يتجه حلفاء سورية في لبنان والقوى السياسية الموالية للحكم الى تبني خيار اعتماد الدائرة الانتخابية الواحدة في كل لبنان بدلاً من مشروع قانون الانتخاب الذي أحالته الحكومة الى المجلس النيابي قبل اسبوعين ويعتمد القضاء دائرة انتخابية 25 دائرة، في هجوم مضاد على المعارضة التي كانت فضلت المشروع الأخير. راجع ص7 وعلمت"الحياة"ان الاتصالات التي أجريت خلال الايام الماضية بين أركان الموالاة افضت الى توافق على قلب الطاولة على المعارضة باعتماد هذه الصيغة في الرد عليها، بعدما كان لوّح به رئيس المجلس النيابي نبيه بري أول من أمس، فتقرر ان يطرحه خلال"اللقاء الوطني الموسع"الذي دعا اليه الأقطاب والمسؤولين والقادة والاحزاب والنواب الموالين غداً الاثنين كي يتم تبنيه والتقدم باقتراح قانون في شأنه الى المجلس النيابي من الكتل النيابية الموالية التي تحظى بأكثرية في البرلمان. وأوضحت مصادر الموالاة ان السلطة حاولت استرضاء المعارضين باعتماد القضاء لكنهم استمروا في هجومهم وبدا الموالون بلا خطة موحدة، ما ادى الى فلتان الساحة السياسية والمطلوب صدمة تعيد التوازن اليها. وقال نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم في حديث الى"الحياة"امس ان سورية لا تسعى الى"تفكيك المعارضة اللبنانية بل الى الحوار معها تحت سقف الطائف"، مشيراً الى ان الفترة المقبلة ستشهد"احياء اللجنة الامنية المشتركة في اطار توجيه لتفعيل المؤسسات في جميع المجالات". ويرفع هذا التوجه نحو الدائرة الانتخابية الواحدة، بعدما أخذ يتحول من شعار ومطلب لبعض القوى الى خطوة عملية، المواجهة بين الموالين والمعارضين الى سقف جديد، خصوصاً انه يحشد اكثرية من الاصوات، لا سيما الاصوات الشيعية، في ظل تحالف حركة"امل"و"حزب الله"، وعدد واسع من الاصوات السنية في الشمال والبقاع بالتحالف مع الموالين من القوى المسيحية بما يضمن الاكثرية، وفق حسابات السلطة، للموالين في المجلس النيابي المقبل. ويعارض البطريرك الماروني نصرالله صفير ورئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط وأركان"لقاء قرنة شهوان"اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، فيما يفضل رئيس الحكومة رفيق الحريري السابق اعتماد المحافظة. ويطمئن هذا الخيار الموالين من المسيحيين الذين كان بعضهم يفضل دائرة القضاء. وقالت مصادر موالية في السلطة ل"الحياة"ان الدائرة الواحدة"هي التي اعتمدها الاميركيون في انتخابات العراق وبالتالي هذا خيار لا يستطيعون الاحتجاج عليه في لبنان. واذا كان البعض سيعترض على حشد القوى الناخبة في طائفة معينة، فإن الادارة الاميركية اعتبرت انتخابات العراق ناجحة على رغم ان اكثرية الناخبين خلالها كانوا الشيعة". وقالت مصادر سياسية موالية ل"الحياة"إن"ما لم يحسم بعد في خيار الموالين للدائرة الواحدة، رداً على تصعيد المعارضة، هو ما اذا كانت الدائرة الواحدة ستقترن مع اعتماد النظام النسبي أم النظام الأكثري". وبدأ بري امس توجيه الدعوات الى"اللقاء الوطني الموسع"الذي سيعقد الاثنين في مواجهة المعارضة. وفيما قالت مصادر بري ل"الحياة"ان اللقاء سيبحث ثلاث نقاط هي اتخاذ موقف ضد قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559، والتمسك باتفاق الطائف وقانون الانتخاب، وصل الى دمشق امس موفد الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن المكلف مراقبة تنفيذ القرار 1559 وإعداد تقرير للأمانة العامة في هذا الصدد، للقاء الرئيس السوري بشار الأسد وكبار المسؤولين. وجاء تحرك الموالين رداً على تأييد البطريرك صفير الاسبوع الماضي القرار 1559، وعلى اشارة مجلس المطارنة الموارنة الى ان"الرياح الخارجية مواتية للبنانيين"ودعوة لقاء المعارضة في البريستول الى انسحاب سوري كامل استناداً الى مرجعية اتفاق الطائف، وإصرار جنبلاط على سحب المفارز الامنية في بيروت. وشن الموالون حملة واسعة على المعارضة واتهموها بالانقلاب على الطائف وبأنها تسلك سياسة أميركا واسرائيل. وردت لجنة المتابعة للقاء البريستول امس على"ردود الفعل المذعورة للسلطة على البيان الواضح الصادر عن لقاء البريستول"، مؤكدة"التزام اتفاق الطائف وحماية المقاومة واحتضانها في مقابل تصوير رئيس الحكومة عمر كرامي وأهل السلطة معركة انقاذ لبنان من هيمنة الاستخبارات السورية بأنها انقلاب على الطائف واستهداف للمقاومة". ودان البيان عودة كرامي الى لغة التهديد والوعيد والتخوين في الحملة على المعارضة، وطالبت المعارضة بحكومة حيادية. وواصل كرامي هجومه على المعارضين رافضاً كل المشاريع التي تروج لها ما سماها ب"جوقة المعارضة"والتي اعتبر انها"تستهدف وحدة الأمة وسلامة البلاد"، مؤكداً"تمسك لبنان شعباً وحكومة بالخط العربي المتمثل بالشقيقة سورية". ونقل عنه زواره ان"الشعب اللبناني عموماً والطائفة السنية خصوصاً لن يخدعا بشعارات المعارضة". لكن عضو لجنة المتابعة للمعارضة النائب فؤاد السعد أعلن أسفه"لاعتماد الحكومة ورئيسها الاهانات والكلام البذيء"وان"يفقد رئيس الحكومة أعصابه وينزلق الى منطق التهديد والوعيد"، معتبراً أن تعاطي الحكم مع قانون الانتخاب"انفعالي واعتباطي".