وجد القس ستيفن سايزر ناشراً في بريطانيا لكتابه"المسيحيون الصهيونيون والطريق الى ارمجدون"هو دار فارستي برس، غير انه لم يجد بعدها ناشراً له في الولاياتالمتحدة حيث للمسيحيين الصهيونيين نفوذ يجعل كثيرين يترددون في مواجهتهم. وقال سايزر في حفلة تقديم الكتاب إن اثنين من قادة المنظمات المسيحية الصهيونية انتقدا الكتاب الذي يفضح الجماعة، فكراً دينياً وممارسة سياسية، وطالب أحدهما المؤلف بتغيير بعض المادة في كتابه، مهدداً برفع قضية عليه أمام المحاكم إذا لم يفعل، وهدد الثاني أيضاً برفع قضية، إلا أن سايزر رفض تغيير شيء ودعمته دار النشر. بما ان الدكتور سايزر كان نشر كتيباً عن الموضوع قبل أشهر، فإن غلاة الصهيونيين هاجموا الكتاب قبل أن ينشر وكذلك مؤلفه... واختار جيفري ألدرمان، وهو صهيوني متطرف من أسوأ الأنواع، أن يتهم في زاوية له في جريدة يهودية تصدر من لندن جامعة مدلسكس بمنح سايزر دكتوراه لكتابته"لا شيء أكثر من تحامله الديني الذي ألبسه قناعاً أكاديمياً". ماذا عن تحامل الدرمان الديني؟ وماذا عن تأييده حكومة مجرمة في اسرائيل تقتل النساء والأطفال؟ كان الدكتور سايزر كتب أطروحة الدكتوراه لكلية أوك هيل، وهي كلية تدريب لاهوتية لكنيسة انكلترا، معتمدة من جامعة مدلسكس حيث كان الدرمان نائب رئيس مسؤولاً عن ضمان مستوى الدراسة بين 1994 و1999، وهو الآن أستاذ شرف في الجامعة. وأبدى الدرمان قلقه في جريدة"جويش كرونكل"وزعم ان أطروحة الدكتوراه جزء من رد الفعل ضد المسيحيين الصهيونيين. ولمح الدكتور سايزر والجامعة الى ان موقف الدرمان سببه تفكيره الشخصي والسياسي لا المستوى الأكاديمي. والتقط ملحق التعليم العالي في جريدة"التايمز"القصة، ونقل عن سايزر قوله ان البروفسور الدرمان"رجل غاضب أزعج كثيرين من الناس في مؤسسات أكاديمية عدة، ولا استغرب لجوءه الى هذه الطريقة، لأن أسهل طريقة لتسخيف انتقاد اسرائيل هي تسخيف من ينتقدها". وزاد سايزر انه إذا فشلت محاولة الانتقاص من حجة انسان يبحث عن أساليب أخرى، فالذين انتقدوا حكومة شارون تعرضوا لتشكيك في صدقيتهم. وكان سايزر قدم أطروحته للفحص أمام اندرو ووكر، أستاذ اللاهوت في كنغز كولدج، ودونالد واغنر، أستاذ الدين ودراسات الشرق الأوسط في جامعة نورث بارك في شيكاغو، وهو أيضاً المدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الأوسط فيها. وقال البروفسور ووكر لملحق"التايمز"ان من الغريب أن أستاذاً معروفاً بعلاقاته الصهيونية يهاجم الأطروحة لموقفها السياسي، فالسؤال ليس هل هي مع الفلسطينيين، أو حتى إذا كانت أطروحة عظيمة، بل مستوى الأفكار فيها. وهو انتقد ان يغلف الدرمان موقفه السياسي بالحديث عن المستوى الأكاديمي لأطروحة لم يفحصها. ورد الدرمان بالزعم ان الدكتور سايزر جعل الموضوع شخصياً. أرجو من القارئ أن يقرأ الفقرة السابقة مرة أخرى، فهي أسلوب ليكودي شاروني معروف في نقل التهمة الى الطرف الآخر. والدرمان في تطرفه الصهيوني حمل على سايزر، ثم اتهم سايزر بما فيه، تماماً مثل"معلمه"آرييل شارون الذي يقتل النساء والأطفال، ويأكلهم لو استطاع، ثم يتهم الفلسطينيين بالارهاب. بما أنني لست بروفسوراً في اللاهوت أو غيره، ولا أحتاج أن أزِنَ كلامي بميزان ذهب، فإن رأيي هو ان كل من يؤيد السفاح شارون يصبح شريكاً في جرائمه ودم النساء والأطفال على يديه. وما سبق من كلامي غير الأكاديمي ينطبق أيضاً على الصهيونية ميلاني فيليبس التي أجد ما تكتب قذى في جريدة"الديلي ميل"التي أحب كل شيء آخر فيها. فيليبس انتقدت سايزر، وهي عادت الى موقف قديم ومعروف لها، ففي 16 شباط فبراير 2004 كتبت مقال الغلاف في مجلة"سبكتيتور"وكان بعنوان"مسيحيون يكرهون اليهود"، وهاجمت فيه المطران رياح أبو العسل، رئيس أساقفة الكنيسة الانغليكانية في القدس، والأب نعيم عتيق، مدير مركز السبيل اللاهوتي في القدس، ومطران اكستر ديفيد ايسون وآخرين. أعرف رياح أبو العسل وشقيقه روحي منذ أيام المراهقة الأولى، وأرفض أن أقارن بين طهارته ورجال الدين الآخرين ونجاسة ميلاني فيليبس، فرأيي فيها من رأيي في جيفري الدرمان وبقية عصابة التطرف الديني والسياسي التي تشجع حكومة النازيين الجدد في اسرائيل وتمنع تحقيق سلام مع الفلسطينيين، مع أن غالبية اليهود في اسرائيل وحول العالم طلبت السلام دائماً. فيليبس هاجمت سايزر وقالت انه يشن حملة على المسيحيين الصهيونيين. ويبدو انها اتصلت به بزعم طلب معلومات عنهم قبل كتابة مقالها، وقد حاول مساعدتها، ثم رد عليها في المجلة الناشرة برسالة طويلة رفض فيها بشدة اتهام فيليبس له بأنه لا سامي لمجرد انه يعتبر اسرائيل دولة عنصرية تمارس الفصل العنصري. أنا أرى اسرائيل كذلك، وأسوأ من ذلك بكثير مع وجود مجرم الحرب شارون رئيساً للوزراء، ووجود اعتذاريين متطرفين على جانبي المحيط الأطلسي يتسترون على جرائم حكومة شارون ويشجعونها على ارتكاب المزيد. غير ان موضوع هذه الحلقات المسيحيون الصهيونيون ونفوذهم في السياسة الخارجية الأميركية، وأسجل في النهاية ما سجلت في البداية، فالرئيس جورج بوش يشاركهم ايمانهم، وهم قاعدته الانتخابية الأساسية، وهو يمارس فينا سياسة الإيمان، لا المعلومات والتحليل، يعني"دايرها ربانية"، الا انه أفضل منهم جميعاً فهو لم يخطئ يوماً بحق الإسلام أو المسلمين، وفصل بين الغالبية المسلمة المسالمة، والأقلية الارهابية، كما نفصل نحن بين الغالبية اليهودية التي تريد السلام والأقلية المتطرفة. وأعتقد بأنني قرأت كثيراً عن المسيحيين الصهيونيين حتى تأثرت بأفكارهم لأنني أعتقد بأن الوضع في الشرق الأوسط سيسوء كثيراً بسببهم قبل أن يتحسن... هذا إذا تحسن.