بعد ثماني سنوات من العيش تحت سقف واحد وانجاب طفلة أصبحت في الثالثة من العمر، قرر السويديان اندرش 32 سنة وليند 30 سنة الزواج وإجراء مراسم فرح كبير. بهذا، تكون عائلة هدلوند هي واحدة من نحو 43 الف عائلة تزوجت خلال العام الماضي على طريقة الزواج التقليدي، أي إجراء مراسم رسمية واقامة حفلة كبيرة يحضرها الأصدقاء والأقارب والجيران. وبالطبع حضرت ابنتهما جوهانا العرس ولبست فستاناً ابيض يشبه فستان والدتها العروس. للمجتمع السويدي عاداته وتقاليده الخاصة كسائر المجتمعات. وبالطبع، تخضع هذه العادات للتغير مع الوقت، فتضاف إليها تفاصيل ويتم التخلي عن تفاصيل أخرى. لكنها تبقى عادات وتقاليد يفتخر بها أهل البلد لأنها كما تقول ليندا "تقاليدنا وعاداتنا ونحن نجدها مناسبة لمجتمعنا. انا اعرف ان مجتمعكم العربي يرفض فكرة إنجاب الأطفال قبل الزواج. كما انه لا يؤيد فكرة العيش تحت سقف واحد قبل الزواج. لكن عادات المجتمع العربي مختلفة عن عاداتنا". لكن المجتمع السويدي الذي ينظر اليه الكثيى في الدول العربية على انه مجتمع يتمتع بحرية مطلقة، إلى حد الانفلات، كان في القرون الوسطى يعيش في ظل تقاليد وعادات لا تختلف كثيراً عن العادات العربية. كانت القرى السويدية تقيم أعراساً مشتركة في تلك الفترة. وبالطبع، كان شبان القرية يبادرون أولاً إلى طلب يد الشابات، قبل تدخل الاهل. كان الشاب يحصل على موافقة عروسه مباشرة لئلا تصاب عائلته بالإحراج. في فصل الخريف، عندما تكون المخازن امتلأت بالقمح والمؤن الأخرى، كان شبان القرية يحتشدون مساء في ساحة القرية. وعندما يخلد الجميع إلى النوم، يزورون بيوت العائلات حيث توجد فتيات في سن الزواج. وبما أن العائلات تكون على علم مسبق انه موسم الخطبة وان هذه الليلة قد تكون مصيرية بالنسبة إلى ابنتهم، فكانوا يتركونها تنام بمفردها في غرفة صغيرة في حديقة المنزل. بعد منتصف الليل، يأتيها زائر من الشباب ويطرق الباب. في حال أعجبت بالطارق، تفتح له الباب ليتسامرا طيلة الليل حتى صياح الديك. وفي الصباح، يدعو أهل العروس العريس إلى المنزل ويتناقشون في ما كان يعرف بهدية الصباح، أي المقدم. في حال تم الاتفاق على كل التفاصيل، يقام العرس في القرية حيث يتبادل العروسان المحابس التي هي عادة إيطالية كرست أيام إمبراطورية روما. شروط محرجة كان لهدية الصباح شروط محرجة قبل أن يسددها العريس. ففي ليلة العرس، يجلس العريس والعروس بين أهلهما واصدقائهما الذين كانوا يقرأون عليهما تعاويذ لابعاد الأرواح الشريرة ومن اجل حياة سعيدة وخصوبة في الإنجاب. وبعد تناول المدعوين طعام العشاء، يذهب كل إلى بيته باستثناء رجل الدين وعدد من الشهود المقربين من العروس والعريس الذين لهم دور أساسي في هذه الليلة اذ انهم يرافقون العروسين للتأكد من عذرية العروس. ويحاول بعض المؤرخين السويديين تجميل هذه الواقعة فيقولون إن الشهود ورجل الدين كانوا يغادرون الغرفة قبل الزواج. لكن أكثرية المؤرخين يؤكدون العكس. في حال كانت الفتاة عذراء، يدفع العريس لها هدية الصباح وهي ما يعرف اليوم في المجتمعات العربية بالمقدم. وبالطبع كان أهل العروس يتكفلون بإقامة مراسم العرس. لكن هذه العادات اختلفت مع تطور المجتمع السويدي. وتقول ليندا:" بلغت تكاليف زفافنا نحو خمسين ألف كرون ثمانية آلاف دولار وهو يعتبر زفافاً من النوع المتوسط. وشاركت مع زوجي في تكاليف الزفاف. لكن حصلنا على الكثير من الهدايا من الأهل والأصحاب. أنا اعرف أنه في القرون الوسطى، كانت عاداتنا وتقاليدنا تختلف عن يومنا هذا. لكن لا يمكن اتباع تقاليد عمرها مئات السنين لذا أجد أن عادات مجتمعنا الحالي افضل مما كانت عليه من قبل. إذ يحق لكل إنسان أن يختار أسلوب الزواج أو العيش المشترك الذي يجده مناسباً". بالفعل فهناك قانون في السويد يعود الى عام 1920 وتم تطويره تدريجاً. يجيز القانون لكل انسان ان يبني علاقة اما عبر الزواج أو المصادقة او العيش المشترك تحت سقف واحد من دون ان يكون هناك أوراق رسمية للزواج. لكن بالنسبة إلى كثيرين ممن يقررون الارتباط رسمياً، "الزواج إشارة إلى أن الطرفين يحبان بعضهما بعضاً وانهما وصلا إلى قناعة تامة انهما يريدان ان يعيشا معاً مدى العمر"، كما تقول ليندا. لكن على رغم ان هناك رجال دين يشجعون على الزواج قبل الإنجاب، كما ان هناك قناعة ان الزواج هو اطلاق وعد ثابت مبني على الحب والاحترام، فمقابل 43 الف حال زواج سنوياً يجري مقابلها نحو 20 الف حال طلاق. لكن ما الفارق بين العلاقة قبل الزواج والعلاقة بعده؟ تقول ليندا واندرش انهما لم يشعرا بأي اختلاف أبداً "فنحن نحب بعضنا بعضاً وقررنا الإنجاب. لكن شعرنا أن الزواج الرسمي بعد ثماني سنوات من العيش معاً تحت سقف واحد، أمر لطيف". لكن ليندا تقول ان السبب الرئيس للزواج في السويد يعود الى "العامل الاقتصادي. فأنا اعمل مثلاً في مجال التمريض وزوجي اختصاصي في برمجة الكومبيوتر.وبما اننا نتاقضى راتبين، فمن البديهي اننا سنوفر الكثير من المال لو تزوجنا وأقمنا معاً. فنحن بذلك نوفر في الطعام، وندفع اجرة منزل واحد، كما ان الضرائب ستصبح ضريبة على عائلة واحدة عوض ان تكون ضريبة لكل فرد منا" هكذا تتحقق امنية الاطفال السويديين ويحضرون افراح آبائهم.