تخيل أنك ترى الآن أمام عينيك طبقاً شهياً، أو قالباً من الحلوى المفضلة لديك. تجلس إلى الطاولة وتمد يدك إلى القالب. تأخذ قطعة وتُشغل جهاز التلفزيون. تقودك الصدفة وحدها إلى قناة"إم بي سي". تترك الحلوى والقناة، لتحضر كوباً من الشاي. تعود بالكوب إلى القطعة والقناة، وما أن تبدأ بالتلذذ بلقمتك الأولى، فالثانية، حتى تجد أمامك برنامج"بيوت قذرة"، فتسرع في ابتلاع الثالثة وإبعاد الطبق قبل أن ترى ما يسد النفس والعين. ترتكز فكرة البرنامج إلى"ملكتي التنظيف"- خبيرتا تنظيف بريطانيتان ?تجولان بسيارتهما المميزة بحثاً عن المنازل الأميركية القذرة كون البرنامج يصور في الولاياتالمتحدة. لا يستثني البرنامج أي لقطات مهما كانت مُقرفة، في المطبخ أو الحمام أو غرف النوم. كلما زادت القذارة، زاد التعليق على أصحاب المنزل، لترى بعد ساعات من العمل المستمر والمضني أحياناً بمساعدة فريق من المتخصصين، الفارق الذي أحدثه التنظيف في المنزل. يبدو أن القائمين على البرنامج وضعوا في أذهانهم فكرتين: الأولى تأكيد أهمية التنظيف، والثانية اقشعرار أبدان المشاهدين. وربما لا يقف الأمر عند ذلك ليمتد إلى سد نفس المشاهدين عن الأكل، خصوصاً إذا كان المشهد مثلاً تنظيف حمام اضطر فريق التنظيف لتكسيره بالكامل. حال الحمام الميؤوس منها كانت السبب الرئيس لذلك التكسير، إذ أن نتائج تحليل العينات المأخوذة منه، أثبتت ذلك. ليس بالضرورة أن تقف مشاهد سد النفس عند تنظيف الحمامات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك منزل أحد العزاب الذي تحول إلى ملجأ للكلاب، وهناك منزل إحدى السيدات الأنيقات! التي تسكن بين كراتين الطعام وفضلات القطط. ما يخفف من المشاهد"المثيرة"- المقززة - في البرنامج، خفة ظل مقدمتيه وجرأتهما بقفازاتهما البلاستيكية المزينة بالريش، وتعليقاتهما اللاذعة. وربما لا يمكن التكهن بدقة بالسبب الذي دفع هاتين المقدمتين إلى تسجيل برنامج كهذا. هل حبهما للنظافة، أم لكي تظهرا على شاشة التلفزيون في برنامج غريب ومختلف؟ مهما كان السبب فالنتيجة التي تظهر في نهاية كل حلقة"نظيفة جداً"مقارنة ببدايتها. وربما تدفع هذه النتيجة المشاهد لحمد الله مراراً وتكراراً على ما ينعم به من نظافة! تختتم حلقة"بيوت قذرة"غالباً بزيارة للمنزل بعد أسبوعين من تنظيفه، لتختلف النتائج ما بين الحفاظ على النظافة وبين كأن شيئاً لم يكن! كغيرها من الشاشات، تقدم"إم بي سي"برنامجاً من هذا النوع، وهي من بين القنوات المنفذة لأكثر من برنامج عالمي في نسخة عربية ولأكثر من جزء. ومن تلك البرامج:"من جديد"وپ"من سيربح المليون". وربما كان السبب في تقديم هذا النوع من البرامج"المستنسخة"، إقبال مشاهدين عليها يفضلون البرامج الناطقة باللغة العربية. لكن، هل يأتي يوم ونرى نسخة عربية من برنامج"بيوت قذرة"؟! هل تفكر قناة في تنفيذ مستنسخ عربي من البرنامج - "بيوت قذرة"؟ وإن فكرت، من يموله؟ ومن يجازف من أفراد المجتمعات العربية بأن يكون ضيفاً فيه، ضيفاً مميزاً يبحث عن شهرة"قذرة"، ستعلق ربما في ذهن المشاهدين لوقت طويل جداً، ليمتد التندر ممن يعرفونه إلى من لا يعرفونه ويرونه في الشارع لوهلة؟!