حمل العام الفائت الى البحرينيين ملفات ومسائل عدة، كان أبرزها اقتراح فصل الجنسين في جامعة البحرين الذي تقدم به النائب الإسلامي جاسم السعيدي. ومن فشل الكتل الليبيرالية في منع تمرير الاقتراح في مجلس النواب الى التظاهرات المؤيدة للفصل وتلك الرافضة له، أثار هذا الموضوع أسئلة جدية ومخاوف كامنة حول الغاية من هذا الاقتراح، وإذا ما كان الأمر سيتوقف عند هذا الحد، أم أنه لن يكون سوى أول الغيث نحو تضييق أوسع على الحريات العامة. جولة سريعة في حرم الجامعة الواقعة في مدينة عيسى تظهر الاختلاف العميق على جدوى هذا الفصل، وتعكس آراء الطلاب من مختلف البيئات المتناقضة. منال 19 سنة طالبة في قسم الآداب أيّدت الاقتراح مؤكدة ضرورة العمل بما"أنزل الله وأمر به..."وذلك بغية تجنّب الانحراف الذي يولّده الاختلاط. وتختلف عبير 19 سنة عن زميلتها، مستغربة إثارة هذا الأمر اليوم"فالاختلاط ليس إلا أمراً بديهياً وطبيعياً"، وأضافت:"نحن في القرن الواحد والعشرين ولا نزال نسمع أصواتاً تريد العودة بنا الى الوراء". هاني21 عاماً يدرس الفنون أكد ان الجامعة هي المكان الأمثل للاحتكاك بالشريك الآخر الذي سيصبح يوماً ما زوجاً،"فحري بنا التعرف اليه اليوم". أما عن إمكان حدوث تجاوزات أو أفعال تخدش الحياء، فقال:"يمكن لهذه الأمور ان تحدث في أي مكان، وليس الاختلاط شرطاً، بل يعود الأمر الى مسؤولية الطالب ووعيه الاجتماعي". أما حسين فيؤيد فصل"الذكور عن الإناث"وذلك"منعاً لحدوث الفتنة"لا سيما"أن عدداً من الطالبات يرتدين الثياب المثيرة". حاضنة الكل أحد الأساتذة اعتبر الموضوع"مسألة حق يراد بها باطل"، فهناك"فئة تستفيد من المساحة الديموقراطية لتستغل حرية الرأي والتعبير، ثم تعود في النهاية لتفرغ الديموقراطية من مضمونها وبالتالي إسقاطها تمهيداً لنظام أوتوقراطي". مهما يكن من أمر، تحول عقبات عدة دون تنفيذ اقتراح الفصل، إذ يتعين على وزارة التربية والتعليم تجهيز قاعات دراسية للبنات، وتوفير أعداد كبيرة من الأكاديميين والفنيين اضافة الى هيئات إدارية وتعليمية، الأمر الذي يكلف مبالغ طائلة. هذا من الناحية الأكاديمية والفنية، أما من الناحية القانونية فتعتبر الجامعة حاضنة لمختلف البحرينيين من دون تمييز على أساس الجنس. ومن شأن الفصل بين الطلاب والطالبات أن يحوّل المشاعر الفطرية والتسليم الطبيعي بوجود الجنس الآخر و"حضوره"الى مسألة معقدة ومركبة تدخل في نطاق ال"تابو"المحرمات. هذا الفصل إذا ما تم، من شأنه أن يؤصّل مشكلة التمييز، ويوسّع الفجوة في جدار المساواة بين الجنسين."وكأنما نعالج مسألة التمييز ضد المرأة بتمييز آخر يضاف اليه". هذا ما ختمت به زينب طالبة الحقوق في جامعة البحرين.