودة وسبق طردها. وهذا الكلام خلال الحرب. بعض الاسماء أتت الى سورية وهي كانت جزءاً من النظام العراقي. لا يشعر الانسان بالندم لأن بعض الأسماء كانت لمسؤولين عن الجرائم التي حصلت في سورية خلال الثمانينات. هؤلاء، في ذلك الوقت إما طردناهم من الحدود او اننا عندما علمنا بوجودهم طلبنا منهم الخروج وأخرجوا. اما بقية الاسماء، فكنا نقول لهم ترسلون لنا اسماء اشخاص لا نعرفهم. والآن هناك فوضى في العراق، ربما يكون هؤلاء الاشخاص موجودين في سورية لكن بأسماء مزورة. ونحن في حاجة الى المزيد من المعلومات. طبعاً الهجوم الاعلامي مستمر, ولا يتوقف ولا اعتقد انه له علاقة بالتعاون السوري. ليس لدي أي شرط. نحن نتمسك بالوحدة والاستقرار للعراق.
الوضع اللبناني
لا شك ان الوضع اللبناني باشكالياته المعقدة, يشكل ابرز الاحداث الضاغطة في هذه المرحلة. لست هنا في مجال البحث في الماضي او العلاقات السورية - اللبنانية، لكنني سأتوقف عند تداعيات القرار 1559 وموقفنا منه، اذ شهدت الساحة اللبنانية منذ صدور القرار المذكور، سجالاً حاداً حوله لأنه خلق بحيثاته المختلفة حتى لدى مؤيديه مشكلات جدية يمكن ان تنجم عن تطبيقه من دون وجود آليات لتطبيقه. على رغم ملاحظاتنا على القرار 1559 من حيث هو تكريس لتدخل بعض الاطراف الدولية تحت عنوان سيادة لبنان، فقد كان قرارنا التعامل معه بايجابية في ضوء حرصنا على استقرار لبنان ووحدته.
اعطي بعض الاضاءات على بعض الامور. قبل ان نأخذ قراراً يجب ان نعرف على أي ارضية نسير. وسألقي بعض الاسس لكي نفهم اين نحن. معظمكم قرأ المقابلة التي اجراها الرئيس جورج بوش الى صحف فرنسية ويقول فيها ان الرئيس الفرنسي طلب منه اعداد مشروع قرار لاخراج سورية من لبنان في حزيران يونيو. وهذا يؤكد ما قلته في مؤتمر المغتربين من ان ذلك لا علاقة له بالتمديد للرئيس اللبناني إميل لحود. بعض الاطراف المعنية سلباً بالتمديد, ارسلت لنا اخباراً ان هذا الموضوع صار وراءنا. هم يبحثون عن شيء آخر. واكتشفنا في الاشهر الاخيرة ان جزءاً من مواد القرار 1559 بدئ التحضير لها بعد الحرب على العراق مباشرة. ولا اتحدث عن فكرة القرار بل بعض المضامين. وسنمر عليها لاحقاً.
النقطة الثانية, كما قلنا ان القرار مخالف لميثاق الامم المتحدة, انه انتقائي ولم يأت بطلب من الدول المعنية. لكن بما اننا نعيش في عالم ليس فيه قانون وليس فيه عدل, فهذا الكلام مضيعة للوقت. نعرفه لكن ليس فيه اساس، ونقوله للتذكير فقط.
النقطة الثالثة, من مبادئ السياسة السورية انها داعمة للامم المتحدة. لا يمكن لسورية في أي ظرف من الظروف ان تكون معارضة او في مواجهة الامم المتحدة.
النقطة الرابعة, بالنسبة الى 1559, فيه عدة بنود. البند المرتبط بسورية هو بند الانسحاب. وبعكس الصورة الموجودة لدى الجميع من انها هي المشكلة، الحقيقة ان هذا البند هو البند الابسط, لأن سورية ليست ضد الانسحاب كمبدأ. ونحن بدأنا الانسحاب منذ العام ألفين. هل أي احد في سورية يقول اننا نريد البقاء في لبنان؟ هذا غير موجود. هذا البند هو الابسط. البنود الاخرى هي مشكلة بالنسبة الى لبنان وربما تعيدنا الى الثمانينات او التي سبقتها.
النقطة الخامسة, التقرير الذي سيصدر في نيسان ابريل المقبل هو الذي سيحدد توجهات هذا القرار. لا نستطيع ان نقول ان القرار سلبي او ايجابي. ان راعى العوامل الموضوعية فهو غير سلبي. وان لم يراع هذه العوامل الموضوعية سيتحول الى مشكلة في لبنان وربما في المنطقة.
والنقطتان الاساسيتان في التقرير تتعلقان بآليات الانسحاب وبموضوع المقاومة اللبنانية.
النقطة السادسة, انسحاب سورية من لبنان لا يعني غياب الدور السوري فهذا الدور تحكمه عوامل كثيرة جغرافية وسياسية وغيرها. بالعكس, نكون اكثر حرية وأكثر انطلاقاً بالتعامل مع لبنان.
النقطة السابعة, عندما سئلت سابقاً عن القوات السورية في لبنان, قلت ان المكان الطبيعي للقوات السورية هو في الاراضي السورية. هذه مبادئ كي لا يتهمنا احد لأن هناك الكثير من التشويهات. اريد ان اذكر هذه النقاط كي يسمعها الجميع.
لا يجوز ان نبقى يوماً واحداً ان كان هناك اجماع لبناني على خروج سورية. لا يجوز ان تكون سورية موضع خلاف او انقسام لأن سورية دخلت الى لبنان لمنع التقسيم، فلا يجوز ان تكون هي موضوع انقسام بين اللبنانيين. هذه من الثوابت.
النقطة الاخيرة, الانسحاب لا يمس المصالح السورية, بل بالعكس انه يعزز المصالح السورية. لذلك بدأنا الانسحاب منذ خمس سنوات. وسحبنا اكثر من 63 في المئة من القوات. هذا الشيء ربما الكثير من السوريين لايعرفونه. كان عدد القوات اربعين ألفاً, صار 14 الفاً. لا احد يذكر ذلك اما لعدم معرفة وفي كثير من الاحيان عن قصد لأنهم يريدون ان يظهروا ان سورية تنسحب تحت الضغط.
اتحدث الآن عن مضمون لقاءات المبعوث الدولي تيري رود لارسن ومبعوثين آخرين. كانوا يسألونا: كيف ستتعاملون مع القرار 1559؟ كنا نعطي جواباً واضحاً: على رغم التحفظات سنتعامل بايجابية. وكنا نشرح لهم كيف بدأ الانسحاب. في العام 1999، كان واضحاً ان الجيش اللبناني بات قوياً منذ تسلم الرئيس اميل لحود الحكم. وباتت المؤسسات قوية. وبدأنا نفكر في سورية ان الانسحاب صار ضرورة. وبدأنا بالانسحاب الاولي. كنا نرتب مع المؤسسات اللبنانية وننسحب بشكل تدريجي. وتعرفون اننا قمنا بأربع انسحابات قبل صدور ال1559. والشيء الايجابي ان هذه الطريقة من الانسحاب كانت تؤدي الى الاستقرار. وكان الوضع مطمئناً. كنا نقول لهم للمبعوثين ليست لدينا مشكلة مع تطبيق القرار 1559. ولا نعتبر انه ضد مصالحنا. هو يتحدث عن الانسحاب واتفاق الطائف الذي تلتزم به سورية ورعته ودعمته دائماً والموقف السوري وتطبيقه على الواقع، فيه انسحاب. اذن, ليست لدينا مشكلة مع القرار 1559. ليست هناك مشكلة في المبدأ. المهم الآليات. ما الفرق بين الطائف والقرار 1559. الطائف فيه آليات. والقرار المذكور لم يطرح آليات. وكل دولة في العالم تفكر بطريقتها. البعض يريد ان يكون الانسحاب في مفعول رجعي ربما قبل 1976. تصفيق
طريقتنا هي الانسحاب التدريجي المنظم بالتنسيق مع المؤسسات اللبنانية. ان كنتم كأمم متحدة تعتقدون اننا يجب ان ننسحب فوراً على رغم أي سلبيات فتحملوا المسؤولية. لا نقول: لا. انتم تتحدثون كأمم متحدة. لكن حددوا هذا الشيء. طبعاً, هم في توجهاتهم يقولون انهم يريدون الاستقرار. قلنا: كيف الاستقرار؟ الاجواء كانت ايجابية في هذه الحوارات. هناك رؤية قريبة من رؤيتنا. كانوا يحاولون ايجاد الربط بين القرار 1559 والتقرير انان في نيسان. ان كان التقرير يخضع لمزاج بعض الدول في العالم, فنحن نضيع وقتنا بأي امل ايجابي. اما ان افترضنا ان التقرير سيبنى على القرار بمعزل عن المزاجيات, علينا ان نعطي ثلاثة اجوبة على ثلاثة اسئلة اساسية: السؤال الاول: كيف ستجدون التوافق والارضية المشتركة بين القرار 1559 والاستقرار؟ الجواب يأتي من خلال الآلية. السؤال الثاني: كيف ستجدون الارضية المشتركة بين القرار 1559 والسيادة لأن القرار صدر من اجل سيادة لبنان؟ والسيادة تمثلها عادة الدولة. ماذا لو طلبت هذه الدولة من الامم المتحدة شيئاً ترغب به. ما هو تفسير السيادة؟ من يحدد السيادة؟ السؤال الثالث: كيف تجدون التوافق بين القرار 1559 واتفاق الطائف؟ اتفاق الطائف مذكور في هذا القرار ومعترف به في شكل رسمي من قبل الامم المتحدة.
لا يجوز النظر الى القرار على انه شر مطلق. انه في المنطقة الرمادية بحسب الآليات. سيعود لارسن خلال عشرة ايام وسنتابع الحوار. كما تعرفون تحدث لارسن في شكل ايجابي عن اتفاق الطائف. كان المطلوب فشل مهمة لارسن.
تحركت اطراف عربية. كان هناك توجه من خلال التصور الخاطئ ان سورية في ورطة وعلينا ان نساعدها للخروج منها، وانهم يريدون حفظ ماء الوجه. قلنا لهم الاطراف العربية: ان القوات السورية يحفظ ماء وجهها ان نجحت في مهمتها، وهي نجحت في ذلك في العام 1990 تصفيق. بالتالي, ماء الوجه محفوظ. ثم قلنا, ما هي تصوركم؟ قلنا نحن مع
الطائف ومع الانسحاب كمبدأ منذ زمن طويل. ليست لدينا مصلحة في الانسحاب لأن القوات انهت مهمتها في العام 1990 واستمرت لحفظ الأمن. آخر طلقة اطلقت في العام 1990 عندما توحدت بيروت. بات وجود القوات السورية بعدها عبئاً مادياً وسياسياً.
البند الرابع, وهو الرغبة الجماهيرية. لقد تأخرت في القاء الخطاب لرصد الاحداث. صارت لدينا مصلحة في بنود عدة باتت تحقق المصلحة السورية. طرحنا ذلك على العرب. وأريد الدخول في التفاصيل, لأن البعض يريد تشويه موقف سورية عبر بعض وسائل الاعلام. التركيز الاساسي ان سورية متمسكة بالبقاء ولا تريد ترك لبنان. انا اتحدى
أي شخص ان يعطي جواباً: اذا كنا متمسكين ولا نخرج الا تحت الضغط, لماذا انسحبنا سابقاً في شكل طوعي برغبة وإرادة من سورية؟ اذا ارادوا اعطاء جواب سنرفع"شابو"بحسب التقليد الفرنسي؟ تصفيق
لنا مصلحة في شكل عام في هذه الظروف وفي ظروف سبقتها. يتحدث البعض في وسائل الاعلام وينظر: ما هي الاوراق التي تملكها سورية في وجه الامم المتحدة والعالم؟ لا اعتقد ان سورية حاولت في يوم من الايام امتلاك اوراق ضد الامم المتحدة. وتجربة العراق, حتى اكبر دولة في العالم تخسر عندما تسير ضد الارادة الدولية.
في الايام الاخيرة, حاولوا ان يدسوا عن لقاءات بيننا وبين بعض المسؤولين العرب. وضعوا صورتين: ان سورية تذهب كي تستجدي النجدة او انهم يضغطون على سورية او يرهبونها او انهم ربما يقنعونها. لنوضح ذلك, جاء لارسن مرتين. في كل مرة قلنا اننا سنتعاون. وهذا سبق كل لقاءاتنا مع المسؤولين العرب. شرحنا لهم اننا لسنا ضد الطائف ولا ضد القرار 1559. ماذا نستجدي من العرب؟ القرار 1559 صدر هل يستطيعون اعادة عقرب الساعة الى الوراء؟ اين المشكلة في القرار؟ ليست في بند الانسحاب. انتهينا من هذه النقطة. المشكلة هي اولاً في بند المقاومة, وهي مشكلة على المستوى اللبناني. وستخلق مشكلة اذا لم تعالج في التقرير المقبل في شكل جيد. هناك البند المخفي, وهو ليس في القرار بل في استخدامات القرار وهو بند التوطين. بند التوطين والمقاومة من الاشياء التي بدأت قبل حرب العراق.
اغتيال الحريري
لقد كانت الجريمة المنكرة التي ذهب ضحيتها الرئيس رفيق الحريري تستهدف وحدة لبنان واستقراره ودور سورية ومكانتها في لبنان والمنطقة. لذلك نرى ان الكشف عن الجناة ومن يقف خلفهم هو ضرورة سورية بمقدار ما هو ضرورة لبنانية. ان هذه الجريمة جاءت لتزيد من حدة التصعيد هناك وليبدأ البعض تحت تأثير الصدمة التي احدثتها الفجيعة او بفعل مخطط مشبوه او بسوء نية باستخدام هذه الجريمة استخداماً
دنيئاً لتأجيج المشاعر العدائية ضد سورية. في كل جريمة يكون احتمالات عدة الا في هذه الجريمة هناك متهم واحد هو سورية. هذا شيء غريب. وأخذت اطراف دولية بالتحريض في اتجاه محدد, وبدأت اطلاق سهام غدر ونكران ضد سورية التي لم تبخل في تقديم امكاناتها ودمائها لنصرة بعض هؤلاء. لكن سورية ستكون اكبر من ان تأبه بهؤلاء او ان ترد عليهم.
هذا لا يعني ان ممارساتنا في لبنان كانت صواباً كلها. لا بد من الاعتراف بأن ثمة اخطاء. غرقنا في التفاصيل واندفعنا في علاقاتنا مع بعض اللبنانيين على حساب البعض الآخر لاعتقادنا ان التعامل مع الوضع الراهن يعزز الدور السوري في الاستقرار لكن الواقع لم يكن كذلك. لا يمكن ان ننكر دور المخلصين من اللبنانيين الذين وقفنا معهم في خندق واحد وعملنا جنباً الى جنب من اجل خير لبنان وسورية.
اتفاق الطائف انجز العام 1989 وفرض نفسه على القوى المختلفة أي الميلشيات. البعض وجد ان الدولة هي الملجأ الطبيعي في لبنان, لكنه لم يستطع قول ذلك فلجأ الى الدولة معتقداً ان هذه الدولة يمكن ان تكون هي الميليشيا التي يتقاسمها مع الآخرين لمصالح مادية وسياسية. بالنسبة الينا في سورية, بعد الطائف كانت الاولوية هي السلم الاهلي اضافة الى اطلاق العملية السياسية, وكانوا مقبلين على انتخابات مجلس نيابي. كنا نحاول مسايرة الجميع ونريد ان يكون الجميع مع الدولة. استمر الوضع الى زمن طويل, وبدأ استخدام اسم سورية. كان يقول البعض انه حليف سورية ويستخدم اسمها. وبعضهم كان تجار مواقف سياسية يبيعون ويشترون
المواقف بحسب مصالحه الخاصة. تجارة البضائع مهنة محترمة, لكن تجارة المواقف السياسية هي مثل تجارة الرقيق. وكانوا هؤلاء يبيعون ويشترون ومعظمهم معروف لديكم.
عندما حسمنا الخيار باتجاه الدولة اللبنانية بدأت المشكلة مع هؤلاء. وبدأ الحديث عن السيادة. الحديث عن سيادة شيء مشرف, وأي لبناني يتحدث عن سيادة نحن معه. لكن اردنا ان نعرف ما هو نوع السيادة التي يتحدثون عنها, فاكتشفنا انها ليس سيادة اللبنانيين على لبنان, وانما سيادة أي دولة اخرى غير سورية على لبنان. تصفيق
لذلك كما تلاحظون, عندما يأتي أي مسؤول اجنبي الى لبنان ويصرح في مكان رسمي او غير رسمي في صلب امورهم الداخلية يكونون سعداء، وإذا تحدثنا بكلمة او قمنا بعمل واحد فنحن محتلون وضد السيادة.
طبعاً, هذه القوى جزء طبيعي من تاريخ لبنان منذ اكثر من مئتي عام. هناك قوى تمد يدها الى الخارج وقوى وطنية. وهذه القوى فشلت مرات عدة، في 1958 ان تجعل لبنان جزءاً من حلف بغداد، وفي 1969 ان تضرب المقاومة الفلسطينية، وفي العام 1983 ان تعطي الحياة لاتفاق 17 ايار مايو. وستفشل في كل مرة طالما ان هناك قوى وطنية.
هذا الكلام يدفعني الى تأكيد حقيقيتن اساسيتين: الاولى, التي اكدتها مراراً ان لا مصحلة لنا في لبنان عندما يفتتح سوق الحسابات الرخيصة والمصالح الضيقة. واذا كان لنا من مصلحة فهي استراتيجية وقومية تتصل بأمننا القومي في سورية ولبنان، وحملنا مع اشقائنا وادراكنا لوحدة مصيرنا المشترك. اما وجودنا في لبنان فنحن من يتحمل اعباءه. الحقيقة الثانية, ان قوة ودور سورية في لبنان ليسا مرهونين بوجود القوات السورية هناك. بل ان هذه القوة ترتبط بحقائق الجغرافيا والسياسة لذلك لا نريد ان تكون العلاقة مع لبنان ضحية لأخطاء البعض. المواطن اللبناني كان دائماً الداعم للدور السوري في لبنان وبنى معنا العلاقة الصافية.
اوجه كلمة الى كل مواطن سوري, ان ما تشعرون به من مشاعر الخيبة والمرارة, لا يمثل الحالة اللبنانية بل مجموعات كلنا يعرف هذه المجموعات ومن هم خلفها.تصفيق لا نقوم على ردود الافعال, قلب سورية الذي اعطى لبنان دما لا يمكن ان تمسه بعض الاساءات لأنكم عرب سوريون وأبناء وأحفاد عرب سوريين. ان رؤية جديدة للتعامل مع الاشقاء اللبنانيين على اساس توسيع العلاقات في جميع المجالات لتدعيم العلاقات الثنائية, وهي بناء كبير له اساسات، نوعان: صلب متين ومتماسك وآخر متحرك بحسب الرمال المتحركة. علينا توسيع الاساسات مع كل الشرائح.
انطلاقاً من هذه الحقائق والاعتبارات واستكمالاً للخطوات التي نفذت في اطار اتفاق الطائف الذي يتماشى مع القرار 1559 سنقوم بسحب قواتنا المتمركزة في لبنان بالكامل الى منطقة البقاع تصفيق ثم الى منطقة الحدود السورية - اللبنانية. واتفقت مع الرئيس اميل لحود على ان يجتمع المجلس الاعلى اللبناني - السوري في بحر الاسبوع الحالي لاقرار خطة الانسحاب. وبتنفيذ هذا الاجراء تكون سورية قد أوفت بالتزاماتها حيال اتفاق الطائف ونفذت مقتضيات القرار 1559. كل ذلك لا يعني تخلي سورية عن مسؤولياتها تجاه الاخوة والاصدقاء في جميع المراحل, بل ستبقى معهم وستبقى معارك الشرف رمزاً للتلاحم المصيري تصفيق الذي سيتعزز في المستقبل. ان"17 ايار"جديداً يلوح في الافق فاستعدوا لمعركة اسقاطه كما فعلتم قبل عقدين ونيف.
ايها الاخوة والاخوات,
أردت ان اوضح ما قمنا به خلال الفترة الماضية وان نبين حقيقة مواقفنا حيال التطورات، خصوصاً ان هناك من يعتقد ان سورية تتصرف بتشدد وتعنت ولا تملك المرونة الكافية. لكن سياستنا تقوم على التعامل مع الجميع على اساس التعاون والحوار. كل ذلك لا يعني اننا سنشعر بالامان. ستسمعون هجوماً على الخطاب تصفيق وقبل ان يقولوا: لا يكفي. نقول: لا يكفي. يتدخل نواب ويقولون: نقول لهم بالروح بالدم نفديك يا بشار مع تصفيق. في هذه الظروف وفي كل الظروف يجب ان تبنى القرارات على قاعدة شعبية. عندما نكون متوحدين حكومة وشعباً لا نخاف.
كما اشار الى ان الملفات فرضت نفسها, ما ادى الى عدم الحديث عن الشؤون الداخلية التي ستتضح في المؤتمر القطري لحزب البعث الحاكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.