حقق رئيس الوزراء البريطاني توني بلير رقماً قياسياً امس، بعدما اصبح أكثر زعماء حزب العمال استمراراً في الحكم في تاريخ بلاده. كما يتوقع ان يستمر في السلطة لأكثر من 12 عاماً اذا فاز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية في 5 أيار مايو المقبل. ويمضي بلير عطلة نهاية الاسبوع في مقره الريفي في تشيكرز خارج لندن حيث يحتفل بهذه المناسبة المهمة مع عائلته وهو يتأمل مكانته في التاريخ. وأمضى بلير 51 عاماً حتى يوم امس، 2838 يوماً في هذا المنصب، وتفوق بذلك على هارولد ويلسون الزعيم العمالي الراحل الذي عمل رئيساً للوزراء خلال فترتين قصيرتين في الستينات والسبعينات من القرن العشرين. وبدت الصحافة البريطانية مولعة كعادتها امس، في رصد هذه الظاهرة المهمة. وسيتفوق بلير على رئيسة الوزراء المحافظة السابقة البارونة مارغريت ثاتشر، اذا فاز في الانتخابات المقبلة كما هو متوقع في كل الاستطلاعات الخاصة بالرأي، وأكمل ولايته الثالثة في الحكم التي تستمر نحو أربعة أعوام على الأقل وتنتهي في عام 2008. وكانت ثاتشر أكثر الزعماء البريطانيين بقاء في الحكم في العصر الحديث، اذ ظلت في السلطة اكثر من 11 عاماً، لكنها أرغمت على الاستقالة بسبب المعارضة الداخلية لها من داخل حزب المحافظين في شأن أوروبا والسياسات الداخلية، ما شكل انقلاباً خطيراً عليها نهاية عام 1990 . وكان بلير حقق سجلاً مهماً آخر، عندما اصبح أصغر رئيس للوزراء في بريطانيا، اذ تولى الحكم عام 1997 وعمره لا يتجاوز ال43 عاماً. ولكن اعباء الحكم وهموم الأزمات الداخلية والخارجية وخصوصاً العراق، جعلت الشيب يزحف على شعره مبكراً. ولم يعد الرجل الدائم الابتسام كما كانت الحال عليه في بداية حكمه. وكانت عملية غزو العراق وعدم الاستقرار الذي ساد بعد الحرب وكذلك عدم العثور على اسلحة دمار شامل التي كان يصر على وجودها هناك. وأثقلته تلك الملفات بالهموم وأدت مع ضغوط اخرى، الى أزمة صحية كبيرة له، اذ أصيب باضطراب وسرعة في ضربات القلب وخضع لأسلوب جراحي لعلاج هذه الحال الخريف الماضي. واضطر بلير الذي كان مؤيدوه يقولون انه قادر على صنع العجائب وما يشبه المشي فوق الماء، الى اتخاذ موقف الدفاع عن مبررات غزو العراق مع التأكيد على خلو هذا البلد من أسلحة الدمار، وسط دعوات من داخل حزبه وخارجه الى استقالته لأنه"خدع الرأي العام"من خلال التهديدات المزعومة عن الاخطار التي يمثلها النظام العراقي السابق. وفي الوقت نفسه، ذكر تقرير صحافي امس، ان بلير وضع"خطة سرية"لكي يتخلى عن زعامة حزب العمال ولكن على ان يستمر كرئيس للوزراء لمدة ستة اشهر. وقالت صحيفة"صنداي ميرور"الموالية للعمال ان هذه الخطة السرية التي وضعها بلير ستسمح لغوردون براون وزير المال القوي، ان يصبح زعيماً للعمال، في اجراء يوفر له استراتيجية الخروج المناسبة التي تحفظ مكانته في التاريخ وانهاء الصراع المحتدم مع براون على السلطة.