أسمع الأخ أبو مازن والأخ خالد مشعل يقولان الشيء ونقيضه، وأجد ان كلاً منهما على حق، وأحمدُ ربّي على انني لست في موقع المسؤولية لأقرّر. الرئيس الفلسطيني يقول ان كل السلاح يجب ان يكون في يد السلطة، وان العنف يجب ان يتوقف، وأقول انه مصيب في كلامه. والمقاومة الإسلامية تقول ان المقاومة دفاع ضد الاحتلال، وان حكومة شارون تغتال وتدمّر، حتى إذا لم تكن هناك مقاومة، كما فعلت في هدنة صيف 2003، وإذا كان المقاوم الفلسطيني سيواجه القتل في بيته بين أطفاله ومعهم، فالأشرف له ان يُقتل وهو يقاوم الاحتلال. وأسمع هذا وأقول للاخوان معكم حقّ. لو كان الأمر في يدي لما كان هناك عنف أو حرب في أي بلد، فأنا شخصياً ضد كل حرب وضد العمليات الانتحارية / الاستشهادية، وضد استعمال السلاح حتى دفاعاً عن النفس. الا ان هذا رأيي، وهو رأي أقلية، فالعنف في الأراضي الفلسطينية سببه جرائم حكومة شارون التي تصرّ على القتل والتدمير، وتصرّ ان يقبل الفلسطينيون جرائمها من دون ردّ. إذا كان لدوامة العنف ان تنتهي، فهي يجب ان تنتهي من الجانبين، لأن آرييل شارون مسؤول عن صواريخ القسام قبل مطلقيها، وعن العمليات الانتحارية قبل منفّذيها. وعندي على جرائم حكومته أمثلة من مصادر غربية واسرائيلية فقط: - تقرير البنك الدولي الذي صدر في تشرين الأول أكتوبر الماضي بالتعاون مع المكتب المركزي الفلسطيني للاحصاءات أظهر ان دخل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة تراجع بمعدل الثلث منذ 1999، وان البطالة ارتفعت من 10 في المئة الى 26 في المئة، وان ما بين 61 في المئة و72 في المئة من الأسر الفلسطينية يعيش دون حد الفقر. وقدّرت جامعة جنيف في دراسة للأحوال المعيشية في الأراضي المحتلة ان 58 في المئة من الفلسطينيين"فقراء". وفي حين يتلقى 68 في المئة من الفلسطينيين المحتاجين مساعدة فإن 32 في المئة لا يتلقون أي مساعدة. - القضية الفلسطينية ليست مساعدات، بل قضية وطن، والمؤتمر الذي دعا إليه رئيس الوزراء توني بلير في لندن كان في الأصل سياسياً، الا ان رئيس وزراء اسرائيل أعلن معارضته ومقاطعته، وتحوّل المؤتمر فجأة الى حفلة لجمع التبرعات. لن يُرشى الفلسطينيون بألف مليون دولار أو ألفين، والواقع ان من أصل ألف مليون دولار تتلقاها السلطة الوطنية على شكل مساعدات تقدّم الدول العربية والشعوب 80 في المئة، وأكثر هذا الجزء من المملكة العربية السعودية والشعب السعودي وتقدّم أوروبا واليابان البقية، في حين تربط الولاياتالمتحدة كل مساعدة بمطلب اسرائيلي. - منذ بدء الانتفاضة في أيلول سبتمبر من السنة ألفين اغتالت اسرائيل 238 فلسطينياً، بزعم انهم"إرهابيون"، من دون وجود أي قرار اتهام في حق أحد منهم. وهي قتلت في عمليات الاغتيال هذه 186 مدنياً، بينهم 26 امرأة و39 طفلاً. تعود هذه الاحصاءات الى تشرين الأول الماضي ما يعني انها أكثر مع نشر هذه السطور. - بين القتلى سناء المغير، 16 سنة، وشقيقها أحمد، 13 سنة، على سطح بيتهما في رفح، وإيمان الهمص وعمرها 13 سنة وأصيبت بأكثر من 20 رصاصة وهي ترتدي الزيّ المدرسي، وأطلق ضابط اسرائىلي رصاصتين في رأسها وهي جريحة، والطفلة رنا صيام، بنت السابعة في خان يونس. - في تسعة أيام فقط من عملية"أيام الندم"في تشرين الأول التي شملت شمال قطاع غزة وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون ورفح قتلت اسرائيل 98 فلسطينياً بينهم 20 ولداً دون الثامنة عشرة، وأكثر من 350 جريحاً. وقتلت قنبلة واحدة في 30 أيلول عشرة أشخاص قرب مخيم جباليا، كان بينهم ثمانية أطفال، واستمر قتل الاطفال مع بدء العام الجديد. ففي الرابع من هذا الشهر قتلت قنبلة اسرائىلية سبعة أولاد من أسرة الغبن، تراوح أعمارهم بين 11 عاماً و18 عاماً، وجرحت 11 ولداً آخر، في بيت لاهيا. - القتل رافقه تدمير واسع ومنظمة مراقبة حقوق الانسان قالت في بيان رسمي ان اسرائيل دمرت ألوف البيوت الفلسطينية بطريقة غير مشروعة، وشردت 16 ألف شخص. وقالت المنظمة ان اسرائيل تنتهك القانون الدولي الذي يحمي المدنيين في حالة الحرب. - في يومين فقط، هما 17 و18 من الشهر الماضي دمّرت اسرائيل 40 منزلاً في مخيم خان يونس، ثم أصدر الجيش الاسرائىلي بياناً يسمح للسكان بالعودة الى"بيوتهم". وقتل في العملية 11 فلسطينياً وجرح 47 آخرون. - أربعة قادة سابقين للأمن الاسرائيلي هم: ابراهام شالوم ويعقوب بيري وكارمي غيلون وآمي يعالون اتهموا شارون بقيادة اسرائيل نحو"حافة الهاوية"، وأصبحوا الآن يقودون حركة سلام. واللفتنانت جنرال موشى يعالون، رئيس أركان الجيش الاسرائىلي، قال ان سياسة الحكومة في قمع الفلسطينيين أضرّت بأمن اسرائيل بدل تعزيزه. وقبل ذلك كان الكولونيل المتقاعد ايتان رونيل أعاد إشارات رتبته العسكرية الى القيادة وأرفقها برسالة ملأى بالمرارة قال فيها ان الحياة البشرية فقدت قيمتها وشرف السلاح ضاع. - رفعت ناشطتان يهوديتان أميركيتان هما: كيت رفائيل بندر وكيلي مينيو - باليتو قضية لمنع إبعادهما من اسرائيل، وقالت بندر التي تخوض حملة شخصية ضد الجدار الأمني ان احتلال اسرائيل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة غير شرعي بموجب القرار 242، ومع ذلك فالولاياتالمتحدة تدعم الاحتلال ب13 مليون دولار أميركي كل يوم. ومن ناحية أخرى، فكل تظاهرة أو تجمع نظّمته جماعات السلام الاسرائىلية ضد الجدار العنصري ضمّت اعداداً تفوق كثيراً توقعات المنظمين. وأخيراً، أنا أسجّل هنا جرائم حكومة شارون، وهي حكومة متطرّفة من مستوى نازي، الا انني أقدّر ان كثيراً من معلوماتي مصدره يهود واسرائىليون من أنصار السلام، وان هؤلاء بين أفضل المدافعين عن الفلسطينيين، وشكرهم واجب.