بعد جمود شبه كامل فرضته اسرائيل خلال تنفيذها عملية الانسحاب من قطاع غزة جيشاً ومستوطنين, عاد الحراك الديبلوماسي الدولي بزخم الى الاراضي الفلسطينية للبحث في القضايا المعلقة في خطة"فك الارتباط"الاسرائيلية عن قطاع غزة. وفي مقدم هذه القضايا المعابر الدولية والحدود وسبل التواصل بين القطاع والضفة بصفتهما وحدة جغرافية فلسطينية واحدة, وذلك في وقت بدت فيه الكفة تميل الى"الحلول الموقتة"التي تفضلها اسرائيل بانتظار انجاز تفاهمات دائمة مستقبلية تضمن عدم تحويل القطاع الى سجن كبير مفتوح. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الفلسطينيون وصول مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ويلتش الى المنطقة الاثنين للدفع باتجاه انجاح لقاء القمة المتأرجح موعده بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، وللقاء عباس مع نظيره الاميركي جورج بوش في البيت الابيض في العشرين من الشهر الجاري لبعث الروح من جديد في عملية المفاوضات المتوقفة منذ شهور, تركزت انظار الفلسطينيين على ما ستتمخض عنه مفاوضات الوسيط الدولي المبعوث الخاص للجنة الرباعية الدولية جيمس وولفنسون مع الجانب الاسرائيلي في شأن"غزة ما بعد الانسحاب"الاسرائيلي منها اقتصادياً وجغرافياً وقانونياً وسياسياً. وفي هذا الاطار, شدد وولفنسون في ختام لقائه مع رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ابو علاء في رام الله على ضرورة بدء العمل في قضايا الميناء والمطار في القطاع، معبرا عن اعتقاده بان قضية معبر رفح الحدودي"قابلة للحل"وانه يسعى الى الحصول على موافقة اسرائيلية بدعم دولي حول ضرورة تشغيل المعبر لحركة الافراد في كلا الاتجاهين وللبضائع في طريق خروجها من القطاع على ان يتم ادخال البضائع عبر معبر"كيرم شالوم"الاسرائيلي لفترة انتقالية لحين التوصل الى اتفاق شامل حول معبر رفح بوجود دولي. ورفض وولفنسون الحديث عن تواريخ محددة لبدء تشغيل الميناء والمطار ولكنه اكد ضرورة بدء الحديث بشأنهما. ومن جهة اخرى, شدد وولفنسون على ضرورة ايجاد"آلية عمل سريعة وناجعة تضمن دخول المواد الاولية اللازمة للدفيئات الزراعية وتصدير السلع المنتجة". واشار الى اهمية بدء تشغيل الطريق الرابط بين الضفة والقطاع"أقله عن طريق القوافل في المرحلة الانتقالية". وكشف وولفنسون عن مماطلة اسرائيلية في شأن قضية نقل ركام المستوطنات السابقة وازالتها الى خارج قطاع غزة، مشيرا الى ان هذه القضية لا تزال تنتظر"توقيع التفاهم"الذي تم التوصل اليه والقاضي بتوفير الحكومة الاسرائيلية مبلغ 30 مليون دولار اميركي تدفع الى طرف دولي يقوم بتشغيل متعهدين فلسطينيين لإزالة الركام". وكان لافتاً ان وولفنسون اشار الى ضرورة"تأسيس جسم دولي يشرف على المشاريع"التي ستقوم الدول المانحة بتنفيذها او تمويلها والتي سيتم تقديمها الى السلطة الفلسطينية الاسبوع المقبل, مضيفاً ان مهمة هذا الجسم الدولي توفير البيانات اللازمة وضمان الشفافية لفترة انتقالية حتى تشكل الوزارات الفلسطينية المختلفة جسماً مماثلاً يتولى هذه المهمة بعد فترة انتقالية لم يحددها. من جهته, دعا رئيس الوزراء الفلسطيني الى"البدء بعملية سياسية ذات صدقية تعطي الامل للفلسطينيين بان الانسحاب من غزة ليس النهاية بل بداية لنهاية الاحتلال". وكان وولفنسون الذي وصل الى المنطقة الخميس الماضي, التقى مسؤولين اسرائيليين من بينهم وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز والرئيس الفلسطيني محمود عباس في غزة الجمعة. والتقى وولفنسون السبت بالاضافة الى قريع كلاً من وزير الشؤون الخارجية ناصر القدوة ووزير الاقتصاد الوطني مازن سنقرط. ورجحت مصادر ديبلوماسية مطلعة في حديث مع"الحياة"ان يتولى البنك الدولي عملية المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي في الآليات العملية المتعلقة بتشغيل معبر رفح والطريق الرابط بين القطاع والضفة الغربية، بعد ان تخلت اسرائيل عن رفضها وجود اشراف دولي على المعبر الحدودي مع مصر. ويعقد شارون ونائبه شمعون بيريز ووزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز اجتماعا اليوم الاحد لبت قضية معبر رفح وما إذا كان سيخصص للافراد فقط او البضائع، وكذلك طبيعة الاشراف الدولي على المعبر. واشارت الاذاعة الاسرائيلية الرسمية الى ان الاجتماع سيعقب الجلسة الاسبوعية للحكومة الاسرائيلية وسينظر في ما اذا كانت حركة البضائع ستتم عبر معبر"كيرم شالوم"او"نيستانا"ودور الاتحاد الاوروبي في الاشراف على المعبر الحدودي. وكانت مصادر اسرائيلية اكدت ان اللقاء الذي جمع كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ودوف فايسغلاس مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي الجمعة تمخض عن اتفاق يقضي بتشكيل جسمين احدهما يشرف على القضايا الامنية في المعبر والاخر يتعلق بالجمارك والضرائب على البضائع. ووافقت اسرائيل اخيرا على وجود دولي في معبر رفح الحدودي على ان يتم تشغيل كاميرات مراقبة تبث مباشرة حركة التنقل على المعبر للافراد، الى غرف اسرائيلية تمكن من مواصلة السيطرة الامنية الاسرائيلية على حركة الفلسطينيين ذهاباً واياباً.