وقف رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز الجمعة الماضي مفتخراً وهو يعرض آخر مجوهراته الجديدة لضمها الى التاج الملكي، إذ استعرض النجم البرازيلي روبينيو مهاراته امام حشد كبير من جمهور النادي الاسباني. هذه هي عادة بيريز، منذ وعد جمهوره بضم نجم كبير في كل موسم جديد، وروبينيو كلف خزانة النادي نحو 28 مليون دولار لضمه من سانتوس البرازيلي، وهو ليس اسماً كبيراً فحسب وانما هو اللاعب الذي وصفه الاسطورة بيليه بأنه"أقرب لاعب إلي في كل شيء". ويعتبر بيريز هذه السياسة هي اساس تحقيق النجاحات المالية والكروية، ويقول:"كرة القدم هي اشياء كثيرة ولكن الأهم فيها القدرة على تقديم التسلية والاثارة، ونحن نعتبر انفسنا من الرواد في هذا المجال وروبينيو هو اكثر موهبة صاعدة اثارة ومكانه الطبيعي هو عندنا". وبيريز قال كلاماً مشابهاً في كل صيف منذ انتخابه رئيساً في العام 2000، ففي ذلك العام قدم لويس فيغو، وفي 2001 قدم زين الدين زيدان، وفي 2002 قدم رونالدو، وفي 2003 قدم ديفيد بيكهام، و2004 قدم مايكل اوين، ويعلق قائلاً:"النادي الكبير لا يتعاقد الا مع اللاعب الكبير". لكن هذه السياسة لم تجلب النجاح لأكبر ناد"في العالم"في العامين الاخيرين، وأصبحت بحاجة الى اعادة نظر جذري، فأسلوب ضم نجم كبير واحد وسد الثغرات الاخرى في الفريق بلاعبين ناشئين وصاعدين، اصبح غير مقنع وغير ناجع. ولكن هناك اختلافان جذريان عن أسلوب بيريز السابق وعنه اليوم، فالاول في اختياره النجوم الجدد للفريق، اذ كانت اعمارهم اقرب الى نهاية العشرينات من بدايتها، لكن روبينيو اصلاً لا يعد نجماً حقيقياً من الوزن الثقيل، فهو لا يزال في الحادي والعشرين من العمر، اي انه لاعب صاعد معرض لكثير من الاخطاء والى تذبذب المستوى وبحاجة الى تعلم الكثير، وعلى رغم انه ظهر على الساحة بقوة قبل نحو ثلاث سنوات وأسهم في إحراز سانتوس بطولة الدوري البرازيلي للمرة الاولى في ثلاثة عقود، لكنه في الموسم التالي تذبذب مستواه بشدة وامضى اربعة اشهر من الموسم من دون تسجيل اي هدف، وكانت عروضه متواضعة مع منتخب البرازيل دون 23 عاماً، حيث فشل في التأهل الى دورة الالعاب الاولمبية. والامر الثاني في اسلوب بيريز المختلف، هو تعامله مع مدربي الفريق، ففي المواسم الاولى لتسلمه رئاسة النادي كان يعامل المدرب على انه شخص مكلف تنفيذ اوامره، فثلاثة من المدربين الاربعة الذين عينهم في السابق كانوا اما مساعدي مدربين او مدربي فرق الشباب، كفسينتي دل بوسكي وماريانو غارسيا رامون وكارلوس كيروش، وتركوا الفريق بعد فترات وجيزة، على رغم نجاح بعضهم دل بوسكي احرز كأس دوري ابطال اوروبا وبعدها باسابيع قليلة أقيل، فيما كان الرابع خوسيه انطونيو كماتشو، نظامياً وجدياً في تعامله، فأيضاً لم يصمد سوى اربعة اشهر. لكن بيريز الآن ذهب إلى أقصى الليونة في التعامل والصبر على المدرب، ففي نهاية العام الماضي عين البرازيلي واندرلي لوكسمبورغو واعطاه صلاحيات كبيرة كان يحلم بها سابقوه، واهداه ضوءاً اخضر للجم نجومه، وعلى رغم تواضع النتائج الموسم الماضي، الا ان الكلمة الاولى والاخيرة في اقصاء لاعبين وجلب جدد اصبحت للوكسمبورغو، فوالتر صامويل أحد النجوم الجدد الموسم الماضي، اصبح الضحية الاولى هذا الموسم، الى جانب سانتياغو سولاري والمفاجأة الكبرى لويس فيغو، اذ وجدوا مكاناً جديداً لهم في انتر ميلان. وعن التخلي عن فيغو قال المدرب البرازيلي ببساطة:"لا مكان للجناح في الكرة العصرية". فطريقة لعب لوكسمبورغو تعتمد اساساً على تقدم المدافعين الايسر والايمن، بحسب خطة 4-2-2-2 التي انتهجها الموسم الماضي، إذ يحظى اللاعبون الاربعة في المقدمة بحرية الحركة واللعب، وهي طريقة شبيهة جداً لطريقة لعب المنتخب البرازيلي في كأس القارات الاخيرة، عندما تألق الرباعي ادريانو ورونالدينيو وروبينيو وكاكا. لكن مشكلات كثيرة ستواجه لوكسمبورغو في محاولته لتقليد الطريقة البرازيلية، لأنه ببساطة لا يملك مواهب الاربعة في منتخب البرازيل، على رغم تعدد البرازيليين في فريقه، فالرباعي الهجومي في ريال مدريد مكون من مواهب مختلفة لا ترق الى مواهب المنتخب البرازيلي، فرونالدو لا يبذل الجهد الكبير الذي يبذله ادريانو، وزيدان لا يملك طاقة وحيوية رونالدينيو، والبرازيلي الجديد بابتيستا لا يملك الرؤية والحنكة التي يتمتع بهما كاكا، اما روبينيو فانه يتألق دائماً بوجود كاكا ورونالدينيو الى جانبه. والمشكلة الهجومية في خطة اللعب هي ذاتها في الدفاع، اذ ان مدافعي البرازيل الايمن والايسر في كأس القارات اللذين يقومان بالاغارات الهجومية، هما جيلبيرتو وسيسنيو في ال28 وال25 من العمر على التوالي، بينما مدافعا ريال مدريد ميشيل سالغادو وروبرتو كارلوس في الثلاثينات من العمر، وقد يفتقدان الى اللياقة والحيوية الكاملة للقيام بهذا الجهد طوال مدة المباراة. وستكون نتائج مباريات ريال مدريد، وانجازاته في نهاية الموسم، المقياس الرئيس لجماهير النادي التي لن تحكم فقط على المدرب لوكسمبورغو فحسب وانما ايضاً على مستقبل الرئيس بيريز الذي تعتبر سنواته الخمس في قمة هرم النادي الملكي ليست انجح من سنوات سلفه لورينزو سانز.