اثار الانفجار الذي هز منطقة الكسليك بعد منتصف ليل اول من امس, الذعر في نفوس اللبنانيين من جديد وقلقا من تواصل مسلسل التفجيرات المتنقلة التي تستهدف امنهم. ورد اهالي الكسليك على المتفجرة برفع علم لبناني ضخم على المبنى المستهدف, فيما حصد الانفجار ادانة المعارضة التي وجهت اصابع الاتهام من جديد الى الاجهزة الامنية. واستهدف الانفجار الذي جاء بعد اربعة ايام على انفجار نيو جديدة, وحصل في الواحدة والربع فجر امس, سنتر"التافيستا"الواقع في سوق الكسليك التجاري، وتسبب بمقتل ثلاثة اشخاص من التابعية الهندية وجرح خمسة اشخاص: اللبنانيون صلاح عبد يوسف وهيكل ابو فيصل وشربل خليل، ومن الجالية السيريلانكية ساروجيان سيكارو وزوجته. كما تسبب بخسائر مادية جسيمة في المحال التجارية. وكادت الخسائر البشرية ان تكون أكثر لولا ان الملهى الليلي في المركز التجاري كان مقفلاً. وحضرت القوى الامنية الى المنطقة فور وقوع الانفجار، وضربت طوقاً لمنع دخول المواطنين الى المبنى. وترددت اشاعة عن احتمال وجود متفجرة اخرى في حقيبة سوداء مشتبه بها وسادت حال من الذعر والهلع بين المواطنين والسكان في المنطقة. كما حضر عناصر الصليب الاحمر الذين عانوا من صعوبة اكتشاف الضحايا بسبب انقطاع الكهرباء عن المركز, واستعملت الكلاب البوليسية في العثور على الضحايا, الى حين وصول الدفاع المدني وانارة المكان. وقال لبنانيون بعضهم مذهول والبعض الآخر يبكي وهم يزيحون شظايا الزجاج من الواجهات المحطمة لمتاجرهم صباحاً ان الانفجار"ضريبة الحرية", لكنهم اكدوا انهم لن يستدرجوا الى"حرب أهلية أخرى". وادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد الذي تفقد المكان على كل من يظهره التحقيق, بانه اقدم على تأليف عصابة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والاموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها والتعرض لمؤسساتها, وعلى وضع واقتناء مواد متفجرة ملتهبة والقيام بأعمال ارهابية ادت الى مقتل ثلاثة اشخاص وجرح آخرين وتخريب الابنية التي يسكنها اناس اصيبوا فيها واشياء تخص الغير. واحال القاضي فهد الادعاء إلى قاضي التحقيق العسكري الاول رشيد مزهر, قبل ان ينتقل الى مكان الانفجار فجراً ويستمع الى افادة ثلاثة شهود. وتبين ان احد القتلى يعمل ناطوراً للمبنى وان الضحية الثانية كان حضر الى لبنان قبل يوم واحد لمساعدة الناطور. وقدرت زنة العبوة ب 35 كلغ من مادة"تي ان تي"المتفجرة, وأشارت مصادر مطلعة الى ان العبوة وضعت على مصطبة الدرج عند المدخل الخلفي للمبنى من الجهة التي لا تطل على الشارع, لأن هناك حراساً على المدخل الرئيسي. وسطر القاضي فهد استنابات قضائية الى كل الاجهزة الامنية للاستماع الى عدد من الشهود. لحود: الدولة ستسهر على الامن واعتبر رئيس الجمهورية اميل لحود"ان التفجير الذي استهدف الكسليك، وقبله جديدة المتن، حلقة من مسلسل يستهدف امن لبنان واستقراره ومنعته الاقتصادية، ووحدة اللبنانيين، الذين ما زالوا يعانون التداعيات التي احدثتها جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري". وأكد"ان مثل هذه الاعمال الاجرامية التي تقوم بها جهات ترغب في اعادة لبنان الى اجواء الفوضى والخوف والضياع، لن تؤثر في تصميم الدولة على كشف ملابسات جريمة اغتيال الرئيس الحريري، ومحاسبة المسؤولين عنها والمقصرين، كما انها لن تحقق غاية مرتكبي التفجيرات المتنقلة، لان اللبنانيين اقوى من ان تنال هذه الجرائم من وحدتهم وارادتهم في العيش الوطني المشترك، ومن تصميمهم على ما يميز لبنان في محيطه والعالم". وشدد لحود على"ان الساعين الى زرع الرعب والقلق في نفوس اللبنانيين، لن يتمكنوا من الاستمرار في خطتهم لان الدولة ستسهر من خلال قواها الامنية على ضبط الوضع واعادة الاستقرار والامن، وهي تراهن على وعي اللبنانيين وتعاونهم من اجل احباط كل المخططات التي تستهدف كل مقومات لبنان الوطنية والسياسية والاقتصادية". وجدد لحود دعوته جميع القيادات السياسية والروحية الى"وعي خطورة ما يتعرض له لبنان، والمبادرة الى تلبية نداءات التلاقي والتواصل والحوار، لانها وحدها الكفيلة باخراج البلاد من الظروف الصعبة التي تمر بها، وايجاد الحلول لكل القضايا والنقاط التي تشكل تبايناً بين اللبنانيين". واوعز, كما في المرة السابقة, الى الجهات المعنية، بالإسراع في التحقيق لمعرفة ملابسات حادث التفجير، وطلب الى القوى الامنية تكثيف الاجراءات التي تحافظ على الاستقرار الامني في البلاد. كما طلب اجراء كشوفات هندسية على المركز التجاري الذي استهدف بالتفجير لتحديد حجم الاضرار التي لحقت به. واثار الانفجار ردود فعل مستنكرة, بعضها من سياسيين قصدوا المكان لتفقده ومواساة السكان في مصابهم. وقال وزير السياحة في الحكومة المستقيلة وديع الخازن"انه فعل اجرامي يراد منه اثارة الفتن والاضطرابات وزعزعة الاستقرار الداخلي في ظل مرحلة بالغة الخطورة يمر بها لبنان وسورية والمنطقة"، مؤكداً"أنها رسالة اسرائيلية واضحة تحمل في طياتها مشروع فتنة يستهدف امن البلد والسلم الاهلي". واستنكر وزير الاتصالات جان لوي قرداحي الحادث, وحث على"وجوب كشف المعتدين الذين يرمون من خلال هذه التفجيرات المتنقلة الى نشر الذعر والفوضى وتهديد اللبنانيين في منازلهم وفي ارزاقهم". في حين نبهت النائبة بهية الحريري الى"ان شعورنا بفداحة كارثة استشهاد الرئيس الحريري يوازيه شعور كبير بالمسؤولية الملقاة على عاتق اللبنانيين جميعاً من دون استثناء بأن نحافظ على الوطن الذي اراده وعمل من اجله رفيق الحريري، وبألا نسمح لأحد باللعب بأمنهم واستقرارهم ووطنهم ووحدتهم. فعلينا ان نعمل على اعادة احياء لبنان الدور الذي آمن به رفيق الحريري واحة امن واستقرار وملتقى للشباب ولرجال الاعمال والمستثمرين ومساحة كبيرة للحرية". واعتبر النائب منصور البون بعد جولة تفقدية ان"هذا المنطق هو ترهيب نرفضه وكأننا في الفلوجة - العراق"، معتبراً"ان السلم الاهلي والامن المسيحي مستهدفان". وقال النائب فارس بويز:"انها رسالة سياسية بامتياز اكثر من استهداف شخصي ومن ارتكبوها يزيدون على لائحة التقرير الدولي لائحة جديدة". وتفقد المكان النائب نعمة الله ابي نصر الذي قال:"لا اعتقد بأن الموضوع هو بين منطقة واخرى او طائفة او اخرى", اما النائب فريد الخازن فحمل الاجهزة الامنية المسؤولية، معتبراً"ان هناك تقصيراً"، مجدداً الدعوة الى"استقالة رؤساء هذه الاجهزة". وقال النائب فارس سعيد بعد تفقده موقع الانفجار:"ان هذه محاولات بائسة من جانب الاجهزة الامنية اللبنانية والسورية التي اتهمها حتى اثبات العكس". واكد ان"لا فتنة وهذا النموذج العراقي لن يجدي نفعاً". واستغرب التكتل الطرابلسي "قرار السلطة عدم نشر الجيش والقوى الامنية وتفعيل اجهزة الاستقصاء لمعرفة الجهة التي تعبث بالامن". ووصف النائب فريد مكاري الحادث ب"المشبوه". وقال:"ان اللبنانيين باتوا يمتلكون المناعة الكافية امام مخططات خفافيش الليل". واتهم النائب احمد فتفت"أياد الغدر والخيانة التي اغتالت الرئيس الشهيد رفيق الحريري بمواصلة أعمالها المجرمة من دون وازع أو رقيب ومن دون أن تكلف الأجهزة الأمنية، ومن يسيرها، نفسها عناء اظهار الحقيقة". ووصف النائب عباس هاشم الانفجار ب"العمل الحقير". وحمل الحزب التقدمي الاشتراكي"مسؤولية الانفجار واي اعمال اخرى مخلة بالامن الى الاجهزة الامنية والاستخبارية التي تريد زرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين عبر اعمال ارهابية", ودعا القوى الحريصة على مستقبل البلاد الى الوعي واليقظة واعتماد لغة الحوار". ودان"حزب الله"التفجير بشدة, وحذر من مغبة"ما تخطط له الايدي المجرمة التي وقفت خلف هذه الاعمال التي تستهدف العبث بالامن والاستقرار الداخلي والسلم الاهلي". واستنكر حزب الكتائب الحادث معتبراً"ان مسلسل الفتنة عاد ليضرب لبنان بقوة مهدداً سلمه واستقراره. واذا كانت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي أول الغيث، فإن المؤشرات تدل الى ان السبحة تكر في اتجاه التدويل والتدخلات الخارجية ما سيزيد الامور تفاقماً وتأزماً". ورأى حزب الطاشناق في لبنان ان"الخلافات بين اللبنانيين لا يجوز حلها بلغة العنف والتهويل ضد الشعب الآمن, كما انه مرفوض استغلال هذه التجاذبات لايجاد الفوضى في البلاد وضرب الامن والاستقرار فيه".