ربما يجمع الشعر الأبيض، بضوئه اللامع، العلماء الثلاثة الذين اعلنت"الاكاديمية الملكية السويدية"أمس فوزهم بجائزة نوبل للفيزياء. وتقاسم الجائزة كل من الاميركيين روي جي غلوبر 80 سنة وجون آل هول 71 سنة والالماني تيودور هينش 63 سنة. ونوّهت بجهودهم لصنع مقياس دقيق للزمن، يفوق دقة الساعة الذرية. ويستطيع ايضاً اعطاء تحكم اكبر في اشعة الليزر، وخصوصاً الحزم الدقيقة منها كتلك التي تستخدم في الكتابة على الاسطوانات الرقمية للكومبيوتر. وعمل الثلاثة سنوات طويلة لفهم الخصائص الاساسية فيزيائياً للضوء، الذي يعتبر من الاشياء الاساسية في فهم الظواهر الكونية. فمنذ ان اعلن البرت اينشتاين، عبر نظرية النسبية، ان الضوء هو السرعة القصوى في الكون، وانه ايضاً يُحدد الزمن، صار فهم الاشعة الضوئية وتركيبها اساساً في عمل الفيزيائيين في العالم. كيف يتصرف اصغر خيط اشعة منفرد، وما هي تركيبته؟ يشكل هذا السؤال وامثاله اساس علم الضوئيات الحديث. والمعلوم ان للضوء طبيعة مزدوجة. ويشبه من ناحية مسبحة من الطاقة، تساوي كل حبة منها مقداراً محدداً من الطاقة، هو الكوانتوم. وللتوضيح، فان الكوانتوم، أي قوة الضوء، تعتبر اصغر وحدة للطاقة في الكون، أي ان الطاقة تُقاس بمقادير"ضوئية". ومن الناحية الآخرى، يتصرف الضوء مثل موجات الراديو، اذ يتحرك ضمن ذبذبات محددة. ولذا، يصلح الضوء اساساً لقياس قوة الاشعة، وبالتالي التحكم فيها. ويسير الضوء بسرعة تجعله اساساً في رصد مرور الزمن. وينتمي غلوبر، وهو اختصاصي من هارفرد، الى مدرسة الفيزياء"المُخالفة"لاينشتاين، والتي تُعرف باسم الفيزياء الكمومية. ووضع"التعريف النظري لسلوك جزيئات الضوء"، كما اوضحت الاكاديمية. فيما عمل هول جامعة كولورادو وهينش ميونيخ، على"تطوير التحليل الطيفي باستخدام دقة الليزر، اي تحديد ضوء الذرات والجزيئات بأقصى دقة". وتمكنا من رصد حركة حزم الليزر. ووجداها تتدفق في نبضات خاطفة. وكذلك حددا الفارق الزمني بين النبضة والآخرى، اضافة الى الفوارق في موجاتها الضوئية. وبذا، توصلا الى ادق مقياس ممكن راهناً لذلك النوع من الاشعة. ومكنت تلك الابحاث من صنع مقياس فائق الدقة للزمن، وكذلك لليزر. ومن الواضح ان تلك الابحاث هي من النوع الذري، بمعنى انها تعمل على المُكوّنات الاساسية للذرة، سواء في الطاقة ام في الاشعاع. والمعلوم ان جائزة نوبل للفيزياء في العام 2004 منحت الى الاميركيين ديفيد غروس وديفيد بوليتزر وفرانك ويلتشيك لأبحاثهم في الذرة.