أثمرت وساطة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عن اتفاق فلسطيني إسرائيلي لفتح مقيد لحدود قطاع غزة والشروع في بناء الميناء الذي ستستغرق اقامة المرحلة الأولى منه عشرين شهراً. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الاتفاق تحقق عندما تنازل الاسرائيليون عن مطالبتهم الاحتفاظ بحق اصدار قرار بشأن كل مشتبه به يمر عبر المعبر، وبعد ان وافق الفلسطينيون على مطلب إسرائيل توفير بث مباشر لكل ما يجري على المعبر على مدار الساعة. ووافق الطرفان على اقامة غرفة عمليات مشتركة يشرف عليها طرف ثالث اتفق على أن يكون اوروبياً، ويكون صاحب القرار بشأن اي مشتبه تطلب إسرائيل توقيفه على الا تتجاوز مدة توقيفه ست ساعات لغرض الفحص الآني. ويتيح هذا البند من الاتفاق لسكان غزة السفر للخارج، بمن فيهم قادة"حماس"و"الجهاد الاسلامي"و"الجبهة الشعبية"وغيرهم من الممنوعين من السفر منذ عقود. ولكنه يبقي قيودا على بعض العناصر التي قد تتقبل اوروبا فكرة انتمائها لمنظمات متطرفة خطرة مثل القاعدة وغيرها. وربما يشمل ذلك عناصر من"الجهاد الإسلامي". ونص الاتفاق على السماح للسلطة بالشروع الفوري في بناء الميناء. وقال وزير الاقتصاد الفلسطيني مازن سنقرط ل"الحياة"ان بناء المرحلة الأولى من الميناء يستغرق بين 18-20 شهراً بتكلفة تصل إلى 70 مليون دولار وذلك وفق دراسات أعدها خبراء من الاتحاد الأوروبي. وكان الاتحاد الأوروبي وحكومتا فرنسا وهولندا تعهدوا بتمويل إقامة هذه المرحلة من الميناء والتي تؤهل لحركة تصدير واستيراد تفي باحتياجات القطاع في الاتجاهين. ولفت الوزير سنقرط إلى أن المرحلة الثانية من الميناء والتي تؤهل غزة لتعاون اقتصادي اقليمي واسع تتطلب اربع سنوات وتصل تكلفتها إلى 180 مليون دولار. ولم يتفق الجانبان على إعادة بناء المطار الذي دمرته القوات الإسرائيلية في المراحل الاولى من الانتفاضة رغم انهما اتفقا على مواصلة التباحث بشأنه. واشار سنقرط إلى ان اعادة بناء المطار تتطلب ستة شهور بتكلفة تصل إلى 30 مليون دولار وذلك استناداً إلى دراسة اعدها خبراء اوروبيون اخيراً. ونص الاتفاق ايضا على أن تظل صادرات غزة إلى مصر او عبرها تتم عبر معبر رفح تحت رقابة أوروبية. ونص أيضا على حصر عبور الزائرين للقطاع من غير حملة الهوية الفلسطينية عبر معبر إسرائيلي - مصري يسمى كرم سالم أو"كيرم شالوم"بالعبرية. كما حصر الاتفاق استيراد القطاع للبضائع عبر المعبر المذكور. ووافقت اسرائيل على وجود موظفي جمارك فلسطينيين في هذا المعبر. وسمحت إسرائيل بمرور 150 شاحنة من غزة يوماً عبر معبر المنطار الموصل إلى الضفة وإسرائيل على أن يرتفع هذا العدد إلى 400 شاحنة بنهاية العام 2006. واعرب وزير الاقتصاد الفلسطيني عن ارتياحه للاتفاق على هذا الحجم من التصدير. وقال:"قبل الانسحاب الإسرائيلي من غزة كان عدد الشاحنات المسموح لها بالمرور في هذا لمعبر 40 شاحنة ولجأت إسرائيل لتخفيض عددها بعد الانسحاب إلى 20". وسمح الاتفاق بتسيير مواكب من الحافلات الاسرائيلية لنقل مسافرين فلسطينيين بين الضفة وغزة تحت حراسة امنية اسرائيلية مشددة. وابدى الفلسطينيون ارتياحهم من الاتفاق رغم القيود التي اشتمل عليها. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات:"القرار بأيدينا ولا يوجد قوائم منع اسرائيلية". وقال مراقبون في غزة ان اهالي القطاع ابدوا ارتياحهم للاتفاق. واوضح طلال عوكل المحلل السياسي المقيم في غزة ان"الناس هنا سيشعرون بارتياح رغم ما احتوى عليه الاتفاق من قيود لأنه يخرجهم من السجن". وأضاف:"هناك قيود كثيرة لكن الناس لها مصالح وتريد تحقيقها. الطلاب والمرضى ورجال الاعمال كل هؤلاء يريدون السفر، والسفر كان ممنوعاً منذ الانسحاب الاسرائيلي في ايلول سبتمبر الماضي. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية اجلت مغادرتها المنطقة يوماً واحداً للعمل من اجل التوصل إلى هذا الاتفاق الذي عملت على انجازه في حوار استمر ليلة كاملة مع كل من وزير الشؤون المدنية الفلسطينة محمد دحلان ووزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز. من جهة اخرى، اعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز الاتفاق حول المعابر"انجازا لاسرائيل"وانه"ثمرة توازن"بين الاحتياجات الأمنية لاسرائيل والاحتياجات الاقتصادية للفلسطينيين"، مضيفا أثناء حديثه في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أمس ان اسرائيل لن تسمح بأن تأتي الاحتياجات الاقتصادية هذه على حساب أمن مواطني اسرائيل. وأضاف مع انفضاض اجتماع الجلسة أن امام السلطة الفلسطينية اليوم تحديا كبيرا يتمثل بقيام أجهزتها الأمنية، بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، بتجريد"المنظمات الارهابية"من أسلحتها ومحاربة بنيتها التحتية. وأشاد الوزير بالتعاون مع مصر في الشريط الحدودي بين القطاع ومصر وقال ان ذلك تمثل أساسا بانخفاض حجم تهريب الأسلحة. وقال النائب بنيامين نتانياهو إن النية لمنح الفلسطينيين ميناء في غزة ومعبرا آمناً بين القطاع والضفة الغربية تشكل خطرا على اسرائيل وأن النتيجة ستكون وصول أسلحة كثيرة الى غزة ونقل قذائف الهاون و"القسام"من غزة الى الضفة"لتمطر بها المدن الاسرائيلية".