أنقذت انفلونزا الطيور الجهات الرسمية المصرية من الحرج السنوي الذي تتعرض له في مثل هذا الوقت من كل عام والذي بات معروفاً على مدى السنوات السبع الماضية باسم"موسم السحابة السوداء". فقد ألهت الأخبار المقلقة الواردة عبر الحدود من تركيا وعدد من الدول التي تهاجر طيورها إلى مصر في فصل الخريف، الكثير من وسائل الإعلام عن متابعة خط سير السحابة السوداء التي تزكم أنوف سكان القاهرة والمحافظات المجاورة وتتسلّل الى أجهزتهم التنفسية في شهري أيلول وتشرين الاول اكتوبر من كل عام وتحديداً منذ عام 1998. وعلى رغم ظهور بوادر السحابة في القاهرة، وتحديداً في مناطق مدينة العبور ومدينة نصر منذ منتصف ايلول سبتمبر الماضي، إلا أن بوادر التصريحات الموسمية المؤكدة والجازمة باتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لدحض زحف السحابة لم تظهر إلا في اوائل الشهر الجاري. ومع"المفاجأة الجريئة"التي فجرها وزير الدولة لشؤون البيئة المهندس ماجد جورج بإعلانه أنه ما زال أمام المصريين خمس سنوات اخرى من السحابة السaوداء، استمر النهج الرسمي المتبع في حجب المعلومات الخاصة بالسحابة. وانتقد مركز حابي للحقوق البيئية"بطء استجابة المسؤولين للمشكلة"، لا سيما أنّ القرار الذي أصدرته وزارة الداخلية في صيف عام 2004 بقياس عوادم السيارات، والتي يعتقد أنها تسهم في زيادة حجم السحابة الخانقة، لم ينفذ بشكل واضح. والدليل الى ذلك الادخنة السوداء المنبعثة في كل أركان شوارع القاهرة. ويطالب المركز بإصدار تقرير يومي عن حالة الهواء وتطورات السحابة على أن ينشر في وسائل الإعلام يومياً. إلا أن الاستجابة تتضاءل أمام الاهتمام الآني بانفلونزا الطيور الذي تصدّر الأخبار، ساحباً البساط من تحت السحابة السوداء. أما في العراق، فعزف العراقيون عن تناول الدجاج في وجبة الفطور بعد انتشار الشائعات حول مرض انفلونزا الطيور بين الدواجن في العراق فضلاً عن اعلان الحكومة العراقية منع استيراد لحوم الدجاج والدواجن وبيض المائدة والتفقيس من الدول الاجنبية، مما زاد من مخاوف الناس من احتمال انتشار المرض. وشهدت النجف التي لا تخلو موائد رمضان فيها من لحوم الدجاج والبط والديك الرومي عزوفاً جماعياً انعكس على اصحاب المطاعم وتجار اللحوم. ويقول صاحب مطعم الروان في النجف الحاج علي:"لم يعد الزبون يطلب الدجاج في حين كنا نبيع في هذا الشهر اكثر من مئة دجاجة يومياً. وبعد اعلان الحكومة، اصبح بيعنا للدجاج يعد على اصابع اليد بسبب تخوف الناس من الاصابة بمرض انفلونزا الطيور". وكان اصحاب محال بيع الدجاج يستعدون لشهر رمضان بتخزين كميات من الطيور. ويقول التاجر محمد:"اشتريت 100 ألف دجاجة حية قبل ايام من شهر رمضان. لكنّني لم ابع منها الا ثلاثة آلاف دجاجة وهذه هي السنة الاولى التي يبقى فيها الدجاج ولا يباع في رمضان بعد الشائعات عن اكتشاف المرض في النجف". وينفي مدير صحة البيطرة في النجف الدكتور عباس عريعر انتشار المرض في العراق. ويضيف:"لم نسجل اي اصابة حتّى الآن"، مشيراً الى انه تم تشكيل لجان لفحص مختلف الدواجن في الارياف وحقول الدواجن. وأكّد ان العراق خال من هذا المرض. الا أنّه أضاف:"لكننا اخذنا اجراءات وقائية من دخول المرض الى القطر". وتشهد النجف هذه الايام ذكرى وفاة الإمام علي ويقوم الاهالي بتوزيع طعام الافطار، لكن الموائد ستخلو هي الاخرى من الدجاج.