معظم مجايلينا محكومون بالهجرة. غير ان حاجة بعضنا أكثر الحاحاً من حاجة الآخرين. والافارقة الذين يقصدون المغرب لا يقتصرون على مضيق جبل طارق، ويريدون بلوغ اسبانيا، ومنها اوروبا. وعندما نسأل المهاجرين عن الاسباب التي دعتهم الى المخاطرة على رغم ضعف فرص النجاح، يقولون انه ليس لديهم ما يخسرونه، ويفضلون المخاطرة مهما بلغت، على البقاء على حالهم. ويقول مراسل اسباني أنه مهما بلغ جهل هؤلاء فكلهم يعرفون ان مليلة هي اسبانيا، أي اوروبا، ولا يمكن ان يطردوا منها. ومنذ نصف قرن تقريباً، تحولت بلاد هي تقليدياً مصدر مهاجرين، مثل اسبانيا او ايطاليا، وجهة لمهاجرين آخرين. ووجدت بلدان المغرب نفسها في هذه الحال ايضاً. وهناك يكثر الحديث عن"غير الشرعيين"، ومن لا يحملون أوراقاً ثبوتية وپ"المهاجرين". والمشكلة تتفاقم، لا سيما عندما يقرر من رفضتهم الحدود الاسبانية البقاء في المغرب. وأمر الجزائر سيان، فهي صارت قبلة مهاجرين بدورها. واليوم بدأ مسؤولو الدول الافريقية يتحدثون عن"صدمة ثقافية"بين مواطنيهم والمهاجرين، ويبحثون في سبل الحد من تدفقهم. ولم يعد مستغرباً سماع كلمات استخدمها مسؤولون اوروبيون في السابق، واتهموا جراءها بكره الاجانب. فلنبق يقظين: ليس ثمة سبب واحد يمنع الشعوب الفقيرة والفتية من البحث عن مستقبل أفضل في الغرب الغني. ونحن نعرف، اليوم، ان القرن الحادي والعشرين هو عصر الهجرة الجماعية البائسة والعدائية. وهذه من المسائل الطارئة، كالسلاح النووي والبيئة والمناخ، ولا يمكن مواجهتها الا بعمل جماعي. فأمام اوروبا فرصة ذهبية لتصوغ"هوية ارادية"لنفسها صوغاً جديداً، وبعيداً من كل حنين متزمت، علينا أن نتعلم من الولاياتالمتحدة، وان نقتنع بأن الدول لا تصير الى ما هي عليه، ولا تنشئ هوية، الا من طريق إسهام المهاجرين، وذلك على أحسن الوجوه أو أسوئها. عن جان دانيال، لوفيل اوبسرفاتور الفرنسية، 12-19/10/2005