احتضن استاد "سانتياغو برنابو" الخاص بفريق ريال مدريد الاسباني منذ عهد رئاسة فلورنتينو بيريز "استوديو هوليوود" نجوم كرة القدم في العالم. وشكل السيناريو الدائم لإخراج الاثارة الموعودة في المباريات منح أكبر عدد منهم دور البطولة الميدانية، من أجل استعراض مهاراتهم الفنية بمساحة الحرية الأكبر على المستطيل الأخضر. وهكذا سرت الأمور بالنسبة للبرتغالي لويس فيغو عام 2000 والفرنسي زين الدين زيدان 2001 والبرازيلي رونالدو 2003 والانكليزي دايفيد بيكهام 2003، وذلك بغض النظر عن النتائج المحققة، لكن السلسلة قُطعت بانتقال المهاجم الانكليزي الآخر مايكل أوين من ليفربول قبل ستة أشهر، إذ لازم مقاعد الاحتياط في غالبية المباريات. وفي وقت بدا أن الأهداف الستة التي سجلها أوين 25 عاماً في ثماني مباريات خاضها في البطولة المحلية، والتي عكست فاعليته العالية التي لا غبار عليها أصلاً في التسجيل، تكفي لتكريس تمرده من "استوديو هوليوود" ذاته، إلا أن القيمين على "الإخراج" أبقوا على دور البطولة الثانوية الممنوح له. وانتفض أوين بعفوية على "الإخراج" السيئ لنجوميته عبر مخالفة ترتيبات مؤتمر صحافي خصصه النادي المدريدي العريق له، عقد لأهداف تسويقية في الدرجة الأولى، وأعلن أن طبيعة علاقته بكرة القدم وطموحاته فيها لا تسمح له بتجسيد نموذج "اللاعب السعيد" بالوجود على مقاعد الاحتياط، "من هنا أتطلع إلى تحسين وضعي بأسرع وقت ممكن". ضحية "الهوس التسويقي" والأكيد أن أوين تسلح بمعرفته أن ناديين إنكليزيين على الأقل يسعيان إلى الحصول على خدماته على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم، لكن وضعه في صفوف ريال مدريد لا يوفر له مجالات المناورة الكبيرة لتحويل رغباته بالتغيير إلى واقع، خصوصاً أنه يخضع مباشرة ل"هوس" الجهازين الإداري والفني في تسويق العلامة التجارية للفريق والذي يرتكز في الدرجة الأولى على رمز الكرة البرازيلية رونالدو والبطل المحلي راوول غونزاليس الذي احتفظ بموقعه كقائد للتشكيلة الأساسية على تراجع نسبة أهدافه. والتزم البرازيلي واندرلي لوكسمبورغو، المدرب الثالث الذي تولى مهمة الإشراف على الفريق في الأشهر الستة الأخيرة بعد خوسيه أنطونيو كاماتشو وماريانو غارسيا ريمون، ب"الاخراج" المعتمد على "الهوس التسويقي" بحذافيره، عبر اختيار اللاعبين استناداً إلى رموز الشهرة العالمية التي يجسدونها وليس الفاعلية المطلوبة على أرض الملعب. وجعل ذلك "شرف" الدفاع عن ألوان الفريق أمراً ثانوياً وبمثابة قطعة مطاط تتجاذبها أهداف غير رياضية، من دون مراعاة مخاطرها على مصالح اللاعبين أنفسهم، ومن بينهم اوين الذي يساوره قلق حقيقي من إمكان تأثير وضعه الحالي على حظوظ مشاركته مع منتخب بلاده في مونديال ألمانيا العام المقبل. ولا يخفى أن معطيات "الإخراج" الأساسية تحددها "رؤية" الرئيس بيريز والذي ابتدع اخيراً معادلة "الادارة الملونة بالجنسيات الكروية المختلفة" عبر تعيين الايطالي أريغو ساكي في منصب المدير الفني، والأسطورة المحلية اميليو بوتراغوينو معاوناً له، والبرازيلي لوكسمبورغو مدرباً. ونتبين بالتالي التغير الواضح ل"رؤية" بيريز من خلال اعلانه لدى تقديمه أوين الى الجمهور الصيف الماضي، ان الاخير يملك مواصفات المقاتل المدريدي الحقيقي، قبل ان يتراجع عن تصريحاته مع انطلاق المنافسات الموسمية ويعود ليصفه ب"القاتل المثالي" في أعقاب تسجيله أهدافه الستة. الا ان ذلك لم يمنع استمرار التقويم العام لأوين باعتباره "الجوكر" وفنان الدرجة الثانية خلف راوول ورونالدو. خيارات لا تلبي الطموحات وفي شأن الخيارات الانكليزية المتوافرة لانتقال محتمل لأوين في المراحل الباقية من الموسم الحالي او الموسم المقبل، فهي تشمل فريقه السابق ليفربول الذي انتقد الخبراء الكرويون اخيراً عروضه الاكثر سوءاً منذ اعوام عدة بإشراف المدرب الاسباني رافاييل بينيتيز، انطلاقاً من ان عقد مغادرته صفوفه تضمن امكان اعادة شرائه. وتتجسد الخيارات ايضاً في نيوكاسل وبيرمنغهام، لكنهما لا يوفران أرضية المنافسة الا على احتلال مراكز في وسط ترتيب البطولة. وهو ما كان فرض انضمام اوين الى ريال مدريد بعدما أمضى مواسم قاحلة كثيرة مع ليفربول على رغم تسجيله 118 هدفاً في 216 مباراة دافع فيها عن ألوانه. اما الخيارات المرتبطة بفرق الصراع الثلاثي الحالي على اللقب، وهي: تشلسي وآرسنال ومانشستر يونايتد فغير مضمونة. ويضم مانشستر عدداً كبيراً من المهاجمين وهم: الهولندي رود فان نيستلروي وواين روني والاسترالي آلن سميث والفرنسي لويس ساها في الهجوم، في حين يتطلع في الدرجة الاولى إلى إنجاز صفقة انتقال قائد ليفربول الحالي ستيفان جيرار إلى صفوفه. ويمكن أن يشكل أوين الثنائي المكمل للفرنسي تييري هنري في خط هجوم آرسنال، كما يستطيع أن يجرد ماتيجا كيزمان والايسلندي ايدور غودجنسون من أحد مركزين رئيسيين في خط هجوم تشلسي باعتبار أن فاعلية المركز الثاني يجسدها ديدييه دروغبا بنجاح. وبالعودة إلى ريال مدريد، فلا يتوقع أحد صمود أوين على مقاعد الاحتياط "الباردة" أكثر من موسم. ولعله بات يتحسر اليوم على ترك صفوف ليفربول الذي يردد أنصاره الشعار الشهير "لن تمشي وحيداً أبداً"، إذ إنه يحارب وحده على جبهة المحافظة على وجوده الكروي.