خرجت محطة"أم تي في"من ظلمة السجن مثلها مثل كثيرين من اللبنانيين الذين كانوا يشعرون أن الوطن كان حتى 14 آذار مارس أشبه بپ"الزنزانة"الكبيرة. ومثلما عاد العماد المنفي ميشال عون واعتق قائد"القوات اللبنانية"سمير جعجع ها هي المحطة المعارضة تحظى باجماع نيابي يطلق سراحها. واللافت أن الوزير السابق ميشال المر الذي أقفلت المحطة في عهد ابنه الياس صوّت لمصلحتها أخيراً بعدما انتقل الى"ملعب"المعارضة. فرح الكثيرون من اللبنانيين عندما اعلن قرار الإفراج عن المحطة"المسجونة"منذ ثلاثة اعوام، ولكن هل تراهم سيفرحون بها عندما تعاود البث بعدما حصل ما حصل وبعدما انقلبت الموالاة معارضة والمعارضة معارضات بعضها شبه موالٍ؟ أي هوية ستحمل القناة التي كان لها حضورها الخاص اعلامياً قبل اقفالها؟ هل ستظل قناة معارضة؟ وأي معارضة ستلتزم: معارضة العماد ميشال عون؟ أم معارضة الاطراف الآخرين الذين اصبح بعضهم في السلطة وتفرّق بعضهم سياسياً من غير عداوة لا مع السلطة ولا مع رفاق الأمس؟ كانت محطة"ام تي في"طوال فترة غير قصيرة من أجرأ المحطات اللبنانية، ولم تخشَ أي عاقبة إزاء مواقفها الجريئة، وخاضت قضايا سياسية واجتماعية كانت بمثابة"الممنوعات"في محطات اخرى. والأمل ان تظل هكذا، محطة مختلفة، لا تهادن ولا تساير ولا تكذب ولا تزوّر. ورصيدها هو علاقتها الصريحة مع جمهورها سابقاً ويجب أن تحافظ على هذا الرصيد. فإقفالها قبل ثلاث سنوات كان اشبه بالهزيمة السياسية للكثيرين من اللبنانيين الذين رفضوا سلطة الوصاية والفساد وتطلّعوا الى وطن حرّ وديموقراطي. الأمل أيضاً ان تنطلق هذه المحطة مما تبقى من الرجاء الذي صنعه يوم 14 آذار التاريخي، خصوصاً بعد الانتخابات النيابية المخيبة التي قلبت المعادلات السياسية.