تواصلت مساعي قادة عرب الداخل أمس لرأب الصدع بين الدروز والمسيحيين في قرية المغار الجليلية التي شهدت أواخر الاسبوع الماضي اعتداء نفذه المئات من أبناء الطائفة العربية الدرزية في القرية على بيوت مسيحيين وقاعة الكنيسة لمجرد اشاعات تبين لاحقاً ان لا أساس لها من الصحة عن قيام شاب مسيحي بنشر صور لوجوه فتيات درزيات تم تركيبها على أجساد عارية على الانترنت. والتأم النواب العرب من الاحزاب الوطنية ورجال الدين من الطائفتين الدرزية والمسيحية لساعات متتالية لتهدئة الخواطر واصلاح ذات البين بعدما تبين مجدداً ان الشرطة الاسرائيلية أحجمت عمداً عن التدخل على رغم عديدها واتخذت موقف المتفرج، متذرعة بأن تدخلها قد يؤجج النار وهي التي يسرع أفرادها عادة في الضغط على الزناد حين يتظاهر المواطنون العرب في مناسبات وطنية أو حين"يشتبه بهم"بالنشاط ضد الدولة العبرية. وعلى رغم الحقيقة المؤلمة بأن ما حصل في قرية المغار من معارك هو فتنة طائفية بغيضة وليست عملاً طائشاً لنفر غير مسؤول، كما يحلو للبعض تسميته، إلا ان اطلاق المعتدين نيراناً من أسلحة اسرائيلية حملوها ويحملونها بفعل خدمتهم القسرية في الجيش الاسرائيلي، يخدم السلطات الاسرائيلية في مآربها وكأنها تريد القول للمسيحيين ان ليس لهم من أجل حماية انفسهم سوى الالتحاق بالجيش الاسرائيلي، وهذا ما حذر منه دائماً قادة الأحزاب العربية الوطنية الذين أحبطوا الى الآن محاولات متواصلة"لاقناع"الشباب العرب المسلمين والمسيحيين بأن يحذوا حذو اخوتهم الدروز ليلتحقوا بجيش الاحتلال. كما انه ليس صدفة ان تطل الأزمة الحالية - الفتنة الطائفية - رأسها بعد أيام من توصيات لجنة اسرائيلية رسمية أقرها وزير الدفاع شاؤول موفاز بدمج العرب في خدمة عسكرية تسمى خدمة وطنية أو مدنية ليس الغرض منها سوى كسر الحاجز بينهم وبين"الوطنية الاسرائيلية"، كما اكد بيان صادر عن رئيس"التجمع الوطني الديموقراطي"النائب عزمي بشارة. وقال النائب الشيوعي محمد بركة في بيان أصدره ان تأجيج الخلافات الطائفية يصب فقط في خدمة السلطة وظلمها"لذلك لا نستبعد ان تكون اياد خفية تحرك النار، ما يستوجب على أهلنا في قرية المغار ان يحتكموا للعقل". اما وسائل الاعلام العبرية، فلعبت هي الأخرى دوراً في صب الزيت على النار وتجاهلت جهود تطويق الخلافات وراحت تبث صوراً لملثمين من الدروز يتوعدون بحرق المسيحيين.